صراع إسرائيل وإيران يخنق مسارات الطيران العالمي
تختنق رحلات الطيران التابعة لشركات أوروبية داخل مجال جوي ضيق نتيجة الصراع الدائر بين إسرائيل وإيران، وهو ما يفاقم التحديات التي تواجه القطاع، وهو الذي يعاني بالفعل في أعقاب تحطم طائرة «بوينغ 787 دريملاينر»، في الهند مؤخراً.
وتُعد «إير فرانس – كيه إل إم»، و«لوفتهانزا»، و«ويز إير»، من بين أكثر من 150 شركة طيران حول العالم اضطرت إلى تعليق رحلاتها أو تغيير مساراتها نحو طرق بديلة عالية التكلفة، إثر إغلاق المجال الجوي فوق إسرائيل والعراق والأردن نهاية الأسبوع الماضي.
ويشير محللون إلى أن هذه الاضطرابات تشكل تحدياً مضاعفاً لشركات الطيران الأوروبية، التي كانت أصلاً تتجنب الأجواء الروسية في رحلاتها المتجهة نحو آسيا، بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وأفادت مصادر على اطلاع بالمناقشات في واحدة من كبرى شركات الطيران الأوروبية بأنه في حين اعتادت شركات الطيران التعامل مع الإغلاقات المؤقتة للمجالات الجوية، إلا أن الوضع الراهن «أكثر خطورة»، لأن شركات الطيران أصبح لديها حالياً «ممر ضئيل حقاً» يمكنها التحليق فيه. وأضاف: «نحن مجبرون على الالتفاف حول روسيا بالفعل، لذا فإن هذا يجعل الوضع شديد الصعوبة».
واضطرت شركات الطيران لتعديل مساراتها بصورة متكررة، خلال الأعوام الأخيرة، بسبب النزاعات العسكرية حول العالم، فقد أوقفت شركات الطيران خدماتها ثم استأنفتها إلى تل أبيب ووجهات أخرى في الشرق الأوسط مرات عدة منذ الهجوم، الذي شنته حركة حماس على إسرائيل عام 2023.
وانخفضت أسهم كبرى شركات الطيران منذ شنت إسرائيل هجمات ضد البنية التحتية العسكرية لإيران، وكانت شركات الطيران الأوروبية هي الأكثر تضرراً. وتزيد المسارات البديلة تكاليف الوقود، وتطيل أمد رحلات الطيران، وتتسبب في اضطرابات بجداول شركات الطيران، ما يؤدي لارتفاع تكاليف التشغيل. كما أن ارتفاع سعر النفط، حيث ارتفع خام برنت بنحو 8 % إلى 70.8 دولاراً للبرميل منذ يوم الخميس الماضي، سيدفع أيضاً تكاليف الوقود للارتفاع.
وتفاقمت الاضطرابات الأخيرة بعد يوم واحد من تحطم طائرة تابعة لشركة «إير إنديا»، قضى على متنها أكثر من 290 شخصاً كانوا في طريقهم إلى لندن، وهي الرحلة التي يعتقد محللون أنها ستجعل المسافرين قلقين بشأن حجز رحلات على متن طائرات «بوينغ دريملاينر».
وقال ستيف ترينت، محلل شركات الطيران لدى «سيتي غروب»: «وقع تحطم طائرة إير إنديا، ثم اندلعت الحرب في اليوم التالي»، وتابع: «لا تزداد المشكلات إلا تراكماً»، وتشير مزودة البيانات «فلايت رادار 24»، إلى إلغاء أكثر من 3 آلاف رحلة طيران يوميا في الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران. وأظهرت بيانات الشركة خلو المجال الجوي على نطاق واسع فوق كل من إيران، والعراق، وسوريا، فيما تسلك الرحلات مسارات بديلة فوق المملكة العربية السعودية ومصر.
وقررت شركات الطيران الأوروبية، بما في ذلك «إير فرانس – كيه إل إم» و«لوفتهانزا» إلغاء عشرات الرحلات أو تغيير مساراتها خلال الأيام القليلة الماضية، بسبب عدم تحليق الطائرات فوق شمال المملكة السعودية، بسبب مخاوف متعلقة السلامة.
وقد تسبب تفادي التحليق فوق المجال الجوي الروسي بالفعل في زيادة التكاليف، التي تتكبدها شركات الطيران الأوروبية، والتي خفضت الكثير منها عدد رحلات الطيران المتجهة إلى شرق آسيا أو قررت تعليقها نتيجة لذلك، وما زالت شركات الطيران الصينية تحلق عبر روسيا، بينما تطير نظيراتها الأمريكية عبر المحيط الهادئ.
ويرى جون ستريكلاند، مستشار الطيران، أن فرض مزيد من القيود على المجال الجوي المتاح يمثل «مشكلة لشركات الطيران، لأنه جزء مزدحم من العالم.. وتغيير المسارات أمر مكلف في كل الأحوال».
وذكرت «لوفتهانزا» أن تغييرات المسارات الحالية يعني أن الرحلة من فرانكفورت أو ميونيخ إلى شرق آسيا تستغرق وقتاً أطول بستين دقيقة. وفي حال اتساع رقعة النزاع بين إسرائيل وإيران أعربت واحدة من شركات الطيران عن قلقها من أن بعض المسارات قد تتطلب توقف الطائرات لإعادة التزود بالوقود، وتغيير الطاقم. وتُعد شركات الطيران العاملة في الشرق الأوسط من بين الأكثر تأثراً بإلغاء الرحلات، بحسب بيانات «فلايت رادار 24».