أكثر من 4 آلاف ليبية متزوجات من أجانب يطالبن بحقوق غائبة

سبوتنيك عربي

أكثر من 4 آلاف ليبية متزوجات من أجانب يطالبن بحقوق غائبة

  • منذ 4 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:
لم يوافق أغلب المسؤولين في الدولة على حق منح الجنسية الليبية لأبناء تلك النساء اللواتي يعانين من صعوبة في استخراج الوثائق الرسمية لأبنائهن وتسـجيلهم في المدارس، بل وحتى في حركة أبنائهم داخل البلاد من دون أوراق ثبوتية، باعتبارهم أجانب من وجهة نظر الجهات الضبطية.
وبدوره، أصدر عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا القرار رقم 322 في 26 سـبتمبر/ أيلول 2021، والذي ينص في المادة الأولى بتشكيل لجنة لدراسة طلبات الحصـول على الجنسية الليبية وإثبات صحة الانتماء للأصل الليبـي، وكانت هذه اللجنة برئاسة رئيس مصلحة الجوازات والجنسية وعضوية العديد من المسؤولين في بعـض المؤسسات الليبية، أبرزها مصلحة الأحوال المدنية، ووزارة الداخلية وغيرها، وباشرت اللجنة مهامها وبدأت في تشكيل لجان فرعية لها في الأقاليم الليبية الثالثة، ونصت المادة من نفس القرار بأن تتولى اللجان الفرعية استلام طلبات الحصول على الجنسية الليبية لعدة فئات من بينها أبناء المواطنات الليبيات، إلا أن اللجنة أوقفت عملها بتعليمات من مكتب النائب العام لأسباب لم يتم الإفصاح عنها.

قبل 2011 الوضع كان أفضل

وفي هذا الجانب، تقول نجلاء الفارسي، المدير التنفيذي لمنظمة الرونق للمرأة والطفل والمفوضة من الليبيات المتزوجات من غير الليبي، إن المرأة الليبية قبل ثورة فبراير/ شباط 2011 كانت أفضل من الآن بحكم الإجراءات التابعة لمؤسسات الدولة، وبعد صدور قانون زواج الليبي من غير ليبية وزواج الليبية من غير ليبي صدر سجل خاص بالأجانب خاص بالليبيات المتزوجات من غير الليبي، أما الرجال ليس لديهم أي استثناء فالإجراءات مبسطة وسهلة.
وقالت الفارسي في تصريحها لـ"سبوتنيك": "قمنا بزيارة للنائب العام حول قانون الجنسية، وحق المرأة الليبية في المواطنة كانت هذه المذكرة مقدمة من منظمة الرونق للمرأة والطفل، قدمت لإحدى عشرة جهة في ليبيا منها النائب العام والجوازات والجنسية، ومصلحة الأحوال المدنية، ومجلس النواب وغيرها من الجهات".
 طرابلس، ليبيا، 13 ديسمبر 2021 - سبوتنيك عربي, 1920, 19.07.2022
من ينقذ نساء ليبيا من "القتل الأسري"... العرف يحمي الجناة والقانون لا يردع
وتابعت: "ذكرنا فيها كل المشاكل التي تعاني منها المرأة الليبية المتزوجة من غير الليبي، مع ذكر الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها ليبيا والتي تدعم حق المرأة الليبية بمنح الجنسية لأبنائها حسب القانون 24 لسنة 2010، بالإضافة لقرار 323 رئيس حكومة الوحدة الوطنية".
وأضافت: "قمنا بإعداد مذكرة أخرى للنائب الأم حول هذه الحقوق الغائبة، أبرزها حق التوريث للأبناء وحق الإقامة لأبنائها بعد وفاتها، وحق التضامن، وكذلك حق الجنسية،غيرها من الحقوق".
ولفتت بأنه تمت الموافقة على منح الجنسية لأبناء المواطنة الليبية وقامت اللجنة باستلام الملفات ولكن لم يتم البت فيها حتى الآن.
وقالت الفارسي: "انتزعنا حق هذه الفئة في الترشح للانتخابات وحق الانتخاب، وحق منحة الزوجة، وحق التعليم المجاني لأبناء الليبيات، وحق دخول أبنائنا للجامعات، وبعض الحقوق الأخرى".
وأشارت إلى أن "رسوم إقامة أبنائنا في ليبيا كانت بقيمة 120 دينار ليبي، وأصبحت الآن بقيمة 10.5 دينار، ولا زلنا نبحث عن حق التجنس لأبناء الليبية والذي لم ينفذ حتى هذه اللحظة".
وتابعت أنه تم إخراج الليبيات المتزوجات من غير ليبي من سجلات الليبيين إلى سجلات الأجانب، وتمييزها بحرف F في رقم القيد الخاص بها كنوع من التمييز، وأصبح هذا الرمز عائق لها في الكثير من المعاملات.
وقالت الفارسي حرمت الليبية المتزوجة من غير الليبي من كل حقوقها في الانتخابات والحج أو الترشح لأي نشاط يتم عن طريق الرقم الوطني، وطالبت الفارسي ورفيقاتها المتضررات مرارا وتكرارا بالحصول على الجنسية لأبنائهن ولكن دون جدوى.
تبنت الفارسي القضية عام 2015 وقابلت جميع المسؤولين في الدولة لكي تطالب بهذه الحقوق، التي كان أبرزها الجنسية لأبنائهن، بالإضافة لحرمان أبناء هذه الفئة من الميراث في حال موت الأم، وهذا الخصوص توجهت الفارسي لمقابلة بالنائب العام الليبي بهذا الخصوص والذي أكد أن القانون لا ينص على حرمان المرأة من حقوقها في الميراث.
وقامت نجلاء ومن معها بالعديد من الندوات والمؤتمرات حول هذه القضية أبرزها حملة "كوني قوية" لدعم ومناصرة النساء المتضررات، وأكدت أن عدد الليبيات المتزوجات من أجانب وحسب إحصائية المسجلات فعليا بلغ 4885 ليبية على كل ليبيا.
ولفتت بأنها تبحث عن قرار دولي مع حملة مساواة وذلك عن الدول التي قامت بحرمان المرأة في منح أبنائها حق التجنس بجنسية الأم، كليبيا ولبنان وسوريا والعراق واليمن وتونس والجزائر وغيرها.
رئيس الورزاء الليبي عبد الحميد الدبيبة في روما، إيطاليا، ليبيا 21 مايو 2021 - سبوتنيك عربي, 1920, 30.12.2021
ضجة في ليبيا بعد تصريح الدبيبة عن "النساء العازبات"

حقوق الأبناء

وفي تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، أكد نائب رئيس مصلحة الأحوال المدنية بشير عون عدم وجود أي مشاكل تذكر فيما يخص حقوق النساء المتزوجات من غير ليبي، حيث تقوم المصلحة بتوثيق اليود وفق قانون الأحوال المدنية.
وقال فيما يتعلق بمسألة حقوق الأبناء المتزوجات من غير ليبي قد لا يستفيدون بشكل كامل، مؤكدا عدم وجود أية مشاكل نهائيا، الأمر الذي تنفيه الليبيات المتزوجات بأجانب اللواتي اشتكت من عرقلة متعمدة في هذا الخصوص.
وأكد أن القوانين الليبية تسن لكي يستفيد منها الليبيون، وفي هذه الحالة "أبناء الليبيات" قد تنظر لهم الدولة وفق مسارات بديلة لكي تساويهم بغيرهم من الليبيين وهو قرار يعود للدولة عبر إجراءات معينة لا تخضع لنفس القوانين.
وعن التمييز بحرف ( F ) الذي يوضع قبل رقم رقمها الوطني قال عون بأن هذا الرمز لا يعني شيئا وهو مجرد تصنيف خاص بالمنظومة لديهم.
وعن صعوبة حصولهن على الإجراءات الإدارية من سجلات الأحوال المدنية، قال عون بإمكان تلك السيدات الحصول على إجراءاتهن بكل سهولة ويسر، والصعب في الأمر هو أن بعضهن يتزوجن من أجانب ليس لديهن مستندات ووثائق في البلاد وهنا المصلحة لا تتحمل النتائج.
مقابر جماعية في مدينة الرقة السورية - سبوتنيك عربي, 1920, 04.02.2021
سبب منع النساء في ليبيا من زيارة المقابر

الليبية المتزوجة من أجنبي مهمشة

فيما أشارت سلوى حموده المتزوجة من غير ليبي أن الليبية المتزوجة من غير ليبي مهمشة في أغلب الحقوق في المجتمع، وهناك علامة أمام الرقم الوطني، وهذه العلامة سببت مشاكل كثيرة في كل الإجراءات والمستندات القانونية في الدولة.
وقالت إن هناك العديد من الأمور والإشكاليات تكررت مع الأبناء الذين لم يسافروا لبلد الأب ولم يروا بلاد الأب ممن ولدوا في ليبيا، خاصة أن هناك مطالبات بضرورة وجود جواز سفر ساري المفعول لإتمام أغلب الإجراءات.
وتابعت أن هناك خللا في منظومة السجل المدني، وعند طلبها للحصول على بعض شهادات الميلاد تتقدم بطلب كتابي مع بعض الإجراءات الأخرى كعقد الجواز، وأن تنتظر من أسبوع إلى عشرة أيام ومن الممكن أن يستمر الانتظار إلى شهر كامل.
طالبت حموده بضرورة أن تكون هناك حقوق للأبناء في بلد الأم كاستحداث بطاقة خاصة لهم لحمايتهم من نقاط التفتيش الأمنية في ظل الظروف الراهنة لتي تمر بها البلاد، لأنه في حال تم القبض عليه كأجنبي من دون إجراءات سيتم إيقافه وإحالته للسجن، لأنه بدون مستندات رسمية، وهذا الأمر أصبح يشكل هاجسا لدى الأبناء.
سوق الذهب. - سبوتنيك عربي, 1920, 01.06.2019
"حق الملح" و"الكبيرة"... سر مكافأة النساء بالذهب والفضة نهاية شهر رمضان في تونس وليبيا

ظلم كبير

وفي هذا الإطار، قالت الحقوقية رفيعة البرناوي في تصريح لـ"سبوتنيك": نعمل على هذا الملف منذ عدة سنوات وخاطبنا كل الجهات الاعتبارية، وأن هناك ظلم كبير واقع على هذه الفئة، ومورس عليهن كل أنواع التصنيف، المعاناة سببت ضرر كبير لليبيات المتزوجات من غير ليبي".
وقالت: "من خلال حواري مع بعض هذه النساء وجدت أن هناك ظلم كبير وقع عليهن وعلى أبنائهن، لأن أغلب أبناءهن ولدوا في ليبيا ولا يعرفون بلاد الأب إطلاقا، وهم في معاناة الحقوق الغائبة".
وأضافت البرناوي أن أكثر الضرر يختلف بين الجنسيات الأجنبية من شخص لأخر، وأن المنظمات الحقوقية عملت على استخراج القانون الذي صدر في 2010 وذلك بعد جهود في عام 2021 بخصوص حق الليبية المتزوجة من غير الليبي وحق منح الجنسية لأبنائها.
وقالت أن الليبي المتزوج من الليبية يحظى بأغلب حقوق زوجته على عكس الليبية المتزوجة من غير الليبي، وما يمارس في ليبيا هو تمييز ضد الليبية المتزوجة من غير الليبي.
وأوضحت أنها تقدمت بمذكرة شاملة وجهت لكل الجهات الرسمية في الدولة، لأن هذا الموضوع شأن إنساني، ويجب أن يمنح هؤلاء الناس حقوقهم الكاملة عن طريق أمهاتهم وهذا يعد أبسط الحقوق التي نتحدث عنها.
إحدى المشاركات في المهرجان الوطني للزي التقليدي في طرابلس، ليبيا 13 ماري/ آذار 2018 - سبوتنيك عربي, 1920, 15.03.2018
وسائط متعددة
نساء ليبيا يتألقن في طرابلس
وعلى الرغم من التخبط السياسي والكبير والخلافات السياسية على الأرض التي ضاعت معها الحقوق توجهنا إلى الدكتورة ابتسام ابحيح عضو لجنة الحقوق والحريات بالهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي الجديد الذي لم يبصر النور بعد.
تقول ابحيح: "وضعت الهيئة في اعتباراتها حقوق النساء الليبيات المتزوجات من غير الليبي وحق منحها الجنسية الليبية لأبنائهن".
وتابعت ابحيح: "نصت المادة السادسة بأن يتمتع أبناء هذه الفئة بالحقوق المدنية الكاملة عدا الحقوق السياسية، حتى يتم مناقشتها في الجلسات العامة، ولكنها قالت رفض هذا الطرح في المشروع الأخير، ولم يضمن منح الجنسية وأحيلت للقانون".
وأضافت: "اختلفت اللجان النوعية بالهيأة حول هذا الأمر، أما فيما يتعلق بلجنة الحقوق والحريات نصت بشكل واضح على أن المرأة الليبية بصفة عامة من حقها منح الجنسية لأبنائها أسوة بالرجل، مؤكدة أن هذا الأمر من مبدأ المساواة، ولكن اختلف في هذه النقطة أيضا، ورفض نص المشروع على أساس موضوع الجنسية من قبل لجنة العمل المتكونة من أثني عشر عضوا".
وقالت: "اعترضت على هذا الرفض ورفعت هذا الرفض إلى الجلسات العامة، وتمت الموافقة على أن يكون ليبي من ولد من أب ليبي، أما الليبية المتزوجة من غير ليبي يسجل أبناؤها بحق القانون على أن ينظر لهم القانون لاحقا".
وعن إقصاء الليبية المتزوجة من أجنبي، قالت ابحيح: "نعيش في مجتمع ذكوري لا يعترف بالواجبات بين الرجل والمرأة وأن الليبية المتزوجة من أجنبي أصابها الضرر كونها متزوجة من غير ليبي".
ورش عمل في ليبيا تطالب بحقوق المرأة - سبوتنيك عربي, 1920, 18.06.2022
حقوقيات يتحدثن لـ"سبوتنيك" عن تهميش دور المرأة الليبية في المناصب القيادية

زواج شرعي

في الوقت الذي أكدت فيه الاختصاصية الاجتماعية، خيرية الفرجاني، المدير التنفيذي لمنظمة طموح لرعاية حقوق المرأة، إن زواج الليبيات من غير ليبي هو زواج شرعي، ولكن لا تزال هذه القضية تثير الجدل في المجتمع الليبي منذ بدء السلطات في وضع تشريعات جديدة صعبة، وقالت الفرجاني أن هذه القضية تثير جدل واسع والمجتمع لم يتقبل فكرة زواج الليبية من غير الليبي.
وتابعت: "لأن بعض الجهات لا تعترف بزواج الليبية من غير ليبي، كما ينظر إليه البعض بأنه زواج غير كفء، ويجب على الليبيات عدم الزواج بغير الليبي حسب رأيهم، وهذا ظلم كبير".
وأضافت أن هناك صعوبات كبيرة تواجه هذه الشريحة في إتمام إجراءاتهم لأنهن مصنفات كأجنبيات في بلادهن ووصفت هذه الخطوة بأنها إجحاف كبير.
ولفتت إلى ضياع حقوق هؤلاء الأبناء بعد وفاة الأم وأبسط هذه الحقوق ميراث الأم الذي يذهب إلى أهلها عنوة.
وشددت الفرجاني على ضرورة حصول هذه السيدات على حقوقهن أسوة بكل مواطني ليبيا ويجب الوقوف معها في كل مطالبها.


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>