رسوم ترامب.. انقلاب تجاري ينذر بركود وحرب اقتصادية

وكالة الأناضول
  • منذ 1 أسبوع
  • العراق في العالم
حجم الخط:
Istanbul
إسطنبول / الأناضول
** خبير الاقتصاد الدولي وشؤون الطاقة بلندن، نهاد إسماعيل:
- ترامب انقلب على القواعد التجارية بالعالم وشن حربا متعددة الجبهات
- المستهلك الأمريكي سيكون الخاسر الأكبر من إجراءات ترامب
** استاذ الاقتصاد في الجزائر، مراد كواشي:
- هدف ترامب ليس محاربة التضخم وليس تحرير الاقتصاد الأمريكي وإنما هيمنته
- أهم تداعيات الرسوم زيادة التضخم والركود على عالميا وأمريكيا وتباطؤ النمو الاقتصادي
** أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، نبيل المرسومي:
- رسوم ترامب خطيرة لأنها قد تؤدي لحرب تجارية بين الولايات المتحدة والعالم
- قد نشهد إنشاء تحالفات اقتصادية جديدة لمواجهة سياسات ترامب
خسائر أمريكية تتوالى منذ إعلان الرئيس دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على أكثر من 180 دولة، مع تلويح أوروبي وصيني بإجراءات مضادة رفضا لتلك الإجراءات التي قد تكون الأكبر منذ عام 1910 .
وفي أحاديث منفصلة للأناضول، اتفق خبراء اقتصاديون في بريطانيا والعراق والجزائر، التي تخضع للرسوم الجديدة، على أن ما اتخذه ترامب الذي وصل للسلطة في 20 يناير/ كانون ثان الماضي، يعد "انقلابا على قواعد اللعبة التجارية بالعالم".
ورأوا أن تلك القرارات "لا تجعل من الولايات المتحدة الخاسر الأكبر فحسب، بل تقود الاقتصاد العالمي إلى ركود وتضخم والانخراط بشكل أعمق في حروب تجارية مجددا بشكل لن تنجو الدول العربية أيضا من تأثيراتها".

** شرارة الخسائر

ترامب أعلن الأربعاء فرض رسوم جمركية على جميع الدول بينها حلفاء وخصوم، بحد أدنى يبلغ 10 بالمئة، معتبرا ما حدث بأنه "يوم تحرير طال انتظاره، وإعلانا لاستقلال الاقتصاد الأمريكي (..) وسيعني في نهاية المطاف المزيد من الإنتاج المحلي ومنافسة أقوى وأسعار أقل للمستهلكين".
وقرر تطبيق رسوم جمركية بنسبة 34 بالمئة على الصين (بخلاف 20 بالمئة سابقة عقب وصول ترامب للسلطة)، و20 بالمئة على الاتحاد الأوروبي، و46 بالمئة على فيتنام، و24 بالمئة على اليابان، و26 بالمئة على الهند، و30 بالمئة على جنوب إفريقيا و37 بالمئة على بنغلاديش و17 بالمئة على إسرائيل و10 بالمئة على تركيا والنسبة نفسها على المملكة المتحدة.
بالنسبة للدول العربية كانت سوريا الأعلى نسبة بـ41 بالمئة، والعراق بـ 39 بالمئة والجزائر بـ 30 بالمئة، و10 بالمئة لكل من قطر والإمارات والسعودية ومصر والكويت والسودان واليمن ولبنان وجيبوتي وعُمان والبحرين والمغرب.
وكشف البيت الأبيض أن "الرسوم الجمركية الأساسية بنسبة 10 بالمئة التي فُرضت على جميع الدول ستدخل حيز التنفيذ في 5 أبريل/ نيسان في حين أن الرسوم الأعلى التي تم تحديدها بشكل خاص لبعض الدول ستُطبق اعتبارًا من 9 أبريل".
وفي جلسة الخميس، فقدت سوق الأسهم الأميركية قرابة 1.7 تريليون دولار مع افتتاح جلسة التداول، وفقاً لحسابات وكالة بلومبرغ.
وانخفضت أسهم شركة آبل الأمريكية التي تُصنّع معظم أجهزتها في الصين بنسبة 7.7 بالمئة عند الافتتاح، وتراجعت أسهم شركتي Lululemon Athletica ونايكي، اللتين ترتبطا بعلاقات تصنيعية بفيتنام، بنسبة 9 بالمئة على الأقل، بحسب قناة "سي إن بي سي" الأمريكية.
كما تراجعت أسعار النفط خلال تعاملات الخميس، بأكثر من 6 بالمئة، وفق المصدر ذاته.

** تهديدات بالرد

خطوة ترامب التصعيدية أثارت ردود فعل غاضبة وتهديدات بالرد حتى من أقرب حلفاء واشنطن.
فقد أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أن دول الاتحاد تستعد "لمزيد من التدابير المضادة لحماية مصالحنا وأعمالنا في حال فشلت المفاوضات".
واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الرسوم بأنها "وحشية وتمثل صدمة للتجارة الدولية ويجب الرد الأوروبي عليها"، محذرا من أنها "ستجعل مواطني الولايات المتحدة أضعف وأفقر".
من جهتها، قالت وزارة التجارة الصينية: "نعارض هذا الأمر (الرسوم) بشدة، وستتخذ إجراءات مضادة لحماية حقوقها ومصالحها".
فيما وصف المستشار الألماني أولاف شولتس، رسوم ترامب بأنها "خط خطير سيؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي"، ولم يستبعد "إجراء محادثات مع الحكومة الأمريكية لمنع نشوب حرب تجارية".
فيما قال أولو سونولا، رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية الأمريكية بوكالة فيتش للتصنيف الائتماني: "شهدنا هذا المعدل (من الرسوم) آخر مرة في عام 1910 تقريبا"، محذرا من ركود عالمي.
موقع "أكسيوس" الأمريكي لفت إلى أن الاقتصاد العالمي تعرض منذ الحرب العالمية الثانية لصدمتين كبيرتين: الأزمة المالية في عامي 2008-2009 وجائحة كوفيد-19 في 2020.
وتابع محذرا: "إذا استمرت رسوم ترامب وقوبلت بردود فعل قد تؤدي إلى الصدمة الاقتصادية الثالثة في 17 عاما".

** "انقلاب تجاري"

وفي حديث للأناضول، رأى خبير الاقتصاد الدولي وشؤون الطاقة بلندن، نهاد إسماعيل، أن "ترامب انقلب على القواعد التجارية بالعالم وليس انقلابا فقط بل شن حربا تجارية متعددة الجبهات يريد من خلالها تغيير الخريطة الاقتصادية والجيوسياسية بالعالم".
وأضاف: "سنرى ماذا سيفعل العالم معها وهل سيرد بالمثل أم لا"، معربا عن اعتقاده بأن "المستهلك الأمريكي سيكون الخاسر الأكبر".
وأوضح أن ترامب "تحدث بالأساس عن تلك الرسوم خلال حملته الانتخابية الرئاسية في ديسمبر/ كانون أول الماضي، والآن نحن بتفاصيل التنفيذ".
وأكد إسماعيل أن ثمة قلق كبير من مصاعب ستهدد العالم الذي يعتمد على التجارة الحرة والتبادل التجاري.
وعن أولى تداعيات القرار، قال: "رأينا الخسائر الأمريكية عقب القرار والتي سجلت بأسواق المال نحو تريليوني دولار في يوم واحد الخميس وينتظر أن تنعكس الرسوم لاحقا على المستهلك الأمريكي والمزارعين والصناع".
ويعتقد إسماعيل أن الحرب التجارية بدأت مع دخول ترامب البيت الأبيض من خلال التصعيد ضد الصين، وستتعمق بالتأكيد حال حدثت تطورات واتسعت الردود بالمثل.
وكان ترامب وقع في 1 فبراير/شباط مرسوما يقضي بفرض تعرفة جمركية بنسبة 10 بالمئة على الواردات القادمة من الصين، ودخل هذا القرار حيز التنفيذ في الرابع من الشهر نفسه.
** مغالطات
بدوره، اتفق استاذ الاقتصاد في الجزائر، مراد كواشي، مع ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي نهاد إسماعيل.
وقال في حديث مع الأناضول إن "التجرؤ الأمريكي على الحلفاء والأعداء بفرض تلك الرسوم انقلاب على قواعد اللعب التجارية لأن المبادئ التجارية تنص على حرية التجارة التي نادت بها أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية وتم إنشاء هياكل دولية بشأنها كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية".
وأضاف أن الرئيس الأمريكي "يضرب بتلك المبادئ - التي صدع الغرب بها رؤوس المنطقة - عرض الحائط، خاصة أن هدفه ليس محاربة التضخم ولكن هيمنة الاقتصاد الأمريكي".
وبرأي الخبير كواشي، فإن "هذه الرسوم ستضر بالتجارة العالمية وتحدث اختلالا كبيرا، وهي وليست تحريرا للاقتصادي الأمريكي، بل تمثل مغالطة كبيرة، إذ أن الولايات المتحدة بنت اقتصادها على استغلال الدول الضعيفة والنامية".
وأشار أن "من أهم تداعيات هذه الرسوم زيادة معدلات التضخم والركود على المستوى العالمي والأمريكي وتباطؤ في النمو الاقتصادي وزعزعة الأسواق العالمية، وقد كبدت الأسهم الأمريكية نحو تريليوني دولار عقب القرار".

** قطب اقتصادي جديد

وتوقع كواشي "زيادة التحالفات الاستراتيجية ضد الولايات المتحدة مع انتظار ردود فعل من الاتحاد الأوروبي لا سيما فرنسا - فضلا عن الصين والهند واليابان - مما يجعلنا أمام احتمال تشكل قطب اقتصادي جديد يزيد التبادل التجاري وينافس الولايات المتحدة".
وأكد أن سير ترامب في استراتيجية "أنا وبعدي الطوفان" مقدما مصالح بلاده دون مراعاة مصالح الدول الأخرى "يجعلنا أمام نظام اقتصادي عالمي جديد قد ينشأ بناء على تلك الاستراتيجية".
ولم يستبعد كواشي، تعمق الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين باعتبار أن الأخيرة هي أكبر مصدر للسلع والخدمات بنحو 3.7 تريليونات دولار بينما واشنطن تقف عند حاجز 3 تريليونات دولار.
ولفت إلى أن "الرسوم كانت إحدى الطرق الملتوية للضغط على الاقتصاديات التي تنافس الولايات المتحدة وتلك لعبة تأثيرها سيأكل الأخضر واليابس ويمس الاقتصادين العالمي والأمريكي".
ويتوقع كواشي أن يكون تأثير الرسوم على الدول العربية محدودا نظرا لمحدودية صادراتها للولايات المتحدة، مرجحا أن تدفع تلك القرارات هذه الدول للبحث عن أسواق جديدة لصادراتها على محدوديتها.

** تقويض للنمو الاقتصادي

ويعتقد أستاذ الاقتصاد بجامعة البصرة، نبيل المرسومي، أن رسوم ترامب "انقلاب تجاري على العالم، وعودة لسياسة الحماية التجارية في ظل فرض الصين مثلا رسوما أكبر ضد بلاده بنسبة 67 بالمئة وغيرها".
وحذر المرسومي من أن إعلان ترامب "خطير لأنه قد يؤدي لحرب تجارية بين الولايات المتحدة والعالم بمعني أنه قد ترد الصين أو دول الاتحاد الأوروبي واليابان على هذه الرسوم برسوم مضادة مما قد يدفع الولايات المتحدة للرد بالمثل وهذا سيؤثر على حجم التجارية العالمية المقدرة بنحو 32 تريليون دولار".
وتابع: "وبالتالي سيتم تقويض النمو الاقتصادي العالمي وستعاني الولايات المتحدة من التضخم وستعاني الصين والاتحاد الأوروبي واليابان من الركود في ظل انعكاسات خطيرة مع انخفاض أسعار النفط".
واعتبر أن "تطورات تلك الرسوم مقلقة لكل العالم وتعيد رسم خريطة جديدة"، مبينا أن "واشنطن تتحدث عن توفير إيرادات جديدة وحماية للصناعة والزراعة وزيادة القدرة التنافسية لكن الواقع يقول إننا نتجه لمتغيرات سريعة في الأمد القريب حال تم الرد بالمثل وبدأت مرحلة أعمق من الحرب التجارية والركود الاقتصاد العالمي الذي ستتضرر منه الدول النامية ويفقد ملايين وظائفهم".
ولم يستبعد المرسومي إنشاء تحالفات اقتصادية جديدة لمواجهة تلك السياسات أو إيجاد تفاهمات بين الدول لعبور تلك المرحلة الخطيرة.
ورجح تأثر الدول العربية المصدرة للنفط "سلبا" بالرسوم مع انخفاض إيراداتها واحتمال زيادة العجز بموازناتها العامة بخلاف الدول المستوردة التي قد تستفيد من انخفاض الأسعار الحالية.
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>