قيادة كردستان العراق تدفع لتوحيد القوى السياسية الكردية في سورية

العربي الجديد

قيادة كردستان العراق تدفع لتوحيد القوى السياسية الكردية في سورية

  • منذ 4 يوم
  • العراق في العالم
حجم الخط:

دخلت قيادة إقليم كردستان العراق على خط المشهد الكردي في سورية في محاولة لرأب الصدع بين القوى السياسية، في هذا المشهد الذي يشهد خلافات عميقة، والدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق حول الرؤى وتوحيد الموقف الكردي للتعاطي مع التطورات المتسارعة والعميقة في سورية. 

إنهاء وجود "الكردستاني"

وللمرة الأولى، زار مسؤول الملف السوري في كردستان العراق عبد الحميد بربندي شمال شرقي سورية، أول من أمس الاثنين، برفقة المبعوث الأميركي إلى شمال شرق سورية سكوت بولز، في خطوة من المتوقع أن تكون فارقة في المشهد السياسي الكردي في سورية والذي يتأرجح بين قوتين: حزب الاتحاد الديمقراطي، أكبر أحزاب الإدارة الذاتية والمسيطر على "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، والمجلس الوطني الكردي المقرب من قيادة إقليم كردستان العراق ويحظى بدعم منها منذ تأسيسه أواخر عام 2011. والتقى بربندي مع قائد "قسد" مظلوم عبدي، ومع رئاسة المجلس الوطني الكردي كل على حدة، وفق مصادر مطلعة في مدينة القامشلي واكبت الزيارة. وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن هدف الزيارة "دفع الأطراف الكردية السورية إلى تشكيل وفد سياسي مشترك للتفاوض مع دمشق"، مشيرة إلى أن إقليم كردستان العراق "يعمل على إنهاء أي وجود لحزب العمال الكردستاني في شمال شرقي سورية".
فيصل يوسف: الفترة التاريخية الحسّاسة تحتم علينا تجاوز ما يؤثر على وحدة الصف الكردي في سورية
من جهتها، قالت "قسد" في بيان، أول من أمس، إن بربندي "نقل رسالة دعم من الرئيس مسعود البارزاني (رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني في إقليم كردستان العراق)، أكدت أهمية توحيد الصف الكردي وتعزيز التعاون المشترك لمواجهة التحديات الراهنة في سورية".
وبدت القوى السياسية الكردية في سورية في حالة ارتباك عقب سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، لا سيما أن الخلافات بينها كانت بادية للعيان قبيل سقوط هذا النظام، وخصوصاً لجهة تمثيل الشارع السياسي الكردي في استحقاقات الحل للقضية السورية. فحزب الاتحاد الديمقراطي الذي تأسس عام 2003، وينظر إليه على أنه نسخة سورية من "الكردستاني"، والمصنف من عدة دول ضمن خانة التنظيمات الإرهابية، يسيطر على الشمال الشرقي من سورية بالقوة منذ سنوات، ويرفض الشراكة مع المجلس الوطني الكردي الذي يحظى بشرعية تمثيل الشارع الكردي في المؤسسات التي كانت تتبع المعارضة السورية قبيل سقوط نظام الأسد. ولم يكن إقليم كردستان العراق من جهته، وخصوصاً في العاصمة أربيل، على وئام مع "الاتحاد الديمقراطي"، بسبب ارتباطه مع حزب العمال الكردستاني، ولكن يبدو أن التطورات المفاجئة في سورية دفعت قيادة الإقليم والتي ترتبط بعلاقات تُوصف بـ"الجيدة" مع الجانب التركي، للتدخل من أجل رأب الصدع السياسي بين "الاتحاد الديمقراطي"، والمجلس الوطني الكردي. ويأتي التدخل في محاولة لتوحيد الصف السياسي الكردي وتشكيل مرجعية واحدة للتفاوض مع الإدارة الجديدة في دمشق حول القضايا التي تخص الأكراد السوريين.
ويطالب الأكراد السوريون باعتراف دستوري بوجودهم في البلاد، فضلاً عن الاعتراف بحقوقهم الثقافية، وتطبيق مبدأ اللامركزية في الحكم لتمكينهم من إدارة المناطق التي يشكلون أغلبية فيها. كما تطالب "قسد" بدخول المنظومة العسكرية السورية وبقائها الجهة المسيطرة على الشمال الشرقي من البلاد، وهو ما يجد رفضاً حتى الآن من الإدارة الجديدة التي ترفض دخول تشكيلات كاملة إلى الجيش الجديد.
وتتمركز غالبية الأكراد السوريين في محافظة الحسكة في أقصى الشمال الشرقي والتي تتاخم إقليم كردستان العراق، إضافة إلى منطقتي عين العرب (كوباني) وعفرين في ريف حلب، وأحياء في المدينة نفسها وفي حي ركن الدين أو ما يُعرف بحي الأكراد في العاصمة دمشق.

كردستان العراق يزيل "جبل الجليد"

وتعليقاً على زيارة بربندي إلى شمال شرقي سورية، بيّن المتحدث باسم المجلس الوطني الكردي فيصل يوسف، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "مسعود البارزاني يدعم موقفاً كردياً موحداً في سورية". وأكد أن المجلس الوطني "سيلتزم بما يريده البارزاني"، داعياً "الإدارة الذاتية" و"قسد"، إلى التعاطي بـ"إيجابية" مع جهود قيادة إقليم كردستان لتوحيد الصف الكردي لـ"نكون شركاء فعليين في سورية الجديدة". وأشار يوسف إلى أن زيارة مسؤول الملف السوري في إقليم كردستان العراق "أزالت جبل الجليد بيننا"، مضيفاً أن "هناك الكثير من الأمور التي نتفق عليها وهناك مشتركات بيننا يمكننا البناء عليها، والأهم أن الفترة التاريخية الحسّاسة تحتم علينا تجاوز ما يؤثر على وحدة الصف الكردي في سورية". وأكد أن المجلس "يعمل للوصول إلى سورية ديمقراطية حرّة، ووحدة الموقف والصف الكردي تصب في خدمة الانتقال السياسي والديمقراطية وحقوق المكونات جميعا في هذه المرحلة". كما أكد أن المجلس مستعد لتطبيق "كل ما اتفقنا عليه منذ عام 2012 حتى 2020 مع حزب الاتحاد الديمقراطي".
طلال محمد: زيارة موفد الإقليم إلى شمال شرقي سورية ستكون لها نتائج إيجابية سنلمسها خلال الأيام المقبلة
من جهته، رأى طلال محمد، رئيس حزب "السلام" الكردستاني وهو من أحزاب "الإدارة الذاتية" (الذراع المدنية لـ"قسد") في حديث مع "العربي الجديد"، أن زيارة بربندي إلى شمال شرقي سورية "ستكون لها نتائج إيجابية سنلمسها خلال الأيام المقبلة"، معرباً عن اعتقاده بأن الزيارة "سوف تسهم في تقريب الرؤى بين المجلس الوطني وحزب الاتحاد". وشدّد على أن "القوى السياسية في المشهد الكردي لا تقتصر على هذين الجانبين، فهناك أحزاب وهيئات ومثقفون مهتمون بالشأن العام، لذا نأمل أن تكون الزيارة بداية لتفاهمات بين كل القوى للإسهام في بناء سورية جديدة". ورأى أن "الأزمة السورية لم تنته مع سقوط النظام فهناك ملفات شائكة، وتوحيد الصف الكردي سيكون عاملاً مساعداً في بناء مستقبل البلاد.
وكانت قيادة إقليم كردستان العراق، حاولت في أكتوبر/تشرين الأول 2014، توحيد الموقف الكردي في سورية، حيث جمعت المجلس الوطني وحزب الاتحاد في اجتماعات صدر عنها ما عُرف بـ"اتفاق دهوك" والذي نصّ على تشكيل مرجعية سياسية كردية، على أن تكون نسبة تمثيل كل طرف 40% و20% للأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين. كذلك تمّ الاتفاق على أن يكون عدد أعضاء المرجعية 32 شخصاً، ممثلين وفق الآتي: 12 من "حركة المجتمع الديمقراطي" (يقودها حزب الاتحاد)، 12 من "المجلس الوطني"، و8 من القوى السياسية من خارج الإطارين المذكورين. وبقي الاتفاق دون تطبيق وصولاً إلى عام 2020 حيث عاد الجانبان للانخراط في تفاوض جديد بدفع ورعاية من الجانب الأميركي، إلا أنه فشل بعد جولات عدة بسبب رفض "الاتحاد الديمقراطي" إبداء مرونة إزاء بعض القضايا، أبرزها فكّ الارتباط بينه وبين حزب العمال الكردستاني، وتعديل العقد الاجتماعي، وإلغاء التجنيد الإجباري، ودخول البشمركة السورية الموجودة في شمال العراق إلى الشمال الشرقي من سورية.


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>