الى شهيد الأمة.. دمك اشعل في قلوبنا حرارة وجذوة للمقاومة والشهادة لن تبرد ابدا
سلامٌ على الدم الذي جرى ليحيي أمة، وسلامٌ على القائد الذي لم يكن لذاته، بل كان ضميرًا حيًّا لكل المستضعفين، ولسانًا ناطقًا باسم الأحرار، وسيفًا مشرعًا في وجه الطغاة، السيد حسن نصر الله، هذا الاسم الذي لم يكن مجرد قائد عسكري أو زعيم سياسي، بل كان مشروعًا عالميًا للمقاومة، كان عنواننا للصمود حينما كان هناك حق يُغتصب، وكان نصيرًا لكل ثورة تُبعث من رماد الظلم.
سلامٌ على الدم الذي كتب للأمة عزتها، وسلامٌ على الروح التي صعدت ولم تترك خلفها فراغًا، بل نورًا يهتدي به الأحرار. ها هو السيد حسن نصر الله، الذي ما لان منذ صباه عن درب الجهاد، وما عرف في الحياة راحة إلا في مواجهة الطغيان، يرتقي شهيدًا، لكنه لم يسقط، بل ارتفع، ولم يُهزم، بل انتصر.”
وكما حمل راية فلسطين منذ صباه، حمل راية المظلومين في اليمن، فكان صوتًا صارخًا في وجه العدوان، وكان أول من كسّر جدران الفاقة لبحر أهل اليمن، وكان به المواجهة الممتدة إليهم بالدعم والموقف والكلمة التي لا تخشى الجبارة. لم يكن يرى في اليمن مكوّنًا جغرافيًا، بل كان يرى امتدادًا لبني الأنصار أنصار رسول الله، يستقيم الإسلام حينما ينتصر في السيوف وحينما يُدَم الطاهر بلهب السيف المحجر.
لم يكن السيد الشهيد قائدًا محليًا، بل كان قائدًا عالميًا جنديًا ناطقًا باسم الأمة كلها، من بيروت إلى بغداد، ومن بغداد إلى دمشق، ومن طهران إلى غزة، كانت فلسطين قبلته، وكانت مقاومة الطغيان منهجه، وكانت وحدة الأمة هدفه، فكان حينما ينادي المستضعفين، وكان حينما يسمع الصيحات، وكان حينما سقطت راية ليرفعها بدمه وكلمته وسلاحه.
أيكون الموت خسارة لمن جعل حياته وقودًا لقضية لا تموت؟ فلا هو الريح العابرة التي تخطف ما خف، ولا هو السيف المصلت فوق الأرض، وقضى تحت السماء عابدًا، إن كانت فلسطين في القلب، فما هو القلب إن لم ينفجر نورًا، وإن كان النصر وعدًا، فما هو الوعد إن لم يُعرّب بصفقات الليل بما يعز المجاهدين ودماء الصديقين.
فما فقدناه اليوم ليس مجرد رجل، بل فقدنا مرحلة من مراحل المقاومة، لكن دمه لم يهدر، بل انتصر، وكما انتصر كل شهيد حمل قضية أكبر من حياته، فما هو الشهيد السيد حسن نصر الله إن لم يُقبل بل يرتفع، ولم يُهزم بل يرتفع، ولم يُهزم بل يُخط بدمه طريقًا لا ينتهي إلا بنصر الأمة وزوال الطغاة.
في مدرسة أهل البيت ليست الشهادة غيابًا بل حضورًا، وليست الفقدان خسارة بل اصطفاء، وكما انتصر الحسين عليه السلام وهو وحيد في كربلاء، ينتصر الشهيد السيد اليوم، ليس بسلاح فقط، بل بروحه التي وفقها الله على طريق، طريق ليس للمنطقة فحسب، وإنما للأمة جمعاء، إذن يا فلسطين ويا قدس، إن تأخر الفجر في الانتصار، وإن راية القدس ستظل خفاقة ببركة الدماء الطاهرة.”
نتعاهدك يا صفوة الشهداء في هذا العصر يا حسن نصر الله، أن دمك لن يكون إلا مشعلا على طريق النصر، وأن رايتك لن تُنكّس ما دام في هذه الأمة قلب ينبض بالمقاومة. لقد علمتنا كيف يكون العهد مع الله، وكيف تكون التضحية لأجل القدس، وكيف يكون الجهاد طريق الأحرار، وسنمضي على هذا الدرب، حيث لا تراجع، وحيث لا نصر إلا بالدم، وحيث الحق لا يُؤخذ إلا بالقوة والصبر والإيمان.
وكما كنت أنت سيد الموقف، فإن رفيق دربك وأخيك في الجهاد، سماحة الشيخ نعيم قاسم، يواصل المسير، يحمل الأمانة، ويجيب النهج، ويؤكد أن هذه المسيرة لن تتخلى ولن تحيد عن الهدف الذي رسمته بدمك وكلمتك وسلاحك. نتعاهدك كما نتعاهد، ونتعاهد كل حر في هذه الأمة، أن نبقى حيث كنت، أن نقاتل حيث قاتلت، وأن نجعل دمك الوعد الذي لن ينكث، حتى يرفع لواء النصر فوق المسجد الأقصى، وحتى تتحطم عروش الطغاة على صخرة صبر المجاهدين.
فسلام عليك يا سيد المقاومة، وسلام على كل من حمل رايتك، وسلام على من واصل دربك، وسلام على كل قطرة دم أزهرت في أرض العزة، حتى يكون لنا يوم نرفع فيه رؤوسنا بنصر وعد الله به عباده الصادقين، وإنا على العهد باقون.”