واشنطن تنهي الإعفاءات الممنوحة للعراق لشراء الكهرباء من إيران
قال مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الخارجية فرهاد حسين إن عدم تجديد الإعفاء من العقوبات الأميركية للعراق لشراء الغاز من إيران لتشغيل محطات الكهرباء يتسبب في تحديات تشغيلية مؤقتة. وأضاف وفقاً لوكالة رويترز أن العراق ملتزم بهدفه الاستراتيجي في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن إدارة الرئيس دونالد ترامب أنهت الإعفاءات الممنوحة للعراق لشراء الكهرباء من إيران، وذلك ضمن حملة "أقصى الضغوط" التي ينتهجها الرئيس دونالد ترامب تجاه طهران. وأضافت الوزارة في بيان نشرته وكالة رويترز اليوم الأحد، أن قرار عدم تمديد الإعفاء الممنوح للعراق عند انتهاء صلاحيته "يضمن عدم السماح لإيران بأي قدر من الإغاثة الاقتصادية أو المالية" مشيرة إلى أن حملة ترامب تجاه إيران تهدف إلى "إنهاء تهديدها النووي وتقليص برنامجها للصواريخ الباليستية ومنعها من دعم الجماعات الإرهابية".
وانتهى الإعفاء من العقوبات على العراق، لاستيراد الغاز الإيراني، أمس السبت، الثامن من مارس/آذار. ويعتمد العراق على سلسلة طويلة من الإعفاءات الأميركية المتعلقة بالتعامل مع إيران، إذ تَمنح واشنطن العراق إعفاءات لاستيراد الغاز من إيران لتشغيل محطات كهرباء بواقع 90 يوماً أو 120 يوماً، لكن القرار الجديد للرئيس الأميركي، يعني إيقاف منح مثل هذه الإعفاءات الخاصة.
وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، أحمد موسى في تصريحات سابقة، لـ"العربي الجديد"،"وزارة الكهرباء تعمل منذ فترة طويلة من أجل إيجاد بدائل عن الغاز الإيراني، ولهذا وقعنا عقداً مع الجانب التركمانستاني لتزويدنا بـ20 مليون متر مكعب من الغاز يومياً، إضافة إلى الربط الكهربائي مع دول الخليج، وكذلك الأردن وتركيا، والذي وصل إلى مراحله النهائية، وسيدخل حيز التنفيذ قريباً، وغيره من مشاريع الدورات المركبة والطاقة الشمسية ومشاريع إنتاج الطاقة من تدوير النفايات، فكل هذه المشاريع والخطط سوف تقلل من الاعتماد على الغاز الإيراني بنسبة كبيرة، وسوف تمنع حدوث أي أزمة للطاقة خلال الفترة المقبلة".
وتابع المتحدث باسم وزارة الكهرباء أن "إيقاف الغاز الإيراني بشكل كامل من المؤكد أنه سيكون له تأثير واضح وكبير على توفير الطاقة، لكن في الوقت نفسه الوزارة وضعت خططاً بالتنسيق مع وزارة النفط العراقية من أجل تجهيز المحطات بأكثر كمية ممكنة من الغاز، ووقف حرق الغاز المصاحب، وتأهيل الحقول الغازية الوطنية، وهناك تقدم كبير جداً بهذا الملف".
بينما أكد عضو لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي، النائب علي سعدون اللامي الخميس الماضي، أن العراق "لا يمتلك بدائل في الوقت الراهن عن الغاز الإيراني، من أجل استمرار تشغيل المحطات الكهربائية، وأن اعتماد البلاد على الغاز المحلي يحتاج لأكثر من عامين". وقال اللامي، في تصريحات للصحافيين، إن "هناك عدداً من محطات إنتاج الطاقة الكهربائية تعتمد أساسياً على الغاز الإيراني، وإن انقطاع هذا الغاز أو الاستغناء عنه فجائياً سيؤدي إلى انخفاض ساعات تجهيز الكهرباء في بغداد والمحافظات الأخرى"، مبيناً أن "اعتماد العراق على الغاز المحلي بدلاً عن المورّد من إيران، يحتاج إلى عامين أو أكثر من ذلك".
وشدد على أن "العراق يحتاج إلى الغاز لاستمرار توليد الطاقة الكهربائية، خصوصاً أننا مقبلون على فصل الصيف"، مضيفاً أن "العراق لا يمتلك أي بدائل جديدة في الوقت الحالي، وأن استيراد الغاز والكهرباء من دول أخرى غير إيران، يحتاج إلى وقت يصل إلى أشهر أو أكثر من ذلك".
وأعاد ترامب فرض سياسة "أقصى الضغوط" على إيران باعتبار أنها أحد أول قراراته بعد عودته إلى منصبه في يناير/ كانون الثاني. وفي ولايته الأولى انسحب من الاتفاق النووي الإيراني وهو اتفاق متعدد الأطراف يهدف إلى منع إيران من تطوير أسلحة نووية. وتقول الحكومة الأميركية إنها تسعى إلى عزل إيران عن الاقتصاد العالمي ووقف عائداتها من صادرات النفط بهدف إبطاء تطوير طهران للسلاح النووي. وتنفي إيران سعيها لامتلاك أسلحة نووية وتقول إن برنامجها سلمي.
وفرضت واشنطن سلسلة من العقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي ودعمها للجماعات المسلحة مما جعل الدول التي تتعامل مع إيران غير قادرة على إجراء معاملات تجارية مع الولايات المتحدة. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جيمس هيويت "كان الرئيس دونالد ترامب واضحاً في أنه يجب على النظام الإيراني أن يتخلى عن طموحاته للحصول على سلاح نووي وإلا فسيواجه أقصى قدر من الضغوط. نأمل أن يضع النظام مصالح شعبه والمنطقة فوق سياساته المزعزعة للاستقرار".
ومنح ترامب في البداية إعفاءات لعدة مشترين لتلبية احتياجات المستهلكين من الطاقة عندما أعاد فرض العقوبات على صادرات إيران من الطاقة في عام 2018، مشيراً إلى برنامجها النووي وما تصفه الولايات المتحدة بتدخلها في الشرق الأوسط. وجددت إدارته وإدارة سلفه جو بايدن إعفاء العراق مراراً مع حث بغداد على تقليل اعتمادها على الكهرباء الإيرانية. وكررت وزارة الخارجية الأميركية تأكيد ذلك مرة أخرى أمس السبت.
وأضافت الوزارة: "نحث الحكومة العراقية على إنهاء اعتمادها على مصادر الطاقة الإيرانية في أسرع وقت ممكن. إيران مورد طاقة لا يمكن الاعتماد عليه". وأفادت مصادر لرويترز بأن الولايات المتحدة استغلت مراجعة الإعفاءات جزئياً للضغط على بغداد من أجل السماح بتصدير النفط الخام من إقليم كردستان العراق عبر تركيا. والهدف هو تعزيز الإمدادات في السوق العالمية والحفاظ على استقرار الأسعار مما يمنح واشنطن مجالاً أوسع لمواصلة جهودها في تقييد صادرات النفط الإيرانية.
وكانت مفاوضات العراق مع إقليم كردستان شبه المستقل بشأن استئناف تصدير النفط مشوبة بالتوتر حتى الآن. ومضت وزارة الخارجية الأميركية تقول "تحول العراق في مجال الطاقة يوفر فرصاً للشركات الأميركية التي تعد من رواد العالم في تعزيز كفاءة محطات الطاقة وتحسين شبكات الكهرباء وتطوير الربط الكهربائي مع شركاء موثوق بهم".
وقللت الوزارة من تأثير واردات الكهرباء الإيرانية على شبكة الكهرباء في العراق قائلة "شكلت واردات الكهرباء من إيران في عام 2023 أربعة بالمائة فقط من إجمالي استهلاك الكهرباء في العراق".
(رويترز، العربي الجديد)