صفيٌّ بعد صفيّ.. القافلة النورانية على طريق الإنتصار الكبير
ارتقى السيد هاشم صفي الدين شهيدا قائدا كبيرا على طريق القدس، بشهادة تليق بشخصية من هذا الحجم نذرت عمرها للجهاد والمقاومة العسكرية والاجتماعية، فالتحق سريعا برفيق دربه وحبيب قلبه الشهيد الاسمى في مسيرة حزب الله الامين العام الشهيد السيد حسن نصر الله(قده).
وقد أعلن حزب الله رسميا استشهاد السيد صفي الدين بعد ما يقارب عن الـ20 يوما من استهداف العدو الاسرائيلي بغارة عنيفة لمكان تواجده في الضاحية الجنوبية في 4 تشرين الاول/اكتوبر من الشهر الجاري، وقد سعى العدو لمنع عمليات الإغاثة والإنقاذ طوال الفترة الماضية لمنع خروج أي إنسان حي من تلك الغارة البربرية، ما يعني جريمة صهيونية جديدة ضد الانسانية تسجل بمنع الوصول لجثث الشهداء او الجرحى لمساعدتهم ومنحهم المعونة والعلاج الممكن والمطلوب.
ولكن يبقى السؤال البديهي ماذا بعد اغتيال قائد بحجم السيد هاشم صفي الدين؟ هل ستقف مسيرة المقاومة أم ان هذه الدماء ستشكل دفعا أقوى لمزيد من إشعال جذوة المقاومة في النفوس والقلوب وفي يوميات الناس والمجاهدين وفي الردود التي سيتلقاها العدو الاسرائيلي مع استمرار عدوانه على لبنان وغزة؟ أليس دماء السيد صفي الدين ستشكل عاملا إضافيا آخر لدفع المقاومة نحو المزيد من الارتقاء والاقتدار وصولا لإزالة كيان العدو من الوجود؟
بالتجربة التاريخية والعملية لا سيما في مسيرة المقاومة الفلسطينية واللبنانية وبالتحديد حزب الله شكل ارتقاء القادة أحد الاسباب الاساسية لتلقين العدو الضربات والدروس والهزائم، ومن ثم تسطير أعظم الانتصارات والانجازات في التاريخ الحديث لهذه الأمة، فمنذ ثمانيينات وتسعينات القرن الماضي وصولا الى بدايات الألفية الثالثة شكل استشهاد قادة كالشيخ راغب حرب(1984) والأمين العام الاسبق لحزب الله السيد عباس الموسوي(1992) والقائد الجهادي الكبير الحاج عماد مغنية(2008) ومن تلاهم من قادة شهداء الى ازدياد قوة المقاومة كما ونوعا وحجما بكل المعايير والمقاييس حتى باتت تشكل عقبة امام المخططات والمؤامرات الاميركية والاسرائيلية في كل المنطقة بما يؤثر ذلك على المستوى العالمي.
لذلك نرى كل هذه الهجمة على المقاومة لا سيما في لبنان منذ العام 2005 وحتى الساعة، حيث خيضت ضدها كل أنواع الحروب من الفتن الداخلية الى الحروب العسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وحتى التربوية والتكنولوجية ولم يتم إراحتها أو إراحة بيئتها، لماذا كل ذلك؟ أليس لانها كانت عاملا أساسيا بإفشال كل المخططات منذ اكثر من 40 عاما وحتى اليوم ومنعت إعادة رسم ما أسمته الادارة الاميركية “الشرق الأوسط الجديد” وبإذن الله ستكرر المقاومة اليوم منع تنفيذ مثل هذه المخططات وستفضح كل المتآمرين لتنفيذها.
وما سبق ذكره ليس فقط للتذكير او للتكرار او لمجرد الاشارة العابرة، ما سبق ذكره ضروري للقول إن كانت دماء قائد كبير كل عدة سنوات أدت الى تصاعد قوة وعمل المقاومة الى ما نحن عليه اليوم، فما بالكم لو حصل ارتقاء القادة الكبار في فترة زمنية قصيرة وفي أشهر معدودة؟ هل يمكن ان يكون ذلك مؤشرا لضربات نوعية متلاحقة قد تسددها المقاومة ليس فقط لتعطيل المشاريع الاميركية الصهيونية كمشروع “الشرق الاوسط الجديد” او غيره وإنما لنسف كل مشاريع العدو في المنطقة وصولا لإزالة كيانه من الوجود؟ ففي هذه المعركة التي تُخاض اليوم وفي هذا العام فقط سجل استشهاد قادة كبار جدا من الجيل المؤسس لمسيرة المقاومة على رأسهم الشهيد الاسمى والاقدس السيد حسن نصر الله، وبعد ايام استشهد السيد صفي الدين وسبقه قادة كالقائد الجهادي الكبير السيد فؤاد شكر(السيد محسن) والحاج ابراهيم عقيل(الحاج عبد القادر) وثلة من رفاقهم وإخوانهم القادة في معركة الإسناد لغزة، وايضا في المقاومة الفلسطينية وبالتحديد من حركة حماس ارتقى شهداء قادة كبار كاسماعيل هنية ويحيى السنوار وصالح العاروري وغيرهم من خيرة ما أنجبته المقاومة.
وانطلاقا مما سبق، فإن أثر الانتصار في هذه المعركة سيكون كبيرا جدا، فالعدو -على لسان قادته السياسيين والامنيين- يعتبر ان هذه المعركة وجودية له وبالتالي خسارته فيها ستعني الكثير على مستوى مصير هذا الكيان وقرب زواله وسيكون لها تداعيات على كل المنطقة والعالم، أي أن انتصار المقاومة في هذه الحرب سيكون متصلا بسلسلة الانتصارات التي سبق ان سطرتها طوال السنوات الماضية بدءا من العام 2000 الى اليوم، لتأكيد مقولة الشهيد القائد السيد نصر الله بأنه “قد ولى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات”.
وبالتأكيد فإن دماء السيد صفي الدين ستكون جرعة عز وفخار تضاف الى القافلة النورانية للشهداء الأبرار المتصلة دوما بخط إلهي مصدره الإسلام المحمدي الأصيل وتجربته الحية والأقوى والحاضرة دوما هي كربلاء الإمام الحسين(ع) كمدرسة خالدة لانتصار الدم على السيف حتى إقامة دولة العدل الإلهي وإزالة كل هذا الجور من الكون.