العراق والاستفادة من أزمة كهرباء

العربي الجديد

العراق والاستفادة من أزمة كهرباء

  • منذ 17 ساعة
  • العراق في العالم
حجم الخط:

إن لم يجرِ تغيير مفاجئ لموعد الانتخابات البرلمانية في العراق، فإن الأشهر قليلة حتى موعدها المعلن (أكتوبر/ تشرين الأول 2025)، وستمرّ الكيانات السياسية الراغبة في المشاركة، وكذلك الناخبون، بمنعطف الصيف المزعج لهما، خصوصاً هذا الصيف، فالمتوقّع أن يكون ساخناً ويشهد انقطاعات طويلة للتيّار الكهربائي، بعد الإعلان الجديد للإدارة الأميركية أنها ستوقف الإعفاء العراقي لشراء الغاز الإيراني، الذي يسمح بشرائه خارج العقوبات المفروضة على إيران.
وحسب تقارير حكومية، يُنتج العراق حوالي 27 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية، بالاعتماد على الغاز الإيراني بالدرجة الأساس، غير أن العراق يحتاج ضعف هذه النسبة كي يوفّر طاقةً مستمرّةً على مدار اليوم. ويتعرّض هذا الملفّ بصورة دائمة لانتقادات، ويثير جدلاً متواصلاً، خصوصاً مع موسم الصيف، فبلدٌ نفطيٌّ مثل العراق، ولديه موارد غازية كبيرة، كان عليه أن يبني قطاع الطاقة فيه بشكل مستقلّ منذ فترة طويلة، غير أن هناك من يقول إن الإرادة السياسية عند أحزاب الإسلام الشيعي تحديداً كانت تريد من ربط ملفّ الطاقة الحيوي بإيران أن يكون منفذاً للمساعدة الاقتصادية لإيران، التي تعاني ضغوط العقوبات الدولية، والأميركية تحديداً.
وهناك من ينتقد قصر النظر السياسي، فالجميع يعرف أن بلداً لديه مواجهات في المنطقة ومع العالم، مثل إيران، ولا يتمتّع بعلاقات طبيعية مع المحيط، ولديه دائرة صراعات واسعة، يمكن أن يتعرّض لضغوط كبرى في أيّ لحظة، تشمل غالباً ملفّ الطاقة، وأن العراق سيكون، عاجلاً أم آجلاً، أمام امتحان خسارة الغاز الإيراني، وكان يُفترض أن يكون الفاعل السياسي العراقي قد خطّط، طوال السنوات الماضية، لبديل ناجع.
تسعى إدارة ترامب إلى جلب الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات بشأن الملفّ النووي وملفّ الصواريخ، وأذرعها المسلّحة في المنطقة. وقد يكون قطع الغاز الإيراني مجرّد ورقةٍ تلوّح بها الإدارة الأميركية لزيادة الضغط على الجانب الإيراني. وحتى نتأكّد من هذه الفرضية، ربّما يمضي وقت كافٍ لدخول الصيف اللاهب، وحينها ستكون الحكومة العراقية والأطراف السياسية الداعمة لها في موقفٍ صعب، وسيخرج الناس إلى الشوارع متظاهرين، بناءً على سوابق التظاهرات في سنوات ماضية.
ستستفيد أطراف سياسية عديدة من إحراج الحكومة، وهي على مشارف الانتخابات، وربّما إن حدثت التظاهرات فعلاً، فإنها "ستركب" الموجة وتحاول الاستفادة منها انتخابياً. وحتى اللحظة، واضح أن رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي غير مستعدّ لتجديد الولاية لرئيس الوزراء الحالي محمّد شيّاع السوداني، وربّما ينزلان في قائمتَين انتخابيَّتَين منفصلتَين. كذلك، يعطي مقتدى الصدر إشارات إلى المراقبين أنه سيعود بقوّة الى المسرحيْن السياسي والانتخابي، وهو يحشّد تيّاره السياسي وأنصاره وجمهوره. ولديه موقف تجاه تحالف الإطار التنسيقي، ولديه ثأر سياسي معهم. ولكن هذا لا ينفي احتمالات أن يكون قريباً من السوداني، بعد إعلان نتائج الانتخابات.
كذلك، شكّلت عودة مصطفى الكاظمي المفاجئة إلى بغداد (رئيس الوزراء السابق الذي كان مطلوباً للمليشيات)، وإجرائه حواراتٍ صحافيةً تلفزيونية، ولقائه مع شخصيات سياسية متعدّدة، توحي بأن أطرافاً ما في الإطار التنسيقي ربّما تفكّر بتصديره في واجهة المشهد المقبل، ما بعد الانتخابات، وسادةً ناعمةً لامتصاص الضغط الأميركي المتزايد على العراق. هاجم الكاظمي سياسة السوداني، في لقاء تلفزيوني، وربّما إن تفاقمت أزمة الكهرباء هذا الصيف ينضمّ إلى الأطراف المستفيدة انتخابياً من صورة الفشل التي تظهر بها الحكومة الحالية.
في كلّ الأحوال، ستُلقي إدارة ترامب الحالية بظلالها على الوضع السياسي في العراق أربع سنوات مقبلة، ويعرف الفاعل السياسي العراقي أن عليه الانحناء لعاصفة القرارات المفاجئة التي تصدر بين حين وآخر من المكتب البيضاوي، وأنه لا يستطيع المواجهة، وهذا سيُؤثّر في المشهد الانتخابي المقبل، ويدفع إلى الواجهة بالحمائم، ويُبعد الصقور إلى الخلف. ويمرّ الصيف بمشكلاته المتوقّعة، وينتهي من دون حلّ حقيقي لأزمة الكهرباء.



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>