اليوم الثاني لزيارة الرئيس الايراني للعراق… لقاءات متعددة وتأكيد على العلاقات المتينة على كافة المستويات
في زيارة من المتوقع أن تستمر ثلاثة أيام، حلّ الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في العراق في أول زيارة خارجية له منذ تسلّمه منصبه نهاية تموز/يوليو الماضي، في ظل تصاعد الصراع الإقليمي بفعل استمرار العدوان على قطاع غزة وإفشال العدو الاسرائيلي لكل جهود التسوية.
يأتي ذلك في وقت يحضر فيه البلدان كجبهتي إسناد مهمتين للمقاومة في القطاع وأهله الذين يتعرضون لإبادة جماعية من قبل جيش الاحتلال. وكان بزشكيان قد أكد سابقاً أنه يريد إعطاء الأهمية لتوطيد العلاقات مع دول المنطقة، ولا سيما العراق، وذلك استكمالاً لدور الرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي، في ملف العلاقات الخارجية.
اليوم الثاني
وفي تفاصيل اليوم الثاني للزيارة، فقد ووصل الرئيس بزشكيان، صباح اليوم الخميس، إلى أربيل، وكان في استقباله رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني.
وفي السياق، قال رئيس اقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني اليوم إن “زيارة الرئيس الايراني تعتبر بالنسبة لنا، تاريخية بكل ما للكلمة من معنى”، مؤكداً أن “لدينا اوجه اشتراك تاريخية كثيرة مع ايران”.
وتابع رئيس اقليم كردستان العراق أنه “لا يجب أن تتخذ أراضي الاقليم منطلقاً للمساس بالجمهورية الاسلامية الايرانية اطلاقاً”، مشيراً إلى “المشاورات التي جرت مع المسؤولين الايرانيين”، قائلاً إننا “اكدنا في الاجتماعات على ضرورة المضي قدماً بالعلاقات والقضايا الأمنية وثمة جهوزية للنهوض بالعلاقات”.
كما التقى بزشكيان رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي مسعود بارزاني.
وبعد وصول الرئيس بزشكيان إلى أربيل، عقد الوفد الايراني اجتماعاً مع كبار المسؤولين في كردستان العراق. وتعد هذه الزيارة الأولى لمسؤول رفيع على مستوى الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى الإقليم.
لقاءات
كذلك، وفي اطار لقاءاته كبار المسؤولين العراقيين في بغداد، أشار الرئيس بزشكيان خلال لقائه رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان إلى أنه “كان مهتم بزيارة دولة صديقة ومسلمة قبل السفر إلى نيويورك، وبناء عليه فقد اخترنا العراق، الذي هو حقاً وطننا الثاني”، قائلاً إن “أمريكا تحاول تشويه الوحدة والتضامن بين المسلمين ودول المنطقة، لكننا نؤمن إيماناً راسخاً بأننا جميعاً إخوة”.
واعتبر جرائم الكيان الصهيوني في غزة بأنها “لا يمكن تبريرها بأي معيار”، وأضاف أن “الصهاينة يرتكبون جرائم ضد الأبرياء في غزة بأكثر الطرق وحشية ، وإذا أراد اهل غزة الدفاع عن أنفسهم، يجري اتهامهم من قبل حماة الكيان الصهيوني بالإرهاب”.
وقال إنه “لو تعاون المسلمون ودول المنطقة، فبامكانهم تقويض هيمنة العالم الغربي”، وقال “بالوحدة السياسية والتعاون الاقتصادي، يمكننا تعزيز الرخاء والراحة والأمن في المنطقة، وبهذه الطريقة نحبط مؤامرات العدو”.
وأشار الرئيس الايراني إلى اتفاق كبار المسؤولين في إيران والعراق على صياغة خطة استراتيجية شاملة طويلة المدى لتطوير العلاقات بين البلدين وقال “اليوم لدى رئيسي إيران والعراق إرادة جادة لحل المشاكل القائمة امام رفع مستوى العلاقات الثنائية، ويمكن لهذه الخطة أن تحدد الطريق بدقة إلى تطوير العلاقات وتحديد المعوقات والمتطلبات لها”.
من جهته، وصف فائق زيدان العلاقات بين البلدين بأنها “عريقة وتاريخية”، قائلاً إن “امتزاج دماء قائدي المقاومة العظيمين الشهيد سليماني والشهيد المهندس، في طريق تأمين الأمن في المنطقة اوصلت العلاقات بين البلدين الصديقين والشقيقين، إيران والعراق، إلى ذروتها ولن ينسى العراقيون الدعم والمساندة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
وأكد رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي كلام بزشكيان أنه “لو كانت الدول الإسلامية موحدة لما ارتكب الكيان الصهيوني مثل هذه الجرائم”، مشيراً إلى أن الغربيين “لديهم معايير مزدوجة في مختلف القضايا، بما في ذلك حقوق الإنسان”، موضحاً أنه “رغم أنهم لم يوافقوا على إدانة اغتيال الشهيد هنية في طهران، إلا أنهم عندما شعروا أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تريد الثأر لدمه، أصموا آذان العالم بضجيجهم”.
من جهة ثانية، وخلال اجتماع بمبنى المستشارية الثقافية الايرانية في بغداد، بحضور جمع من الرعايا الايرانيين المقيمين في العراق، أكد الرئيس الايراني، في إشارة إلى الجرائم المهولة التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي بقطاع غزة، أن المجتمع الدولي تقاعس في وضع حد لتلك المجازر، بل اعتبر ذلك بمثابة “الدفاع عن النفس”.
وفي كلمة له أمس الأربعاء، قال الرئيس الايراني إن “هذا الكيان يواصل تلك المجازر في حق الشعب الفلسطيني داخل القطاع بذريعة الدفاع نفسه.”
ووصف بزشكيان هذا النهج الذي يمضي عليه العالم (الغربي) اليوم تجاه التطورات بقطاع غزة، بأنه “قتل للمروءة والرجولة”، مضيفاً أنه “عندما يقع حادث صغير في بلادنا، تتسارع وسائل الاعلام العالمية إلى التغطيته والترويج لانتهاك حقوق الانسان في الجمهورية الاسلامية؛ لكن هناك كمٌ هائل من المجازر التي تحدث إثر قصف الكيان الصهيوني باستخدام القنابل والصواريخ على رؤوس النساء والأطفال والشبان الفلسطينيين، لكن العالم الذي يدّعي الدفاع عن حقوق الانسان اتخذ جانب الصمت قبال جميع هذه الجرائم”.
وعزا بزشكيان أسباب تمادي الكيان الصهيوني في جرائمه، إلى “انعدام الوحدة والتماسك داخل العالم الاسلامي”.
كما تطرق إلى الحظر الأمريكي على الجمهورية الإسلامية الايرانية والمشاكل الراهنة في البلاد، قائلاً “نحن قادرون على تجاوز هذه التحديات بفضل الوحدة والتماسك والوئام الوطني واتباع تعاليمنا الدينية”.
وفي مقابلة صحافية أمس الأربعاء، أكد الرئيس الإيراني أن “سبب اختيار العراق أولى زياراته الخارجية، كون لدى بلاده حدود مشتركة وعلاقات كبيرة”، لافتاً إلى أنه “لا بد من الوحدة والتكاتف أمنياً من أجل إزالة المعوقات”.
وعن الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، وصف ما يجري في القطاع بـ”الكارثة الإنسانية”، مؤكداً “ضرورة وضع حد للكيان الصهيوني ومنع استهداف الشعب الفلسطيني”.
وأضاف أن “الكيان الصهيوني يرتكب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني”، مؤكداً “أهمية إنهاء الحرب ضد الشعب الفلسطيني”.
يُذكر أنه في اليوم الأول لزيارته، التقى بزشكيان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني. وفي مؤتمر صحفي، أوضح الأخير أنه تحدث مع الرئيس الإيراني عن أهمية الاستقرار في المنطقة، الذي يهدده العدو الصهيوني، مضيفاً “مواقفنا مشتركة إزاء العدوان على غزة وعلى المجتمع الدولي الاضطلاع بمهامه الأخلاقية”. وأكد أنه “لن نسمح بأي تهديد أو عدوان ينطلق من أراضينا ضد إيران”.
من جهته، أعرب الرئيس الإيراني عن أمله في أن “يكون العراق قويا وآمنا ومستقلا تسوده الأخوة والهدوء”، مشيرا إلى أهمية الاتفاقات الأمنية مع العراق “لصد الإرهابيين في المنطقة”. وتوّج الرئيس الإيراني زيارته للعراق بتوقيع 14 اتفاقية تعاون مشترك.