برعاية خادم الحرمين.. مفتو الأمة وعلماؤها يجتمعون لتنسيق المواقف وتعزيز الوحدة الإسلامية
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبمشاركة كبار مفتي الأمة الإسلامية وعلمائها من جميع المذاهب والطوائف من أكثر من 90 دولة، انطلقت الخميس في مكة المكرمة أعمال النسخة الثانية من المؤتمر الدولي «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» الذي دعت رابطة العالم الإسلامي إلى انعقاده هذا العام، تحت عنوان «نحو مؤتلفٍ إسلاميٍّ فاعِل»، وذلك بهدف وضع برامج عملية لوثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية، وتنسيق المواقف لمواجهة التحديات والمخاطر المشتركة.
واستهلَّ المؤتمرُ أعماله بكلمة مفتي عام المملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي رئيس مجلس المجمع الفقهي الإسلامي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، التي ألقاها نيابةً عنه الأمين العام لهيئة كبار العلماء الدكتور فهد الماجد، وقال مخاطباً المؤتمرين: «إنَّ مسؤوليتكم عظيمة في أنْ يعلو صوت الحكمة الذي يحفظ للأمة وحدتها، ويعالج مشكلاتها وقضاياها»، مشدداً على أنَّ ما يواجهه العالم الإسلامي ينبغي أنْ يكون سبباً لجمع الصف، والبعد عن تبادل الاتهامات والإسقاطات والاستقطابات، والعمل على توثيق الصلة، وبناء الثقة، وشد أواصر الأخوة.
وأكَّد المفتي العام أنَّ مؤتمر «بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» في نسخته الثانية يمثل أنموذجاً مهمّاً يتعلَّق بالشأن الإسلامي المذهبي في ما يجب من سِلمِه العلمي والفكري، والتحذير من نزعات صدامِه وصراعِه التي زادت في متاعب الأُمّة.
وخلال كلمته، أكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى أنَّ «الاختلاف والتنوع سُنَّةٌ ربانية كونية، وهو في الداخل الإسلامي من قرون»، محذراً من أنَّ «المسارات السلبية للسجالات المذهبية لم تقتصر مآسيها على فاعليها، وإنما امتدَّ شررها إلى النيل من الإسلام والمسلمين في وقائع مؤلمة دوَّنها التاريخ في صفحاته المظلمة».
وأوضح أنَّ «لكلِّ مذهبٍ أو طائفة خصوصيَّته التي يدين الله بها، ومن حقِّه أنْ يعيش بها بكرامة الإسلام»، مشدداً على أنَّ «التآخي في التعايُش، بل والتضامن المطلوب لا يعني بالضرورة القناعة بخصوصية الآخر، بل تفهمها واحترام وجودها، ويعني كذلك أنَّ مظلة الإسلام واحدة، وأُخوّته قائمة، وأنَّ المُشتَرك واسع».
من جانبه، وصف الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في إيران الدكتور حميد شهرياري «وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية» بأنها ذات نصٍّ علميٍّ عميق، وتمَّت صياغتها على مستوى عالٍ من الفكر المبني على الأدلة الميدانية، والمعرفة الاجتماعية المتقدمة، مؤكداً أنَّ الظروف التاريخية التي يعيشها المسلمون تجعل الواجب الأساسي للعلماء والمرجعيات الدينية هو إظهار أنَّ كلَّ مواطن من أبناء الأمة الذي يشهد الشهادتين هو جزءٌ من الأمّة الإسلامية.
فيما شدَّد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه في كلمته على أنَّ الوحدة واجب ديني، ومسؤولية تاريخية، داعياً إلى التحلي بالشجاعة لنبذ الخلافات، وتعزيز أواصر الأخوة، والعمل معاً نحو رؤية موحدة تُعيد للأمة مجدها، وتستعيد بها دورها الريادي بين الأمم.
من جانبه، أكد رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي عضو المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي عضو المجمع الفقهي الإسلامي الشيخ عبدالله بن بيه أهمية الوحدة الإسلامية على أُسُسِها الجامعة، متطرقاً إلى جملةٍ من الجسور المعينة على الوصول إلى هذه الوحدة.
وشدَّد وزير العدل الأفغاني المولوي عبد الحكيم شرعي على أنَّ التفاهم والتعاون بين أئمة المذاهب الإسلامية وعلمائها أمرٌ ضروري وحيوي لتحقيق الأهداف المُشتَركة، خصوصاً في القضايا الكبرى التي تتطلَّب وحدة الرأي الشرعي.
بدوره، أكَّد الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الإسلامي الدكتور أبو القاسم الديباجي أنَّ المؤتمر يُمثِّل محطةً فارقةً على طريق تعزيز الوحدة بين أبناء الأمة الإسلامية، مبيناً أنَّ تحقيق الوحدة يتطلَّب تجاوز الاختلافات الثانوية، والتركيز على القواسم المشتركة التي لا يختلف عليها أحد.
كما تحدَّث أيضاً في افتتاح المؤتمر رئيس مجلس الشورى الشعبي في إندونيسيا السيد أحمد مزاني، ورئيس المجمع الفقهي العراقي الدكتور أحمد حسن الطه، ورئيس المشيخة الإسلامية المفتي العام لجمهورية ألبانيا الشيخ بويار سباهيو، والوزير الفيدرالي للشؤون الدينية والوئام بين الأديان في باكستان شودري سالك حسين.
وعقب حفل الافتتاح، عقدت الجلسة الرئيسية للمؤتمر بعنوان «نحو مؤتلَفٍ إسلاميٍّ فاعِل»، كما عقدت أيضاً جلسة «فقه الاختلاف وثقافة الائتلاف». وتتواصل أعمال المؤتمر من خلال 4 جلسات تتناول: «مقومات الائتلاف الإسلامي»، «ميادين العمل المشترك بين المذاهب الإسلامية وفق وثيقة بناء الجسور»، «قضايا الأمة وتنسيق المواقف»، و«مسيرة الحوار الإسلامي – الإسلامي».
ومن المرتقب أنْ يشهد المؤتمر جلسةً ختاميةً سيتم فيها الإعلان عن البيان الختامي للمؤتمر، وتدشين «موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي» التي أعدَّها مركز الحماية الفكرية بالمملكة العربية السعودية، لتكون خارطةَ طريقٍ في مفاهيم المُشترَك الإسلامي الجامع.