العراق يخرج عن مبدأ الحياد: تصعيد رسمي تجاه الأحداث في سورية
تتصاعد، بشكل لافت، المواقف العراقية الرسمية والحزبية إزاء ما يجري في سورية من أحداث، وهو ما يؤشر إلى حالة من القلق المتزايدة في العراق، الذي لا يبدو أنه يريد أن ينأى بنفسه عمّا يجري في سورية، لا سيما بعد أن لوّح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بأن بلاده لن تقف متفرجة حيال ما يجري في سورية.
وقد أجرى السوداني، أمس الثلاثاء، اتصالا هاتفيا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مؤكداً أن "العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سورية، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكونات والمذاهب هناك"، مشدداً على أن "العراق سبق أن تضرر من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سورية، ولن يسمح بتكرار ذلك".
ويعدّ موقف السوداني الأكثر تصعيداً بلهجة العراق الرسمية إزاء الأحداث في سورية، وهو ما يفتح الباب واسعاً أمام احتمالات التدخل العراقي الرسمي في سورية، وهو ما وصفه مراقبون بـ"خروج عن مبدأ الحياد". وقال رئيس مركز التفكير السياسي العراقي، إحسان الشمري، في تدوينة، "العراق الرسمي و(شبه الرسمي) حسم أمره بدعم الحكومة السورية وكسر مبدأ الحياد عن التطورات الداخلية في سورية".
العراق الرسمي و(شبه الرسمي) حسم أمره بدعم الحكومة السورية وكسر مبدأ الحياد عن التطورات الداخلية في سوريا .
— د.احسان الشمري (@Ihssan_Shmary) December 3, 2024
المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، أكد من جهته تخوّف بلاده من أحداث سورية، وأنها قد تعيد سيناريو 2014 الذي سقطت فيه محافظات ومدن عراقية بيد "داعش". وقال العوادي، في تصريحات نقلتها عنه وكالات أنباء عراقية "نتخوف من إعادة سيناريو عام 2014 وإنتاج جماعات طائفية مسلحة على حدودنا"، مؤكداً "ستكون لنا خطط للدفاع عن حدودنا في حال تكرار سيناريو عام 2014". ولفت إلى "سعي العراق إلى وساطة عربية فاعلة لإنهاء الأحداث السورية"، مشيراً إلى أن "إيران لم تبلغنا بنيّتها إرسال قوات إلى سورية عبر حدودنا".
من جهته، أعلن ائتلاف إدارة الدولة، وهو تحالف يضم القوى التي شكلت الحكومة العراقية "الإطار التنسيقي والسنة والكرد"، عن مبادرة لدعوة دول الجوار والدول المعنية بالأزمة السورية إلى اجتماع عاجل في بغداد. وعقد الائتلاف اجتماعا، مساء أمس الثلاثاء، بحضور السوداني، ورئيس مجلس النواب محمود المشهداني، وخصص الاجتماع لبحث التطورات الأمنية في سورية وانعكاساتها على الأمن القومي العراقي، مؤكدا في بيان أن "الائتلاف عبّر عن دعمه وتأييده لكل الجهود الحكومية الدبلوماسية والأمنية التي تقوم بها منذ بداية الأزمة"، داعياً إلى أن "تكون بغداد مقراً للحوارات المستمرة".
وأكدوا "أهمية توحيد الخطاب الوطني، وبذل مزيد من الجهود باتجاه الانفتاح على جميع الدول المعنية بالأزمة، واتخاذ خطوات تحفظ أمن وسلامة الأراضي السورية من جهة، وتحفظ الأمن القومي العراقي من جهة أخرى، من خلال التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في العراق وسورية". وأعلن المجتمعون عن "مبادرة عراقية لدعوة دول الجوار والدول المعنية بالأزمة السورية إلى اجتماع عاجل في بغداد".
ومن المقرر أن يصل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى مبنى البرلمان بعد ظهر الأربعاء، لعرض إيجاز أمام النواب تجاه الملف السوري والموقف العراقي. وقال المكتب الإعلامي الحكومي إن الاستضافة تمت بناء على طلب من رئيس الحكومة، وسيعرض التدابير التي تتخذها لمواجهة التحديات والتطورات الجارية في المنطقة. بينما أكد مسؤول في الدائرة الإعلامية في البرلمان لـ"العربي الجديد"، أن السوداني سيعرض موقف العراق من الأحداث السورية، ومن المرجح أنه سيكون بمثابة إعلان عن موقف رسمي منحاز للنظام السوري.
أمنياً، أكد ضابط رفيع في وزارة الدفاع العراقية، أن الاستعدادات في المؤسسة العسكرية العراقية على أشدها منذ بداية الأحداث السورية، وقال الضابط لـ"العربي الجديد"، مفضلا عدم ذكر اسمه، إن "الجيش والحشد الشعبي أجريا انتشارا مكثفا لضبط الحدود مع سورية، كما أن الاستعدادات العسكرية مشددة منذ أيام". وأوضح، أن "هناك توجيهات عليا صدرت بالاستعداد لأي طارئ"، نافيا علمه بشأن إمكانية التدخل العسكري العراقي في سورية، مشددا "نعمل حاليا على ضبط الحدود، ولا نعلم بالتطورات في قابل الأيام".
وكان المتحدث العسكري باسم الحكومة العراقية، يحيى رسول، لوّح بتدخّل عسكري عراقي في سورية لضرب من قال إنها "جبهة النصرة"، رافضاً الحديث عن وجود فصائل معارضة سورية. وأكد رسول في برنامج تلفزيوني، ليل أمس، أن "مناطق شمال الفرات فيها تنظيمات إرهابية مثل (داعش)، (جبهة النصرة)، وجماعات أخرى. هذه المجموعات إرهابية وليست معارضة"، زاعماً أن زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني طبيب سعودي وليس سورياً.