البارزاني في بغداد بعد تهديد بانسحاب الكرد من الحكومة: حوارات أخيرة
وصل رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان البارزاني، مساء الأحد، إلى بغداد، في زيارة وصفت بأنها "الفرصة الأخيرة"، للتفاهم على ملف رواتب موظفي الإقليم المتوقفة منذ عدة أشهر، في وقت تتسع فيه حدة الأزمة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة الإقليم، خاصة بعد تعثر إعادة تصدير النفط من حقول إقليم كردستان.
وعقد البارزاني اجتماعاً مع قادة القوى السياسية العراقية، بحضور كل من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ورئيس البرلمان محمود المشهداني، وصدر بيان عن الأطراف المجتمعة أكدوا فيه أن "قضية مرتبات موظفي الإقليم بعيدة عن أي أجندة سياسية".
وجاءت زيارة البارزاني بعد يومين من التهديد بانسحاب الكرد من العملية السياسية بسبب عدم إرسال الأموال من قبل الحكومة الاتحادية إلى الإقليم، حيث قال المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان بيشوا هوراماني، في تصريح لعدد من وسائل الإعلام، إن "وزارة المالية العراقية لم تلتزم بقرار المحكمة الاتحادية بشأن رواتب موظفي إقليم كردستان".
وأضاف أن "الانسحاب من بغداد ليس بعيداً وليس مستحيلاً، وإذا استمر سلوك المسؤولين في بغداد على هذا النحو، فالانسحاب احتمال وارد". وللعام العاشر على التوالي تتكرر الأزمات بين الحكومات المتعاقبة في بغداد مع حكومة إقليم كردستان، وتتركز على إدارة ملف إنتاج وتصدير النفط، وتسليم الموارد النفطية وغير النفطية لبغداد، ومرتبات الموظفين الحكوميين في مدن الإقليم. وتخصص بغداد سنويا نحو 13% من الموازنة السنوية لإقليم كردستان، مقابل أن يُسلم الإقليم إيراداته المالية، لكن الاتفاقيات التي يتم التوصل لها سرعان ما تنهار ولأسباب مختلفة، كان آخرها إيقاف تصدير النفط من حقول الإقليم عبر ميناء جيهان التركي.
من جهته، قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في الإقليم وفاء محمد كريم، لـ"العربي الجديد"، إن "التلويح بانسحاب الكرد من العملية السياسية ليس مجرد تهديد أو وسيلة ضغط كما يعتقد البعض، بل هو أمر حقيقي ومطروح على طاولة كل الاجتماعات سواء في أربيل أو بغداد، وهذا الأمر سيُبلغ به بشكل رسمي رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني خلال زيارته الحالية إلى بغداد".
وأكد أن زيارة البارزاني تأتي من "باب النية الصادقة لحل الخلافات الحالية، وربما تعتبر زيارة الفرصة الأخيرة، فلا يمكن القبول والسكوت على قطع رواتب موظفي الإقليم، رغم أن الإقليم التزم بكل ما عليه بحسب آخر اتفاقيات ما بين بغداد وأربيل، وبحسب ما جاءت به قرارات المحكمة الاتحادية"، متهما أطرافا سياسية لم يسمها في بغداد بأنها "دائما ما تعمل على استمرار الخلاف ما بين الإقليم وبغداد، وتعرقل جهود الحل".
بدوره، قال عضو "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق علي الفتلاوي، لـ"العربي الجديد"، إن "تهديد الكرد بالانسحاب من العملية السياسية ليس بالأمر الجديد"، معتبرا أنه "مجرد ورقة ضغط، ولا يمكن الرضوخ لتهديدات كهذه وتنفيذ ما يريده الكرد بشكل يخالف القانون والدستور". وبين الفتلاوي أن "تأخير صرف رواتب موظفي الإقليم تتحمله حكومة كردستان، فهي لم تلتزم بالاتفاقات وبقانون الموازنة وبقرارات المحكمة الاتحادية، ولم تسلم أياً من الإيرادات النفطية وغير النفطية لبغداد، مقابل ذلك تريد صرف أموال رواتب الموظفين، فهذا الأمر غير ممكن، كونه يعد مخالفة قانونية ودستورية، فهذا هو أصل الخلاف".
وتعد الملفات العالقة بين بغداد وأربيل إحدى أبرز المعضلات التي تواجهها الحكومات العراقية المتعاقبة، أبرزها رواتب موظفي إقليم كردستان، والتنسيق الأمني في المناطق المتنازع عليها، والاتفاق على آلية تصدير النفط من حقول الإقليم، وغيرها. وكان الكرد قد وضعوا شروطا عدة على "الإطار التنسيقي" مقابل التصويت لحكومة محمد شياع السوداني، تتعلق بحل المشاكل العالقة بين إقليم كردستان وبغداد، أبرزها حصة الإقليم في الموازنة المالية الاتحادية العراقية.
وبلغت حصة الإقليم في الموازنة المالية لسنوات 2023 و2024 و2025، التي صوت عليها البرلمان العراقي في يونيو/حزيران الماضي، نحو 16.609 ترليون دينار.