5 سنوات على مجزرة الناصرية جنوبيّ العراق: مواصلة الإفلات من العقاب
يستذكر المتظاهرون والنشطاء في مدينة الناصرية (مركز محافظة ذي قار)، جنوبيّ العراق، الذكرى الخامسة للحادثة الدموية التي أدت إلى مقتل وجرح العشرات من رفاقهم، والتي وقعت في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، والتي عرفت بـ"مجزرة جسر الزيتون"، وهي واحدة من أكثر الاستهدافات المباشرة للحراك المدني التي شهدها العراق طيلة السنوات الماضية.
مجزرة الزيتون وقعت عند الساعة الثالثة فجراً من ذلك اليوم، وكانت قوة عسكرية خاصة، بقيادة الضابط فيالجيش العراقي جميل الشمري، تقدمت لفتح جسر الزيتون المغلق من قبل محتجين وناشطين مدنيين، وبدأت القوة بإطلاق النار على المتظاهرين وهم نيام في خيم الاعتصام، وسقط نحو 50 قتيلاً ونحو 500 جريح بالقرب من الجسر.
وطالبت مجموعة من المتظاهرين والنشطاء في الناصرية، عبر مواقف إعلامية وبيانات ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، بالقصاص من المتورطين في قتل وقمع المتظاهرين. وفيما دعوا إلى مواصلة استذكار ضحايا الحراك المدني والوطني والشعبي، انتقدوا الحكومة الحالية للإخفاق في تنفيذ وعودها بمحاسبة قتلة المتظاهرين ونشطاء الحراك المدني.
وقال زين العابدين محمد، وهو أحد أقرباء ضحية من ضحايا "مجزرة الزيتون"، إن "الحادثة فضحت تمادي القوات الحكومية إلى جانب المليشيات التي كانت تساندها في قمع الناشطين والمحتجين". وبيّن لـ"العربي الجديد" أن "الحكومة السابقة بقيادة مصطفى الكاظمي فشلت في الكشف عن قتلة المتظاهرين ومحاسبتهم، أما حكومة محمد شياع السوداني، فقد ساهمت في إطلاق سراح بعضهم، ومن ضمنهم الضابط عمر نزار" (أحد المسؤولين عن التسبب في المجزرة).
وكان القضاء العراقي قد أصدر حكماً، في يونيو/ حزيران 2023، بالمؤبد بحق الضابط برتبة مقدم عمر نزار على خلفية مجزرة الزيتون، لكن السلطات القضائية أفرجت، في أغسطس/ آب الماضي، عن الضابط رغم اعترافه بارتكاب الجرائم.
وأظهرت وثيقة نشرتها السلطة القضائية توجيه رئيس محكمة التمييز القاضي فائق زيدان بغلق التحقيق ونقض كافة القرارات الصادرة في الدعوى وإلغاء التهمة الموجهة ضد الضابط والإفراج عنه. وجاء القرار، بحسب الوثيقة، لعدم كفاية الأدلة المتحصلة وإخلاء سبيله عن هذه القضية وإشعار إدارة السجن بذلك، وصدر القرار استناداً إلى أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية.
ولقي الخبر موجة استياء من الأوساط المدنية، لا سيما أن وثيقة الإفراج عن عمر نزار حملت توقيع رئيس مجلس القضاء الأعلى بصفته رئيس محكمة التمييز فائق زيدان، ولم يعلق القضاء العراقي، أو السلطات الحكومية، على قرار الإفراج عن الضابط المتهم، الذي جاء من خلال وثيقة سربتها وسائل إعلام محلية عراقية.
وأعلن مجلس محافظة ذي قار تعطيل الدوام الرسمي في المحافظة لهذا اليوم الخميس تخليداً لضحايا المجزرة. لكن هذا الإعلان واجه انتقادات أيضاً، خصوصاً أن رئيس المجلس عزة الناشي لم يقل مجزرة ولا تخليداً، وإنما ذكر في بيان إحياءً للذكرى السنوية لحادثة جسر الزيتون".
من جانبه، دعا مركز النخيل للحقوق والحريات الصحافية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى الإيفاء بما ألزم به نفسه بإعلان نتائج التحقيق في الأحداث التي رافقت تظاهرات تشرين 2019. وذكر المركز في بيان أن "المركز يستذكر بكل ألم في مثل هذا اليوم الذكرى السنوية الرابعة لمجزرة جسر الزيتون في محافظة ذي قار إبان تظاهرات تشرين، والتي راح ضحيتها عشرات الضحايا والجرحى في أسوأ موجة عنف شهدتها التظاهرات".
من جهته، بيَّن الناشط منتظر صبحي، من مدينة الناصرية، أن "جسر الزيتون صار أحد أهم رموز الناصرية في رفض المليشيات والأحزاب الفاسدة، وأن الاستعدادات تجرى، اليوم، لإحياء الذكرى الخامسة للمجزرة"، مبيناً أن "إحياء الذكرى هو واجب وطني من أجل التذكير بدموية النظام الحاكم، وقسوة تفكير قادته".