مستشفيات العراق تعتمد على 275 فريقاً طبياً أجنبياً
اعتمدت مستشفيات العراق على 275 فريقاً طبياً أجنبياً في تعزيز النظام الصحي للبلاد خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وفقاً لما كشفت عنه وزارة الصحة العراقية، الجمعة، مؤكدة أن الفرق الطبية عالجت آلاف الحالات المرضية في البلاد.
وأجبر تراجع النظام الصحي في السنوات التي أعقبت عام 2003 الكثير من المرضى العراقيين على التوجه نحو الخارج لتلقي العلاج وإجراء العمليات الجراحية، بسبب فقدان الثقة بمستشفيات العراق والأجهزة الطبية المتوفرة فيها، الأمر الذي يحمّلهم الكثير من الكلف المالية.
وفي عام 2022 أعلنت وزارة الصحة العراقية وضع خطة لاستقدام الكوادر الطبية الأجنبية إلى البلاد، وقد استقدمت فرقاً طبية أجنبية، وأكدت حينها أن الخطة ستُغني المرضى عن التوجه إلى مستشفيات البلدان الأخرى. ووفقاً للمتحدث باسم وزارة الصحة العراقية، سيف البدر، فإن "تعاوناً تم بين وزارة الصحة العراقية والمستشفيات التركية والهندية من أجل الإخلاء والاستقدام الطبي خلال السنوات الثلاث الأخيرة"، مبيناً في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، مساء أمس الجمعة، أنه "جرى استقدام 275 فريقاً طبياً ضمن ملف الاستقدام والإخلاء الطبي في السنوات الثلاث". وأوضح أن "عدد الحالات التي تمت معالجتها ضمن الاستقدام خلال عام 2022 بلغت 3015 حالة، أما الحالات التي تمت معالجتها ضمن برنامج الإخلاء الطبي بلغت 2248 حالة، وبلغت حالات المعالجة ضمن برنامج الاستقدام الطبي في عام 2023 نحو 3403 حالات، في حين وصلت حالات التي تمت معالجتها ضمن برنامج الإخلاء الطبي 1579 حالة، وفي عام 2024 بلغت حالات معالجة الاستقدام الطبي 4000، ومعالجة الإخلاء الطبي بلغت 1499 حالة". ويقصد بالإخلاء الطبي نقل المرضى والجرحى إلى مكان يمكنهم فيه الحصول على أفضل رعاية طبية ممكنة.
من جهته، قال المدير الإقليمي في مجموعة مستشفيات ميموريال التركية، مراد ايدوغان، إن "العراق من أهم الدول التي لدينا تعاون مستمر معها منذ 14 عاماً، ونعمل غالباً على العمليات الجراحية المعقدة، ونستقبل عدداً كبيراً من المرضى العراقيين بالتعاون مع وزارة الصحة". وأكد في تصريحه لوكالة الأنباء العراقية الرسمية أن" التعاون مع العراق يتم في مجالين، الأول إرسال الكوادر الطبية له من أجل إجراء العمليات، وفي حال لم يكن هناك إمكانية إجراء بعضها داخل العراق يتم إخلاؤها إلى مستشفيات ميموريال في تركيا لإجراء التدخلات الصعبة"، مشيراً إلى أن "أحد بنود التعاون مع وزارة الصحة هو توطين العلاج في العراق، وهناك تعاون مع الأطباء العراقيين لإجراء العمليات خلال هذ العام، إذ تم إجراء 15 رحلة لعمليات مشتركة وشملت كل رحلة من 5 إلى 6 عمليات، وأرسلنا 15 كادراً لإجراء العمليات داخل العراق بالتعاون مع وزارة الصحة". وأوضح أن "معظم الحالات المرضية التي أُرسلت من العراق إلى مستشفياتنا غالباً ما تكون حالات لزراعة الأعضاء ونخاع العظم وجراحة القلب والشرايين والحالات المعقدة".
ويثني مختصون على خطوات وزارة الصحة، إلا أنهم يؤكدون أن الواقع الصحي في البلاد يحتاج إلى خطط لتطويره، بعد أن سجل تراجعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، وقالت نور البياتي، وهي عضو نقابة الأطباء العراقيين، إن "استقدام الفرق الطبية الأجنبية خطوة جيدة وكان لها دور مهم بإنجاز الكثير من العمليات الناجحة في عدد من مستشفيات العراق"، مستدركة في حديثها لـ"العربي الجديد"، "لكن خطة استقدام الفرق الطبية لا يمكن الاعتماد عليها بشكل مستمر، إذ إننا نحتاج إلى تطوير الواقع الصحي في مستشفيات العراق وتطوير القدرات الذاتية".
وأضافت أن "العراق لديه كوادر طبية جيدة، لكن النقص في الأجهزة المتطورة وضعف تطوير المستشفيات منذ سنوات عدة انعكسا سلباً، وأن استقدام الكوادر الطبية الأجنبية هو معالجة للخلل في واقعنا الطبي، لكنها معالجة وقتية، فالأساس الاعتماد على القدرات الذاتية بعد أن يتم تطوير المستشفيات وتحديث الأجهزة الطبية بشكل دوري". وحمّلت الحكومة "مسؤولية وضع الخطط الكفيلة بتطوير الواقع الطبي في البلاد، وعدم الاعتماد على المعالجات الوقتية".
يشار إلى أن الأوضاع الأمنية غير المستقرة التي عانى منها العراق في السنوات التي تلت عام 2003، والاعتداءات التي تعرض لها الأطباء العراقيون، تسببت بهجرة الكثير من الكفاءات الطبية إلى الخارج، الأمر الذي أثر سلباً على الواقع الطبي في البلاد، فضلاً عن الفساد المستشري في البلاد، الذي نخر مؤسسات الدولة ومنها المستشفيات التي تعاني إهمالاً كبيراً في البنى التحتية ونقصاً خطيراً في الأجهزة الطبية المتطورة.