وقال أبو جودة لوكالة "سبوتنيك": "يجب أن نراقب كيفية تعامل الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، مع الملفات الإقليمية المختلفة، وخاصة في لبنان وغزة"، مشيرا إلى أن "ترامب سيواجه تحديات كبيرة في التعامل مع هذين الملفين، خصوصًا في ظل الانقسامات المحتملة في فريقه حول كيفية التعامل مع هذه القضايا الحساسة".
وأضاف: "تصريحات دايفيد شينكر، الذي كان يشغل منصب مساعد وزير الخارجية الأمريكي في عهد ترامب، والتي قال فيها إن إدارة ترامب المقبلة قد تشهد انقسامًا حول التعامل مع الملفات اللبنانية والفلسطينية، قد تشير إلى صعوبة إيجاد حلول نهائية لهذه القضايا في حال استمر الوضع الراهن".
وأوضح أن "ترامب لطالما وصف نفسه بأنه "رجل سلام"، مؤكدًا في أكثر من مناسبة أنه يسعى لإنهاء الحروب".
ووفقا له فإن "السؤال الحقيقي هو كيف سيتعامل مع الملفات المعقدة في المنطقة مثل إيران ولبنان؟"، مشيرًا إلى أن "ترامب كان قد وعد بإنهاء الحروب، ولكن يبقى التساؤل حول كيفية تطبيق هذا الوعد في الشرق الأوسط الذي يشهد صراعات مستمرة".
وتابع: "إذا انطلق ترامب من مبدأ أنه لا يريد الحرب، فإن هذا يعني أنه لن يفتح جبهة حرب مع إيران في المرحلة القادمة". وذكر أن "الملف الإيراني كان محوريًا في عهد ترامب، حيث كان هدفه الأساسي هو منع إيران من استكمال برنامجها النووي، وهو ما أثار الجدل حول الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة".
وأكد أبو جودة أن "الولايات المتحدة لا تزال تشارك بشكل غير مباشر في العديد من الحروب الإقليمية في الشرق الأوسط، خاصة في لبنان وغزة، من خلال الدور الاستخباراتي والأمني".
وبالحديث عن الوضع في إسرائيل، قال أبو جودة: "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيستمر في شن الحرب ضد لبنان وقطاع غزة ولن يتراجع في هذه المرحلة"، مضيفا: "نتنياهو حصل على دعم غير مسبوق من ترامب، الذي أعطاه ما لم يُعطِه أي رئيس أمريكي آخر في دعم السياسة الإسرائيلية، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه الوعود ستتحقق في حال فوز ترامب ثانية".
ولفت أبو جودة إلى أن "تصريحات ترامب حول دعم إسرائيل "لا تزال غير واضحة المعالم"، معتبرا أنها "كانت مجرد عناوين انتخابية" في الحملة الرئاسية، مشيرا إلى أن "التركيبة الداخلية لفريق ترامب ومدى تأثير الدولة العميقة في السياسة الخارجية الأمريكية سيكونان العاملين الرئيسيين في تحديد كيف سيتعامل ترامب مع نتنياهو".
وفي هذا السياق، تحدث أبو جودة عن التوترات الداخلية في إسرائيل، حيث "استغل نتنياهو انشغال العالم بالانتخابات الأمريكية وأقال وزير دفاعه في خطوة قال إنها مرتبطة بالصراع الداخلي في إسرائيل، أكثر منها بتطورات الحرب على غزة ولبنان".
وأضاف: "إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي ليست مرتبطة بالتصعيد العسكري في غزة أو لبنان، بل هي قرار سياسي داخلي مرتبط بالصراعات الداخلية في إسرائيل وبالتحقيقات التي تطال نتنياهو".
كما أشار أبو جودة إلى أن "هناك تحقيقات تجري بحق نتنياهو في قضايا فساد، حيث طالت التحقيقات مستشاريه الأمنيين، كما تم تسريب معلومات داخلية تكشف عن الصراع القائم داخل الحكومة الإسرائيلية". وقال: "توقيت إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي مرتبط فقط بالعوامل الداخلية في إسرائيل، إضافة إلى فشل الحرب والعدوان الذي يشنه نتنياهو على غزة ولبنان".
وأوضح أبو جودة أن "البنتاغون أعلن عن تواصل وتعاون مع وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد، وهو ما يشير إلى أن الموضوع ليس له علاقة مباشرة بالأمريكيين، بل هو رد فعل من الوضع الداخلي الإسرائيلي، والمعارضة الإسرائيلية تأخذ نفسًا أكبر مما كان عليه الحال في السابق".
وقال: "نتنياهو يدعي الكثير من الأمور، لكنه في الواقع يجد نفسه في مأزق داخلي، وفي حال استمرت الضغوط العسكرية والميدانية من "المقاومة" اللبنانية على الداخل الإسرائيلي، فإن نتنياهو سيكون أمام أسئلة داخلية صعبة، وخاصة فيما يتعلق بمسألة سكان الشمال الإسرائيلي".
ووفقا له فإن "نتنياهو في مأزق كبير، لأنه بعد كل هذه الضغوط العسكرية، لم يعد أمامه الكثير من الأهداف العسكرية ذات القيمة، وأصبح القصف الإسرائيلي يطال فقط المناطق السكنية في غزة ولبنان".
وعن الوضع في العراق، اعتبر أبو جودة أن "ما يحدث في لبنان هو نفس ما يحدث في العراق من حيث التصعيد والضغوط العسكرية، وإسرائيل تسعى لفرض أجندتها في العراق كما فعلت في لبنان، عبر تنفيذ عمليات ضد فصائل المقاومة العراقية"، وأردف: "إسرائيل سبق وأن نفذت عمليات في العراق طالت الحشد الشعبي، ولكن المشكلة التي تواجهها إسرائيل في مواجهة العراق هي المسافة البعيدة، حيث تقل فعالية العمليات الجوية الإسرائيلية كلما ازداد بُعد الهدف عن حدودها".
واختتم أبو جودة تحليله قائلاً: "نحن أمام مرحلة حساسة في الشرق الأوسط، حيث التحديات التي يواجهها ترامب في حال عودته إلى البيت الأبيض ستكون معقدة، لا سيما في ملفات مثل لبنان وغزة، التي قد تشهد مزيدًا من التوترات والصراعات، من جهة أخرى، إسرائيل في مأزق داخلي وخارجي، حيث تتصاعد الضغوط العسكرية على الجبهات المختلفة، ولا سيما في لبنان والعراق، في وقت يعاني فيه نتنياهو من تحديات داخلية تهدد استمراره في الحكم".