بعد أكثر من 15 شهراً على معركة طوفان الأقصى، أًعلن وقف إطلاق النار واستسلم العدو الإسرائيلي أمام صمود غزة وشعبها ومقاومتها، وبدأ الكيان الصهيوني يتخبط بجمع شتاته وتجميع إجرامه من جديد.
في حوار من داخل فلسطين المحتلة مع الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي الدكتور حسن لافي ورغم صعوبات التواصل وتأمين الإتصال بسبب ما تعانيه غزة من دمار وعدم توافر جميع الخدمات في قطاع ينهض من حرب همجية قتلت البشر ودمرت البشر، طرحنا أسباب موافقة الكيان الصهيوني على وقف إطلاق النار في غزة بعد إعلانه في لبنان وكيفية صمود غزة والشعب أمام آلة الكيان القاتلة والمدمرة ومعادلة اليوم التالي عند حكومة العدو.
![](http://newsmedia.tasnimnews.com/Tasnim/Uploaded/Image/1403/11/17/1403111709340255320733310.jpg)
الشعب الفلسطيني قبل الحرب وخلالها وبعدها مستمر بإحتضان المقاومة
عن فشل العدو الإسرائيلي في تحقيق أهدافه في معركة طوفان الأقصى وقبوله بوقف إطلاق النار أكّد لافي أن السبب الرئيسي هو وجود شعب فلسطيني إستطاع الوقوف أمام آلة البطش الإسرائيلية رغم كل معاناته ورغم العدد الهائل من الشهداء والجرحى والمفقودين وتدمير أكثر من 85 % من البنية التحتية في غزة، ونزوح أكثر من مليون ونصف مواطن من منزله، رغم كل ذلك استمر الشعب الفلسطيني بإحتضان مقاومته وفشل الكيان الإسرائيلي بهزيمة شعب لديه القدرة على التضحية، اضافة الى دور جبهات الإسناد التي وقفت الى جانب غزة ودعمته، لذا وجد الكيان نفسه مهزوم أمام كل هذه النقاط من القوة، فلجأ الى القبول بوقف إطلاق النار.
اليوم التالي بعد وقف إطلاق النار في غزة بيد الفلسطينيين
وعن اليوم التالي بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة، يرى لافي أن اليوم التالي سيبقى وسيظل فلسطينياً، فالكيان الصهيوني الذي أراد ان يكون مشروع التهجير هو اليوم التالي لقطاع غزة، وحاول طرد أكثر من مليون ونص إنسان فلسطيني من قطاع غزة وتهجيرهم الى خارج فلسطين، ومشاهد الطوفان بالعودة للمواطنين الى بلداتهم التي هجروا منهم، اليوم الشعب الفلسطيني هو الذي يملك مفاتيح اليوم التالي بعد الحرب، رغم كل الخطط التي تتداولها الولايات المتحدة وحلفائها أعتقد أنها ستتكسر على صخرة صمود الشعب الفلسطيني، هذا الشعب هو الذي يقرر من سيحكمه ولديه القدرة والإرادة على تنفيذ ذلك رغم كل المخططات التي نسمعها من الأمركان في وسائل الإعلام.
الضفة الغربية الأكثر تهديداً "للأمن القومي الإسرائيلي"
وحول قرار الكيان الإسرائيلي بالذهاب الى الضفة الغربية وما إذا كان من الممكن أن نشاهد جرائم وإبادات كالتي شاهدناها في غزة خلال عام وأكثر، يرى لافي أن الضفة الغربية قد تعتبر الأكثر استراتيجياً بالخطورة الإسرائيلية وهي الأكثر تهديداً للأمن القومي الإسرائيلي سواء من ناحية المساحات والقرب الجغرافي والطبيعة الديموغرافية، وغيرها من الأمور ومنها البعد التوراتي والإيديولوجي الذي يؤمن به الكيان، لذا كل هذا يجعل آلة البطش الإسرائيلية تتجه نحو الضفة الغربية وقد بدأت في جنين ولن تنتهي في طولكرم اليوم وستطال كل الأرض في الضفة الغربية، واعتقد أن الضفة الغربية سيكون فيها مواجهة شرسة وستشهد التهجير، وسنشاهد آلة البطش لأن الهدف الإسرائيلي للصهيونية هو الضفة الغربية، ويجب الإنتباه الى ذلك، غزة قد تكون خرجت الآن من عملية القتال ولن تخرج من عملية المساندة، ومطلوب من جميع جبهات الإسناد مساندة الضفة الغربية كما ساندت غزة ويجب أن لا تترك الضفة الغربية وحدها.
![](http://newsmedia.tasnimnews.com/Tasnim/Uploaded/Image/1403/11/17/14031117093341743320733110.jpg)
هزيمة الإحتلال الإسرائيلي في غزة وجّهت بوصلة التصعيد نحو الضفة الغربية
ويضيف لافي أن الإسرائيلي لم يستطع إسكات المقاومة في الضفة الغربية، ولم يستطع تحقيق اي من الأهداف، وما زالت المقاومة الفلسطينية حاضرة والعمليات النوعية حاضرة، والتقارير الإسرائيلية الإستخباراتية الصادرة من الشاباك وغيرها تقول أن الضفة الغربية ذاهبة الى مزيد من التصعيد وان الكيان الإسرائيلي منذ العام 2021 كان قد خطط للتصعيد في الضفة الغربية، لكن معركة طوفان الأقصى اجبرت غيّرت بوصلة التصعيد، ورغم كل الجهود الإستخباراتية الإسرائيلية لم تستطيع "اسرائيل" تحقيق اي هدف، لذك ذهبت واعلنت أن الضفة الغربية عبارة عن ساحة قتال وأعتقد أن الضفة الغربية ستعلم كيان الإحتلال درساً كما عملته غزة درس العمر.
لحظة إعلام وقف إطلاق النار حشد الفلسطينيون مشاعرهم للعودة الى غزة المدمرة
الى مشاهدات النصر وعودة المواطنين الى غزة المدمّرة بعد إعلان وقف إطلاق النار قال الدكتور حسن لافي أنه بعد 15 شهراً من القتل والدمار والتي لا يمكن لأحد أن يتصورها، كانت مشاهد عودة النازحين وإلتحافهم للأرض مشاهد عالمية اسطورية لم يسبق له مثيل، الكل يريد أن يعود إلى بيته وإلى مدينته وهو يدرك أنها مدمرة، لكن فكرة العودة الى ذلك البيت المدمر كانت تسيطر على كل المشاعر الفلسطينية، مشاهد ومشاعر تتخطى الوصف وفي لحظة ما قبل الإعلان عن التهدئة، حُشدت كل الجماهير للتهجز للعودة الى بيوتهم، الفلسطيني مجروح في غزة وعانى كثيراً لكن كل ذلك لم ينل من صبره واحتسابه وعنفوانه وصموده للمواجهة، هذا الأمر موجود عند الأطفال والشباب والرجال الكبار، الكبار في السن منهم من هم مصابي حرب ومنهم من لا يستطيع المشي، ورغم إدراكهم أنه لا يوجد ماء في غزة، لكن كل هذه المشاهد تقول أن الفلسطيني إنتصر والإسرائيلي هزم ولم يبق له هدف لتحقيقه في غزة.
تصميم الفلسطيني على مقاومة الإحتلال هو الإنتصار بحد ذاته
يكمل الدكتور لافي ويؤكد بأن الوجع قد يكون كبيراً وكبيراً جداً في غزة، هناك أسر كبيرة أبيدت من السجل المدني، هناك ذكريات تبعثرت من خلال القصف الهمجي، عائلات تفرّقت شملها بشكل كبير، لكن ما زال الأمل يتحضن الفلسطيني لمواجهة آلة البطش الإسرائيلية، "اسرائيل" لم تترك شيئاً إلاّ واستخدمته في غزة من قنابل وصواريخ وغيرها، وما زال الفلسطيني في ارضه، وعندما نتحدث عن الإنتصار لا بد من الإشارة إلى اننا لسنا في معركة واحدة انتهت بنصر أو هزيمة، نحن في حالة صراع ومستمر طويل، والفلسطيني ما زال مصمم على مقاومته للإحتلال فهو منتصر رغم كل ما فقده، ولا زال هذا المواطن يمتلك أرادة المواصلة في القتال، وقد تختلف شكل المقاومة ونوع المقاومة لكنه لا زال ندّاً للعدو الإسرائيلي وهذا هو النجاح.
غزة بكت سيد المقاومة السيد حسن نصرالله وهي تنزف
معركة طوفان الأقصى هي عبارة عن مرحلة معينة من سلسلة طويلة من الصراعات مع الإسرائيلي ومع الإستعمار في المنطقة، والفلسطيني ينظر إليها أنها مرحلة وإنتهت وهو يعدّ نفسه للمرحلة القادمة، نحن لن ننكسر هذا إنتصارنا، "اسرائيل" لم تحقق كل ما أرادته او جزء من ما أرادته وخاصة الأهداف العالمية هذا هو الإنتصار، نحن اليوم في غزة نفكر كيف سنبدأ المرحلة القادمة، كيف سنعدّ أنفسنا للمرحلة القادمة، هذا ما يسيطر على النفسية الفلسطينية، الآن نحن امام معركة، معركة الإعمار ذلك أن الإعمار معركة لا تقلّ اهمية عن معركة طوفان الأقصى لأن الإسرائيلي والأميركي يريدان تمرير الأهداف التي لم يستطيعوا تحقيقها خلال معركة طوفان الأقصى، وهنا نوجه كل التحية للشعب اللبناني ولسيد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله، غزة بكت السيد نصرالله وهي تنزف، كان فقداً كبيراً سماحة السيد بشكل لا يمكن تخيله، ورغم ذلك سنبقى على عهد السيد حسن نصرالله وعلى عهد المقاومة حتى ننتصر، وتحية للشعب اليمني والعراقي والإيراني الذي لم يترك غزة لا في الحرب ولا حتى في الإغاثة والشعوب العربية والإسلامية جمعاء، ومطلوب من جميع هذه الجبهات دعم معركة الإعمار في غزة لكي لا تكون ورقة الإعمار سيفاً مشرعاً على الشعب الفلسطيني. وما يحدث الآن أن الفلسطيني يمكن أن يقول لنفسه الآن: أنا صمدت أمام أكثر ما يمكن ان يقدمه الإسرائيلي من آلة الإبادة، نعم مجروحين لكن نحن وقفنا أمام كل ما يمكن للإسرائيلي أن يقدمه.
إنكماش الإقتصاد سيحكم كيان الإحتلال خلال العقد القادم وقادة العدو متهمون في المحاكم الدولية
وعن الداخل الإسرائيلي أكّد الدكتور لافي أن كيان الإحتلال يخفي الكثير من خسائره البشرية والمالية، وهناك كلام في الداخل الإسرائيلي يقول أن في العقد القادم سيكون هناك انكماشاً بالإقتصاد الإسرائيلي بشكل مهول، فهجرة العقول التي هجرت الكيان بسبب عدم قدرتها على تحمّل هذا الوضع تركت أثرها على الإقتصاد، والآمر الأكثر من ذلك هو ما له علاقة بطبيعة المشروع الصهيوني، هذا المشروع عندما أقيم كان يريد ان يكون مكاناً آمناً لليهود حسب المقولات الصهيونية، لكن اليوم أصبحت فلسطين أكثر خطورة على جميع اليهود والصهاينة ذلك أن الكيان اليوم ليس في مواجهة الفلسطيني وحده، بل هو في مواجهة الكل ومحور المقاومة، إذا انتهت جبهة تنطلق جميع جبهات، اليوم بعد معركة طوفان الأقصى وجبهات الإسناد أصبح "الأمن القومي الإسرائيلي" متحفزاً على مدار العشر سنوات المقبلة دون إنهاء حالة الطوارئ، ناهيك عن المشاكل الداخلية، لذلك خسر العدو الإسرائيلي كثيراً في هذه المعركة ويكفي إنه انكشف وجهه القبيح امام العالم وزيف المزاوجة ما بين الإحتلال والديمقراطية كما حاول هذا الكيان ان يسوّق لنفسه امام العالم، وانكشف حتى في المناطق والعواصم التي كانت تعتبر نفسها صديقة لها، قادة الإحتلال اليوم متهمون بجرائم حرب في محكمة العدل الدولية وجرائم الإبادة الجماعية. كل هذه مخاسر خسرتها "اسرائيل" والأهم من ذلك الشعور بالأمن، ومنذ إعلان وقف إطلاق النار مع لبنان؟ هل عاد مستوطنو الشمال؟ لماذا؟ لأنهم فقدوا الشعور بالأمن وبالثقة بجيشهم غير القادر على حمايتهم.
إنتهى/