طموحات مجمّدة لمعيلي الأسر الكبيرة في العراق

العربي الجديد

طموحات مجمّدة لمعيلي الأسر الكبيرة في العراق

  • منذ 2 ساعة
  • العراق في العالم
حجم الخط:

يعاني عراقيون من ضغوط معيشية متزايدة نتيجة إعالتهم أسراً كبيرة، ما يزيد أعباءهم المالية والجسدية والنفسية. وقد تصبح أوضاعهم أكثر تعقيداً بوجود مسنين ومرضى وذوي احتياجات خاصة في عائلاتهم، ما يضاعف الأعباء التي يتحملونها لضمان توفير احتياجات الأفراد من غذاء ورعاية طبية ومصاريف أخرى. وتفرض هذه الظروف على العائلات العراقية، خاصة ذات الدخل المحدود، تحديات كبيرة في تحقيق الاستقرار المالي والمعيشي، وسط تزايد تكاليف الحياة وارتفاع الأسعار.

يشير زياد الشمري، وهو موظف في وزارة الصحة، لـ"العربي الجديد"، إلى أنه يواجه معاناة يومية لتوفير حياة مستقرة لأسرته التي تتألف من أربعة أبناء وزوجته، إضافة إلى والده وجدته المصيبان بأمراض مزمنة، ويحتاجان إلى رعاية خاصة.
ويخبر الشمري أنه يعمل، بعد انتهاء دوامه الحكومي، سائق سيارة أجرة لتوفير دخل إضافي يساعده في تغطية الاحتياجات، ويقول: "أعمل ساعات طويلة بين وظيفتي الأساسية وقيادة السيارة. ورغم كل الجهود التي أبذلها تبقى الضغوط المالية هائلة. هناك مصاريف بيت وعلاج ومدارس". يتابع: "أحياناً كثيرة يكون مردود سيارة الأجرة ضعيفاً، وأنا أعاني من آلام شديدة في الفقرات جراء الجلوس وراء مقود السيارة، وأعمل احياناً حتى ساعة متأخرة ليلاً، وأحظى بساعات نوم قليلة".
وتعكس ظروف الشمري التحديات المتزايدة التي يواجهها العديد من العراقيين في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تترافق أيضاً مع تزايد احتياجات الأسرة، ومن بينها مثلاً توفير الوقود للتدفئة خلال الشتاء، والتيار الكهربائي على مدار العام في ظل استمرار انقطاع التيار الحكومي. 
اضطر خالد حسن (22 عاماً) إلى تحمّل مسؤولية إعالة أسرته الكبيرة مع شقيقه الذي يصغره بعامين. وتشمل أعباء الإعالة التي يتحملها الشقيقان الوالدين المريضين وخمسة أشقاء وشقيقات جميعهم طلاب، إضافة إلى أبناء شقيقهما المتوفى الذي فارق الحياة في حادث سير مأساوي، وترك زوجة وثلاثة أطفال. ويعمل الشقيقان في بيع الفاكهة والعصائر على طريق خارجي بأطراف شمال العاصمة بغداد، ويحاولان من خلال دخلهما المتواضع توفير احتياجات العائلة من أساسيات الحياة ومتطلبات التعليم والرعاية الصحية.
يقول خالد: "أعمل مع شقيقي على طرف شارع عام حيث نعرض بضائع ونملك كشكاً صغيراً نتناوب فيه للراحة. ويستمر عملنا على مدار اليوم، ونبذل جهداً كبيراً لتأمين العيش الكريم لعائلتنا، لكن الضغوط تزداد كل يوم. العمل ساعات طويلة مرهق، لكننا مضطران إلى الاستمرار بالنمط ذاته لتأمين احتياجات أسرتنا إذ لا نملك أي خيار آخر".

وفيما يصبح كثير من الشباب العراقيين معيلين رئيسيين لعائلاتهم الكبيرة في ظل تزايد التكاليف المعيشية وقلّة فرص العمل، يعاني كثير من العازبين الذين تحمّلوا أعباء الإنفاق على أسرهم، من صعوبات في تحقيق طموحاتهم وآمالهم الشخصية، مثل الزواج والسفر والخروج بنزهات مع الأصدقاء.
ويقول بشار سعد، الذي اقترب عمره من العقد الثالث، ويجد حالياً صعوبات في تحقيق رغبته بالزواج من فتاة بسبب التزاماته العائلية وضغوط العمل، لـ"العربي الجديد": "أجد نفسي مضطراً إلى تأجيل الزواج، إذ أنفق غالبية دخلي على إعالة عائلتي الكبيرة، بينها مصاريف إخوتي الصغار واحتياجات والدي اللذين يعانيان من أمراض مزمنة ويحتاجان إلى علاج".
ويعمل سعد خبازاً في فرن، ويتقاضى أجراً يومياً مقداره 40 ألف دينار (30 دولاراً). وهو يطمح في امتلاك فرن خاص به كي يستطيع تحسين وضعه المعيشي. ويقول: "إنه حلم آخر يصعب تحقيقه. أعمل بجد لكنني أواجه صعوبة في توفير ما يكفي من مال لبدء مشروعي الخاص".
ويحتل العراق المركز 46 من أصل 212 دولة والمركز 7 عربياً في إحصاء أعلى نسبة إعالة للسكان بنسبة 70.55%، بحسب ما ذكر تقرير نشرته مجلة "سي إي أو" الأميركية في 28 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وأشارت المجلة إلى أن "الإعالة العمرية مؤشر اقتصادي مهم يمثل التوازن بين السكان الذين يعتمدون على آخرين اقتصادياً (من سن الولادة حتى 15 عاماً و65 عاماً فأكثر)، وأولئك النشطين اقتصادياً (من سن 15 حتى 64 عاماً)".

ويعاني العديد من العراقيين الذين ينفقون على أسرهم الكبيرة من ضغوط مالية كبيرة، ويتوجب عليهم اتخاذ خطوات مدروسة للتغلب على ظروفهم بحسب ما يقول الباحث الاجتماعي أحمد كامل لـ"العربي الجديد"، مضيفاً: "ليست هذه المعاناة وليدة اليوم، ونجح كثيرون في التغلب عليها وأصبحوا من ذوي الدخل المالي الجيد من خلال إيجاد حلول عبر التخطيط المالي، وتنويع مصادر الدخل، وتحويل برامج متاحة حالياً على الإنترنت إلى مصادر دخل". لكنه يستدرك بالقول إن "كثيرين يواجهون ظروفاً حياتية معقدة تتطلب مساعدات خارجية للتغلب عليها".



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>