إلى أي مدى سوف يستمر التصعيد بين حكومة نتنياهو و"أنصار الله"؟ لماذا تغافلت
تل أبيب عن كل العمليات السابقة التي أعلنت عنها صنعاء ولم تعلن عنها وسارعت في الرد على العملية الأخيرة.. وهل تلك العمليات تدخل تحت مظلة قواعد الاشتباك أم أن الأمور خرجت عن السيطرة وأن مواجهات وجبهات أخرى سوف تشارك مباشرة في تلك الحرب؟
بداية، يقول أكرم الحاج، المحلل السياسي اليمني في صنعاء: "في اعتقادي أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يكن يتوقع رد الفعل اليمني عندما قام بقصف ميناء الحديدة وشركة النفط والمنشآت المدنية، حيث تعد تلك
الغارة الأولى من نوعها التي تستهدف الجمهورية اليمنية ومنشآتها المدنية".
وقال في حديثه لـ"
سبوتنيك": "الجميع يعلم أن نتنياهو يريد توسيع المعركة في المنطقة لكي ينجو بنفسه نتيجة الهزيمة الكبرى التي تعرض لها من جانب المقاومة الفلسطينية في غزة والمقاومة العربية في لبنان والعراق واليمن، هذا بجانب أن نتنياهو جر
الولايات المتحدة الأمريكية بهذا التصعيد وأدخلها في أتون الحرب".
وأضاف الحاج أن "تلك الغارة الإسرائيلية كان لها رد فعل كبير في الداخل اليمني، الأمر الذي دفع
الناطق العسكري في صنعاء العميد يحيى سريع للقول بأن الرد على تلك الغارة سوف يكون "مزلزلا" وكبيرا، هذا يعني أن قوات صنعاء بحسب الناطق العسكري جاهزة بكل قواتها وأسلحتها المتنوعة ما بين البرية والبحرية والطيران المسير وغيرها من أدوات الحرب".
وتابع المحلل السياسي: "وفق ما يجري على الأرض من تطوير وتحديث في القوات اليمنية ودخول أسلحة جديدة، نرى أن صنعاء جاهزة لكل السيناريوهات القادمة في ظل الموقف
السياسي والعسكري المنهزم داخل الكيان الإسرائيلي والذي سوف يأخذ منحى أكبر في مسألة تحجيم هذا التطور الملاحظ".
وأشار المحلل السياسي، إلى أنه "لا يجب أن لا ننسى المواقف الأخرى للمقاومة في العراق ولبنان وغيرها،
فالحرب سوف تشتعل أكثر إذا ما تهور نتنياهو وقام بتوسعة الغارات على اليمن وخاصة في المرافق المدنية، بهدف تقويض قوات صنعاء سواء كانت في الأحمر أو المتوسط أو العربي، وعلى ما يبدو أن الصواريخ الباليستية اليمنية والطيران المسير أصبح له اليد الطولى بعد اختراقها للأجواء في الأراضي المحتلة وإصابة أهدافها في
تل أبيب ويافا وأم الرشراش وغيرها من الأراضي المحتلة".
وحول الأسباب التي أدت إلى المواجهة المباشرة بين صنعاء وإسرائيل في هذا التوقيت، يقول الحاج: "علينا أن ندرك أن الكيان الصهيوني سواء كان في وسائله الإعلامية أو على المستوى
العسكري والسياسي لم يكشف حجم الغارات اليمنية التي استهدفت إسرائيل طوال الأشهر الماضية وحجم الخسائر التي خلفتها، لكنهم تحدثوا مؤخرا أنهم تعرضوا لما يزيد على 200 من الهجمات اليمنية سواء كانت عن طريق الطائرات المسيرة أو الصواريخ، مشيرا إلى أن الغارة الأخيرة أفقدتهم رشدهم ودفعتهم لاستهداف
ميناء الحديدة".
في المقابل، يرى العميد ثابت حسين، الخبير العسكري والاستراتيجي الجنوبي باليمن، أن "التصعيد الذي حدث خلال الأيام الماضية بعدما أعلن الحوثيون (أنصار الله) مسؤوليتهم عن
الهجوم بطائرة مسيرة قيل إنها أصابت هدفا في تل أبيب، وأعلنت إسرائيل من جانبها أن الهجوم راح ضحيته مواطن إسرائيلي ومدنيين آخرين، أعقبها الرد الإسرائيلي العنيف بقصف ميناء الحديدة خلال 48 ساعة".
وقال حسين في حديثه لـ"
سبوتنيك": "يبدو أن الرد الإسرائيلي كان يستهدف شريان الحياة بالنسبة للحوثيين والذي يستخدمونه في الدعم اللوجستي والمجهود الحربي، علاوة على ما يحتويه الميناء من مخزون نفطي كبير، كما يمثل ميناء الحديدة أهمية كبرى للحوثيين فيما يتعلق بعمليات استيراد الأسلحة والتواصل مع العالم بشكل عام".
وأضاف الخبير العسكري: "أعتقد أن التصعيد سوف يستمر، لكن لا أرى أن
الحوثيين يمتلكون ما يمكنهم من القيام برد قوي ضد إسرائيل بسبب فارق توازن القوى بين الطرفين، ومع ذلك لا يزال الحوثيون قادرين على تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وربما إطلاق مسيرات وصواريخ باليستية باتجاه تل أبيب، لكن لدى
إسرائيل دفاعات جوية متطورة استطاعت إسقاط الكثير من الصواريخ والمسيرات القادمة باتجاهها".
وحول توقيت التصعيد، يقول حسين: "أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية لا ترغب أن تتدخل إسرائيل بالحرب نظرا لارتباطها في حرب غزة، لكن الحوثيين أكثروا من العمليات الاستفزازية وخلقوا مبررا أقوى للقصف
الإسرائيلي، وفي نفس الوقت جاء الرد الإسرائيلي لكي يعطي الحوثيين فرصة كانوا ينتظرونها بفارغ الصبر وتوظيف هذا الحدث لصالحهم بأنهم يواجهون أمريكا وإسرائيل، وربما يتعلق الأمر أيضا من الجانب الآخر
بالحملة الانتخابية الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية بعد محاولة اغتيال ترامب التي أدت إلى ارتفاع شعبيته".
صرح زعيم جماعة "أنصار الله" في اليمن، عبد
الملك الحوثي، اليوم الأحد، أن "الشعب اليمني سعيد بمواجهته المباشرة ضد العدو الإسرائيلي"، مشيرا إلى أنه "شعب ثابت وشجاع"، معربا عن اعتزازه بشعبه الذي "يرفع راية الجهاد لمناصرة القضية الفلسطينية".
وأعرب الحوثي في خطاب نقلته قناة "المسيرة" عن سعادته بأن "المعركة اليوم أصبحت مباشرة بين اليمن والعدو الإسرائيلي"، مؤكدًا أن "هذا الوضع يعكس قوة الشعب اليمني وثباته، وأن العدو
الإسرائيلي تورط ولم يتمكن من الاستمرار في استراتيجية الانفراد بالشعب الفلسطيني، مما اضطره للانشغال في المعارك في عدة جبهات".
وأشاد الحوثي بالتعاون بين جماعته وبقية من وصفهم بـ"جبهات الإسناد"، مؤكدا أن هذا التعاون قوي ومتطور، وقد "أسهم في إفشال خطط العدو"، على حد تعبيره.
وأكد الحوثي أن "أي موقف مساند لغزة هو موقف مشرف يستحق التقدير، وأن الشعوب العربية والإسلامية أظهرت تعاطفًا واضحًا مع الشعبين اليمني والفلسطيني، مما يعكس الموقف الصحيح"، داعيا الإسرائيليين إلى أن "يخافوا ويقلقوا أكثر من أي وقت مضى"، حيث "أن المعركة المباشرة مع الأمريكي والإسرائيلي تمثل فشلاً كبيراً للعملاء، مما يتضح من بياناتهم التي تعكس مدى حمقهم وغضبهم"، على حد تعبيره.
وأضاف قائد جماعة "أنصار الله" أن من أهم فوائد الأحداث ونتائجها هي "التجليات التي تفرز وتكشف الناس على حقيقتهم، حيث أن دخول العدو الإسرائيلي في العدوان المباشر على اليمن هي فرصة لمعرفة من هو المنافق، الذي يحقد على الشعب اليمني ويظهر نفسه متجندًا لخدمة الإسرائيليين".
وألمح الحوثي إلى أن "البعض أدان
العدوان بطريقة مؤدبة، وأعقبها تعبير عن عداء شديد بنفس المنطق الإسرائيلي في توصيف الموقف اليمني"، مبينا أن موقف الشعب اليمني واضح، وأنهم يخوضون معركة مقدسة وليست عبثية، متهما من يردد منطق إسرائيل في توصيف موقف الشعب اليمني بـ"العمالة والخيانة والتبعية لهذا العدو".
ونفى الحوثي أن يكون موقف جماعته المساند للشعب الفلسطيني من أجل إيران، مؤكدا أن من يتحدث بهذا المنطق "عميل للإسرائيليين ويسيء للشعب الفلسطيني".
وتابع الحوثي: "العدو الإسرائيلي استهدف
ميناء الحديدة بهدف استعراضي من أجل جمهوره"، مضيفا أنه "يحاول الاستفراد بالشعب الفلسطيني والأمريكيون يوفرون له الحماية".
وأكد أن "جبهة الإسناد في اليمن تحركت بشكل مؤثر في البحر الأحمر والبحر العربي والمحيط الهندي"، مشيرا إلى أن "كل عمليات الجبهة كانت مؤثرة حتى تم إعلان إفلاس ميناء أم الرشراش".
وكانت "أنصار الله" قد أعلنت، في وقت سابق اليوم، مقتل وإصابة 90 شخصاً إثر غارات إسرائيلية استهدفت منشآت حيوية في محافظة الحديدة غربي اليمن.
وأمس السبت، شنت مقاتلات إسرائيلية، سلسلة غارات جوية على صهاريج لتخزين الوقود في ميناء الحديدة، وخزانات للمازوت في محطة توليد الكهرباء في منطقة الكثيب في مدينة الحديدة.
وتوعدت "أنصار الله" بالرد على الغارات الإسرائيلية، بقصف أهداف حيوية في إسرائيل، معلنةً تل أبيب منطقة غير آمنة، مؤكدةً إعداد العدة لحرب طويلة مع إسرائيل حتى وقف عملياتها العسكرية وحصارها عن الشعب الفلسطيني.
وتصاعد التوتر في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، منذ بدء جماعة "أنصار الله"، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، شن هجمات على سفن تقول إنها مرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إلى موانيها، ردًا على عمليات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.