استعدادات لإجراء التعداد السكاني في العراق وسط تشديد أمني
تجري الاستعدادات لإطلاق التعداد السكاني في العراق وهو الأول من نوعه منذ عام 1997، إذ تأخّر إجراؤه طيلة السنوات الماضية بسبب خلافات سياسية جرى تجاوزها أخيراً. وتسعى الحكومة العراقية لإنجاح التعداد بغية رسم الخطط التنموية والحصول على بيانات جديدة عن المواطنين، فيما حثت القوى العراقية على المشاركة الواسعة فيه، والإدلاء بالمعلومات المطلوبة.
وأكّدت الحكومة العراقية على لسان المتحدث باسمها، باسم العوادي، أنّ التعداد السكاني إنجاز مهم وضروري لدعم خطط التنمية العراقية المقبلة، وهو ركيزة أساسية لتوفير البيانات في المجالات الاقتصادية والتنموية والخدمية. وأضاف العوادي لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، يوم الاثنين، أنّ "التعداد هو قاعدة من البيانات الملائمة لإجراء المقارنات والإسقاطات للبيانات الديموغرافية وخصائص العراق الاجتماعية والاقتصادية".
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهرة الهنداوي، لـ"العربي الجديد"، إن "التعداد السكاني سوف يجسد الواقع العراقي بكل تفاصيله، ولهذا له أهمية كبيرة، والمعلومات التي ستجمع ستكون سرية بشكل مشدد، وهدفه اقتصادي تنموي يتمثل في الارتقاء بواقع الخدمات والاقتصاد، ونتائجه الأولية سوف تعلن خلال 24 ساعة من انتهاء عملية التعداد، فيما تحتاج النتائج النهائية إلى أكثر من شهرين ليجري إعلانها".
وأضاف أننا "في وزارة التخطيط اعتمدنا عملية العد والإحصاء وفق الطرق الحديثة من خلال تعداد إلكتروني عبر (التاب) وعبر استخدام نظام المعلومات الجغرافية (GIS) وهو أحد الأنظمة المهمة والكبيرة في التعامل مع البيانات والمعلومات ويعمل على إعطاء وجهة رقمية للتعداد، وجرى تدريب الباحثين على تلك الأجهزة منذ أشهر طويلة". وأشار إلى أن "التعداد السكاني في العراق سيعمل على مسح شامل، وهذا ما سيوفر لنا أرقاماً حديثة خاصة بقواعد البيانات التي نحتاجها بمختلف الأصعدة، وهذه الإحصائيات ستكون عاملاً مهماً في الخطط التنموية والاقتصادية، وفي رسم وتنفيذ البرنامج الحكومي حالياً وللحكومات المقبلة".
وفرضت القوات الأمنية حظراً شاملاً على التجول في يومي التعداد السكاني في العراق كإجراء أمني، وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة للجيش العراقي، اللواء تحسين الخفاجي، لـ"العربي الجديد": "وضعت خطة أمنية خاصة ليومي التعداد السكاني في عموم العراق، وهناك فرض للحظر الشامل، بهدف إنجاح مهمة الباحثين لجمع معلومات المواطنين". وأوضح الخفاجي أن "الخطة اعتمدت تسهيلات كثيرة لحركة الباحثين في المناطق وتنقلهم، إضافة إلى حركة المستثنين من الحظر من الصحافيين والعناصر الأمنية والكوادر الطبية وغيرهم، كما اعتمدت على الجهد الاستخباراتي والتنسيق العالي ما بين كل القطاعات". وأضاف أن "الوضع الأمني مستقر في عموم العراق، ولا توجد لدينا أي مخاوف من أي خروقات قد تحصل خلال يومي الحظر الخاصة بالتعداد السكاني، والقوات الأمنية العراقية بمختلف أصنافها جاهزة ومستعدة لأي طارئ".
من جهته، عقد تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في البلاد، مساء أمس الاثنين، اجتماعاً أكد فيه "أهمية التعداد والمشاركة به"، كما دعت قوى وشخصيات دينية ومجتمعية إلى المشاركة الواسعة في التعداد. وسيُنفَّذ التعداد السكاني العام في العراق يومي 20 و21 من الشهر الحالي، بتمويل ودعم حكومي وسياسي. وبرغم اعتراض حكومة أربيل في إقليم كردستان، شمالي العراق، بسبب الخشية من التلاعب في عدد المواطنين الأكراد بالمناطق الحدودية ما بين تلك التابعة لكل من حكومتي أربيل وبغداد، المعروفة باسم المناطق المتنازع عليها، إلا أنها وافقت في النهاية على إجراء التعداد، معتبرة إياه فرصة لتحديث المعلومات، بالإضافة إلى معرفة الحصة الجديدة لإقليم كردستان من ميزانية الحكومة الاتحادية في بغداد.
وجرى الاتفاق سياسياً في العراق على عدم الخوض في تفاصيل أو أسئلة تتعلق بالطائفة، وهي العقدة الأبرز التي كانت تعرقل إجراء التعداد السكاني في العراق طيلة السنوات التي أعقبت الغزو الأميركي عام 2003. وخلال الأشهر الماضية، أشاد مراقبون بقرار تجنب التعداد معلومات المذهب والقومية، معتبرين إياه خياراً صائباً من شأنه تجنب إدخال البلاد في الكثير من المشكلات السياسية ذات الصبغة الطائفية والقومية.
وكان آخر تعداد سكاني أجراه العراق قد جرى عام 1997، استُثنيت منه محافظات إقليم كردستان - العراق الثلاث، أربيل والسليمانية ودهوك، لأنها كانت خارج المناطق التي يسيطر عليها النظام العراقي في ذلك الوقت. وأظهر التعداد حينها أن عدد السكان يبلغ 22 مليون نسمة. ويجرى التعداد السكاني في العراق مرة واحدة كل عشر سنوات، وكان من المفترض أن يجرى عام 2007، لكنه تأجل إلى عام 2009 بسبب الظروف الأمنية، ثم تأجل عشر سنوات بسبب المشاكل الأمنية وظهور تنظيم داعش. وفي 2019، أُرجئ مُجدداً بسبب خلافات سياسية تخص المناطق المتنازع عليها وعدم وجود مخصصات مالية، وجائحة كورونا.