خطة لإعادة تأهيل سجناء العراق من خلال ورش تشغيلية
من المتوقّع أن تبدأ حكومة بغداد بتنفيذ برامج لتشغيل سجناء العراق قريباً، وذلك في إجراء يهدف إلى إعادة تأهيلهم ثمّ دمجهم في المجتمع بعد انتهاء مدد محكومياتهم، علماً أنّ تلك الخطوة لقيت إشادة نظراً إلى أهميتها وانعكاساتها الإيجابية مجتمعياً. وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت، في وقت سابق، وضع خطط لتطوير واقع السجون وتحسين أوضاع السجناء في البلاد، مشدّدة على أنّها تسعى إلى إنهاء أزمة اكتظاظ السجون، من ضمن استراتيجية توسيعها.
ويتضمّن ذلك استحداث مدن إصلاحية متكاملة وترميم ما يتوفّر من منشآت حالياً بما يتناسب مع أعداد سجناء العراق فيها، كذلك وعدت وزارة العدل بخطة لإعادة توزيع هؤلاء بحسب الرقعة الجغرافية. وصدّق وزير العدل خالد شواني على الملف، أمس الأربعاء، بحسب ما جاء في بيان أصدرته وزارته التي أوضحت أنّ الملف يشمل "تعليمات تشغيل النزلاء والمودَعين في دائرتَي الإصلاح وإصلاح الأحداث"، وذلك بعد تدقيق تلك التعليمات من قبل مجلس الدولة، علماً أنّها تهدف إلى "توفير فرص عمل للنزلاء بما يسهم في تأهيلهم وإعادة دمجهم في المجتمع".
أضافت وزارة العدل، في بيانها، أنّه "وفقاً للتعليمات، يُوضَع برنامج تدريبي مناسب للنزلاء قبل البدء بالعمل، وضمان حصولهم على الأجور المستحَقة وفقاً للعقود المبرمة معهم"، مشيرة إلى أنّ من حق سجناء العراق "سحب جزء من المبالغ المالية أو إيداعها في حسابات الأمانات أو إرسالها إلى ذويهم، بناءً على محاضر رسمية تصدّق عليها اللجنة". وتنصّ التعليمات على إنشاء ورش أو معامل أو منشآت في الأقسام الإصلاحية، وتوفير مساحات كافية لتشغيل النزلاء، على أن تلتزم دائرتا الإصلاح بالتعاقد مع الجهات الحكومية التي تحتاج إلى تشغيل النزلاء أو المودَعين في الأقسام والمدارس الإصلاحية وفقاً للقانون.
في هذا الإطار، قال مسؤول في قسم التخطيط لدى وزارة العدل العراقية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "خطة التشغيل وُضعت بعد دراسة مستفيضة للملف، وجرت فيها مراعاة الظروف المناسبة للنزيل. وسوف تُطبَّق تباعاً في السجون الإصلاحية في فترة قريبة". وشرح المسؤول العراقي، مشترطاً عدم الكشف عن هويته، أنّ "الخطة سوف تركّز على إعادة تأهيل النزيل، وتُطبَّق على النزلاء الذين شارفت محكومياتهم على الانتهاء أوّلاً، ثمّ تطبّق تباعاً على الأقرب فالأقرب لجهة مدّة الحكم".
وبيّن المسؤول العراقي أنّ "الخطة سوف تُطبَّق بحسب السجون، أيّ تلك التي تتوفّر فيها معايير تضمن إمكانية تطبيق الخطة، لجهة أعداد النزلاء ومساحة السجن"، مضيفاً أنّ "تعليمات الخطة جاهزة، وأنّ الوزارة تعمل على دراسة السجون لتحدّد الأولويات في تطبيق خطتها بحسب السجون والدوائر الإصلاحية".
من جهته، قال الناشط العراقي في الشأن المجتمعي مظفر الحسني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "خطوة الوزارة مهمّة، إلا أنّها تتطلّب خطوات أخرى تنعكس إيجاباً على واقع السجون". أضاف أنّ على الوزارة أوّلاً "حلّ مشكلة الاكتظاظ في السجون، إذ إنّ ذلك يُعَدّ من أكبر مشكلات سجناء العراق، وبعد ذلك يمكن تطبيق برنامج تشغيلهم". وتابع الحسني: "نلمس لدى الحكومة الحالية خطوات ومساعي للتخفيف من مشكلات السجناء، وهذا أمر جيد يُحسَب لها".
ولفت الحسني إلى أنّ "في حال حُلّت المشكلات وأُطلق البرنامج الذي يشتمل على ورش تشغيلية، فإنّ من شأن ذلك أن يكون له انعكاس جيد على نفسية السجين. وبالتالي، عند انتهاء محكوميته، سوف يكون قادراً على العودة إلى المجتمع والاندماج به". ورأى الناشط أنّ "العراق تأخّر في تطبيق الجهود التي تأتي في إطار إصلاح السجون، لكنّ عودة الدولة إلى تحمّل مسؤولية إعادة تأهيل السجناء تُعَدّ خطوة في الاتّجاه الصحيح". وشدّد على أنّ "ثمّة تراكمات كثيرة وكبيرة في واقع السجون، وهي تتطلّب جهد حكومي كبير للتخلّص منها"، آملاً أن "تنجح الحكومة في مساعيها".
تجدر الإشارة إلى أنّ ملفّ سجناء العراق من الملفات المعقدّة، بسبب انتهاكات وخروقات واكتظاظ، فيما لا تتوفّر إحصائية رسمية لعدد هؤلاء في البلد. لكنّ أرقاماً متضاربة تؤكّد أنّها تقترب من 100 ألف سجين يتوزّعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، بالإضافة إلى سجون تابعة لأجهزة أمنية من قبيل أجهزة الاستخبارات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب.