ووصل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى العراق، للمشاركة في مراسم الإعلان الرسمي لانتهاء أعمال ولاية بعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي".
وأشاد غوتيريش، بشجاعة العراق في عزيمته بالتغلب على الإرهاب، فيما أشار إلى أن البلد اليوم، ينعم بأمن وأمان، كما قال غوتيريش، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، محمد شياع السوداني: "شهدنا شجاعة العراق وثباته وإصراره في التغلب على الإرهاب"، مؤكدا أن هدف البعثة الأممية كان يندرج ضمن "دعم العراق وحكومته، في مواجهة التحديات".
وتعد بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي" بعثة سياسية خاصة، أنشئت عام 2003 بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1500، استجابة لطلب الحكومة العراقية، بهدف دعم البلاد في مرحلة ما بعد عام 2003.
وفي أيار/مايو 2024، قرر مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية البعثة، التي باشرت عملها منذ أكثر من عقدين، لفترة أخيرة تنتهي في 31 كانون الأول/ديسمبر 2025، وذلك بناء على طلب رسمي من الحكومة العراقية.
دور الأمم المتحدة في العراق كان محورياً
أكد الخبير في الشأن السياسي عبد الرسول الأسدي، في حديث لـ "سبوتنيك"، أن الأمم المتحدة، من خلال ممثليها في العراق، أدت دورا كبيرا ومؤثرا في دعم وتعزيز العديد من القطاعات الحيوية، ولم يقتصر حضورها على الجانب السياسي أو الأمني فقط، بل امتد ليشمل المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
وأوضح الأسدي، أن بعثة الأمم المتحدة في العراق كان لها حضور بارز خلال السنوات الماضية، وأسهمت في مرافقة العراق في مراحل حساسة من تاريخه، سواء على مستوى الأمن أو إعادة بناء المؤسسات أو دعم الحضور الدولي للعراق في المحافل المختلفة.
وأشار إلى أن قرار الأمم المتحدة سحب ممثليها من العراق يُعد محطة مهمة تعكس تطور الواقع العراقي، لافتا إلى أن انتهاء مهام البعثة اليوم يمثل ختام مرحلة، وبداية مرحلة جديدة يؤكد فيها العراق قدرته على إدارة شؤونه واستكمال مسار النهوض والاستقرار.
وتابع الأسدي، قائلاً: إن ترشيح شخصية عراقية، برهم صالح، لتولي منصب رفيع في مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة يعكس المكانة المتقدمة التي بات يحظى بها العراق دوليا، ويدل على تنامي دوره وتأثيره في السنوات الأخيرة على المستويين الإقليمي والدولي.
وختم الأسدي حديثه بالتأكيد أن العراق يشهد اليوم مرحلة تعاف واضحة، مدعومة بنمو الاستثمارات وحضور الشركات العالمية، ومنها الأمريكية، مؤكدا أن العراق، بما يمتلكه من تاريخ وحضارة وإمكانات، ماض نحو استعادة دوره الطبيعي والفاعل في المجتمع الدولي.
وكان رئيس مجلس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، محمد شياع السوداني، قد وجه، في 21 أيار/مايو 2024، رسالة رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، طلب فيها إنهاء ولاية بعثة "يونامي" بشكل نهائي اعتبارا من نهاية عام 2025، على أن تقتصر مهامها خلال الفترة المتبقية على استكمال أعمالها في مجالات الإصلاح الاقتصادي، وتقديم الخدمات، والتنمية المستدامة، والتغير المناخي، وسائر الجوانب التنموية.
المجتمع الدولي يفتح أبوابه أمام العراق
وفي السياق ذاته، قال عبد الكريم العبودي، مدير تحرير جريدة "الشرق"، إن العراق يشهد اليوم حالة واضحة من الاستقرار الأمني والاجتماعي في مختلف المجالات، ما يعكس تحولات إيجابية تمهّد لمرحلة نهضة شاملة على المستويين الداخلي والخارجي.
وأوضح العبودي، في حديث لـ"سبوتنيك"، أن مؤشرات هذا التحسن تتجسد في انفتاح المجتمع الدولي على العراق، وعودة الثقة به، وفتح الأبواب أمام العراقيين في مختلف المحافل، مشيرا إلى أن العراق يتجه ليكون دولة فاعلة وإيجابية، تمتلك دورا محوريا في محيطها الإقليمي وبين دول الجوار.
وبحسب كلامه فإن العراق لم يعد ساحة للأزمات، بل أصبح طرفا مؤثرا في معالجة الخلافات الإقليمية، ونجح في أداء أدوار مهمة في التقريب بين وجهات النظر وتهدئة التوترات بين دول الجوار، وهو ما يعكس مكانته المتنامية ودوره الدبلوماسي المتقدم.
وأضاف أن المرحلة المقبلة تحمل آفاقا أفضل على مختلف الصعد، مع استمرار الدعم الدولي للعراق في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا أن هذا الدعم لم يأت من فراغ، بل نتيجة قناعة دولية راسخة بقدرة العراق على ترسيخ الاستقرار وبناء مستقبل أكثر إشراقا.
وختم العبودي، بالقول إن
ما يشهده العراق اليوم هو ثمرة صبر طويل وإيمان عميق بإمكاناته، معربا عن تفاؤله بأن القادم سيكون أفضل، وأن الأيام المقبلة ستؤكد أن العراق يسير بخطى واثقة نحو الاستقرار والتنمية المستدامة.
وشهدت بعثة "يونامي" توسعا ملحوظا في مهامها، لا سيما عقب صدور قرار مجلس الأمن رقم 1770 عام 2007، الذي عزز تفويضها ليشمل تقديم المشورة والدعم لحكومة وشعب العراق في عدد من الملفات، من أبرزها دعم الحوار السياسي الشامل، وتعزيز المصالحة الوطنية والمجتمعية، والمساهمة في إدارة وتنظيم العمليات الانتخابية.
كما تؤدي البعثة دورا محوريا في تنسيق الجهود بين المؤسسات الحكومية العراقية ومنظمات المجتمع المدني من جهة، ووكالات وبرامج وصناديق الأمم المتحدة من جهة أخرى، بما يسهم في تنظيم العمل الإنساني والإنمائي داخل البلاد.