أكد سياسيون ومراقبون في العراق على إطلاع بأحوال التيار الصدري وزعيمه رجل الدين مقتدى الصدر قرار عودة الأخير إلى العملية السياسية وتحضيره مبكراً للانتخابات البرلمانية العامة المقررة نهاية العام المقبل 2025.
واختار الصدر، في 11 إبريل/نيسان الماضي، اسم "التيار الوطني الشيعي" في خطاب رسمي حمل توقيعه وختمه. وجاءت الخطوة بعد اعتزاله العملية السياسية في 15 يونيو/حزيران 2022، مع تأكيد عدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة حتى لا يشترك مع الساسة "الفاسدين".
وتحدثت وكالة "رويترز" في تقرير لها نشر في وقت سابق من اليوم الأحد، واعتمد على أكثر من 20 مصدراً منهم ساسة شيعة من التيار الصدري وفصائل منافسة ورجال دين وسياسيون في مدينة النجف ومسؤولون حكوميون ومحللون، عن أن "التيار الصدري مصمم أقوى من ذي قبل على الفوز بعدد أكبر من المقاعد لتشكيل حكومة أغلبية"، رغم أن القرار النهائي للترشح لم يُتخذ رسمياً.
وقال نائب سابق عن التيار الصدري: "هذه المرة لدى التيار الصدري تصميم أقوى من ذي قبل على الفوز بعدد أكبر من المقاعد لتشكيل حكومة أغلبية"، رغم أن القرار النهائي للترشح لم يُتخذ رسمياً.
وعاد مقتدى الصدر إلى دائرة الضوء منذ مارس/آذار من خلال عقده اجتماعاً نادراً مع المرجع الديني لشيعة العراق علي السيستاني، الذي اضطلع بدور محوري في إنهاء اشتباكات دامية بين الشيعة في عام 2022 قبل انسحاب الصدر من الساحة السياسية. وقالت ستة مصادر من التيار الصدري إن الصدريين يفسرون اللقاء مع السيستاني، الذي ينأى بنفسه عن المشهد السياسي المعقد ولا يلتقي عادةً السياسيين، على أنه تأييد ضمني، وفقاً لتقرير وكالة "رويترز". وبعد أيام من الاجتماع، دعا الصدر نواب الكتلة الصدرية الذين استقالوا عام 2021 إلى تجميع صفوفهم والتواصل مجدداً مع القاعدة السياسية للتيار.
وقال الناشط السياسي المقرب من التيار الصدري مجاشع التميمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن عودة التيار الصدري تحت عنوان "التيار الوطني الشيعي"، "قريبة جداً".
وذكّر التميمي بأن "شعار لا غربية ولا شرقية"، الذي رفعه التيار الصدري في انتخابات عام 2021 سيكون مرافقاً له في عودته الجديدة إلى المشهد السياسي، وقال إن "رفض التدخل الخارجي الأميركي والإيراني عنوان ثابت لدى التيار الصدري، وهذا الشعار لا يستهدف جهة أو دولة معينة، وإنما هي رسالة برفض الوصاية والتدخل بالشأن العراقي"، معتبراً أن "عودة الصدر إلى العملية السياسية ستشكل قلقاً على باقي القوى السياسية الشيعية في تحالف الإطار التنسيقي، كون التيار الصدري سيسعى من خلال التفاهم مع مكونات الشعب العراقي الأخرى، لتشكيل حكومة الأغلبية". وأعرب الناشط عن اعتقاده بأن هذا الأمر لا يزال من أبرز أهداف الصدر للمرحلة المقبلة.
وتعليقاً على التطورات، قال النائب عن "الإطار التنسيقي"، الحاكم حالياً في العراق مختار الموسوي، لـ"العربي الجديد"، إن "عودة التيار الصدري للمشهد السياسي باتت أمراً شبه محسوم". وأضاف: "باب العودة للتيار ستكون انتخابات مجلس النواب في نهاية سنة 2025، لكن ربما تكون له تحضيرات مسبقة لهذه العودة خلال الأشهر المقبلة".
ورحب الموسوي بالخطوة المرتقبة قائلاً إن "الصدريين جزء أساسي ورئيسي من المشهد السياسي العراقي، خاصة أنه يمتلك قواعد شعبية كبيرة جداً"، لكنه استبعد أن تؤثر هذه العودة على شعبية قوى الإطار التنسيقي وقوته، "فالإطار لديه جمهور ثابت ومتماسك".
وأضاف أن حظوظ الإطار التنسيقي في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ستكون أقوى من السابق، خاصة في ظل "نجاحات الحكومة العراقية الحالية المشكلة من الإطار في ملفات الخدمات والاقتصاد وغيرها"، ولهذا فإن "عودة التيار الصدري لا تشكل أي قلق لقوى الإطار، بل على العكس العودة مرحب بها كونها ستعيد التوازن السياسي للمشهد العراقي".
وختم النائب عن الإطار التنسيقي بالقول إنه "لا يمكن تحديد شكل الحكومة العراقية الجديدة من الآن ولا يمكن الحديث عن شكل التحالفات السياسية والانتخابية، فالوقت ما زال مبكراً جداً، ودخول الصدر ضمن الإطار أمر وارد جداً، خاصة أن الصدريين كانوا جزءاً منه قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة".
واعتبر الخبير بالشأن السياسي أحمد الشريفي، الاجتماع الذي تحقق بين مقتدى الصدر والسيستاني في مدينة النجف وما تبعه من إعلان تغيير الصدر اسم تياره، بأنه "يؤكد سعي الصدر العودة إلى العمل السياسي وبقوة خلال المرحلة المقبلة"، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الصدر سيعمل على الحد من نفوذ قوى الإطار التنسيقي، التي استغلت غيابه برلمانياً وسياسياً للسيطرة أكثر على مفاصل الدولة".
وبيّن الشريفي: "المتوقع أن الصدر سيعود مما انتهى منه، وهو تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية، التي تجمع قوى سياسية (شيعية، كردية، سنية) ونتوقع أن الفيتو السابق من الصدر على التحالف مع بعض أطراف الإطار التنسيقي وعلى رأسهم ائتلاف دولة القانون وعصائب أهل الحق، ما زال سارياً".