هذا ما حذرت منه إیران جیرانها العرب!

تسنيم

هذا ما حذرت منه إیران جیرانها العرب!

  • منذ 1 أسبوع
  • العراق في العالم
حجم الخط:

هذا ما حذرت منه إيران جيرانها العرب!

هذا ما حذرت منه إیران جیرانها العرب!

خلال ما يقارب الخمسة عقود الماضية حصلت خلافات كبيرة بين إيران وعدد من الدول العربية حول القضية الفلسطينية، بحيث ان إيران اعتقدت أنه من المستحيل أن تهدئ المنطقة في ظل وجود المحتل الإسرائيلي، بينما هناك دول أخرى اعتقدت أن السلام والتطبيع مع الاحتلال سيجلب الامن والاستقرار للمنطقة وسيؤدي في نهاية المطاف الى نيل الشعب الفلسطيني حقوقه التاريخية!.

وها هي الأيام والعقود قد مرت، ومضى أكثر من 76 عاما على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ولم تتمكن الدول العربية من استعادة شيء من الحقوق الفلسطينية حتى لو كان يسيرا، بالرغم من أنها جربت جميع الحلول الممكنة، بدء من التوقيع على معاهدات السلام، مرورا بالتعاون الإقليمي مع إسرائيل، وصولا الى اعلان مبادرات عربية، من بينها "مبادرة السلام العربية"، التي اطلقتها المملكة العربية السعودية في القمة العربية عام 2002.
اليوم وبعد ان أصبحت الأمور فيما يخص النوايا الشريرة التي يضمرها كيان الاحتلال الإسرائيلي لجميع دول المنطقة واضحة أمام الجميع، لا بأس ولو حتى أهدرنا الكثير من الوقت على الخلافات، ان تنتهز دول المنطقة الفرصة لتوحيد الصفوف، وأن يكون الموقف موحدا بين إيران والأشقاء العرب، لمواجهة المشروع الإسرائيلي الذي يريد ابتلاع المنطقة برمتها وليس فلسطين لوحدها.
إيران دائما تؤكد أنها تقف إلى جنب العرب والمسلمين فيما يخص الاطماع الغربية والإسرائيلية التي تهدد بلدان هذه المنطقة منذ عدة عقود، وها هي اليوم مستعدة لبناء شراكة تحقق طموحات كافة الأطراف، ترتكز على الأمن الجماعي وتحقيق الازدهار الاقتصادي وإزالة قلق ومخاوف الدول الأخرى.
نحن في إيران ومنذ عام 1979 حتى اليوم لا زلنا ننادي أشقائنا العرب للوحدة على مواجهة المشروع الإسرائيلي، ومنذ ذلك التاريخ ولا زلنا نكرر أن إسرائيل طامعة بنفط وغاز ومياه وأراضي كافة دول المنطقة، وهي لا تكتفي باحتلال الأراضي الفلسطينية فقط، بل أن لديها أطماع في سوريا والعراق ولبنان ومصر والأردن والسعودية ودول أخرى.
واليوم ثبت صحة هذا الكلام الذي كانت ولا تزال تقوله إيران منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي، فمن كان يتوقع أن إسرائيل ستعمل على تصدير أزمة احتلالها لفلسطين، لدول أخرى كـ المملكة العربية السعودية!. لكن ها نحن أصبحنا اليوم أمام هذا الواقع المرير، وها هو نتانياهو يدعو السعودية إلى إقامة دولة للفلسطينيين على أراضيها، ان ارادت أن يكون لهم دولة، وليس داخل أراضيهم التاريخية التي تحتلها إسرائيل.
ولطالما عبرت إيران عن عدم اعتقادها بأن توقيع معاهدات ما يسمى بالسلام او التطبيع مع إسرائيل، سيجنب دول الجوار شرها، والدليل على ذلك فان مصر والأردن، وكذلك السلطة الفلسطينية، وقعوا جميعا معاهدات سلام مع تل أبيب خلال العقود الماضية، لكن تل أبيب ظلت تضغط عليهم، وتكرر دائما، ان على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية أن يرحلوا الى مصر والأردن ولبنان، ان أرادوا ان يبقوا في هذه المنطقة.
لو أن دول المنطقة توحدت فيما بينها ولم تنساق وراء الدعاية الأمريكية والإسرائيلية المضللة، أن إيران هي الخطر على دول المنطقة حسب زعمهم، وتم التركيز على خطر الاحتلال الإسرائيلي من قبل الجميع، لما كان المشروع الإسرائيلي الاحتلالي قد تمدد كل هذا التمدد، ووصل الى ما وصل اليه، وبات يبتز دول في المنطقة لطالما آمنت في يوم من الأيام، ان السلام مع إسرائيل ممكنا ومن ضمنها المملكة العربية السعودية ومصر والأردن ودول أخرى.
وفي إطار مساعي إيران لتعزيز الامن الجماعي في المنطقة، فإنها ظلت تكرر دعوتها لدول المنطقة لبناء علاقات اخوية، لتشكيل قوة عسكرية رادعة لأي مخاطر يمكن ان تهدد أمن المنطقة، سواء من قبل إسرائيل او من قبل أطراف أجنبية أخرى، وأن تكون هذه القوة العسكرية مبنية بالتعاون مع كافة دول المنطقة، الصغيرة منها والكبيرة.
لكن ولسوء الحظ فقد نجحت أمريكا وإسرائيل خلال العقود الماضية، أن ترسم صورة غير واقعية عن إيران وأن تتهمها بانها تعمل على احتلال عواصم عربية زورا وبهتانا، وذلك من أجل اخافة العرب من دور إيران في المنطقة، والذي لا يشكل خطرا الا على مشروع الاحتلال الإسرائيلي والوجود الأجنبي في المنطقة، لكن اليوم ثبت للجميع أن دعم إيران لبعض دول المنطقة، ومن بينها سوريا ولبنان، لم يكن الا لتمكين تلك الدول من مواجهة خطر الاحتلال الإسرائيلي، وليس لمصالح إيرانية كما ادعت واشنطن وتل ابيب.
على كل حال لا نريد ان نخوض كثيرا في دهاليز التاريخ ونتطرق للكثير من احداث المنطقة والتي عايشناها جميعا خلال العقود الماضية، وانما ما نريد ان نقوله باختصار هو الآتي: الجميع بات اليوم في المنطقة يشعر بقلق كبير إزاء خطر سياسة الاحتلال الإسرائيلي المدعومة من قبل أمريكا، وأن هذا الخطر بات يتدحرج نحو دول كان البعض يتصورها أنها بعيدة عن تبعات خطر الاحتلال الإسرائيلي، من بينها المملكة العربية السعودية ومصر والأردن، وبناء على هذا فانه بات من الضروري القيام بشيء ما قبل فوات الأوان، وقبل أن تكون المنطقة أمام الامر الواقع الذي تعمل عليه واشنطن وتل ابيب وهو طرد ما تبقى من الشعب الفلسطيني من الضفة وغزة، وتهجيرهم قسرا الى دول أخرى من بينها مصر والأردن والسعودية.
خلال الأعوام الماضية تم طرح نظريتين من قبل إيران والدول العربية لحل القضية الفلسطينية. إيران اقترحت اجراء استفتاء عام بمشاركة كافة شرائح الشعب الفلسطيني منهم المسلمين والمسيحيين واليهود، في الداخل والخارج وذلك لتقرير مصيرهم بأنفسهم، وأكدت انها ستقبل أي نتيجة يصوت لها الشعب الفلسطيني التاريخي، وليس الذين جاءوا بالاحتلال وأصبحوا جاثمين على الأرض الفلسطينية بعد عام 1948.
وهناك رؤية ثانية طرحت من قبل الجامعة العربية في عام 2002، وهو ما عرف بحل الدولتين، ورغم ان هذه الرؤية تعتبر مجحفة الى حد كبير بحق الشعب الفلسطيني، بسبب انها تمنح الجزء الأكبر من الأراضي الفلسطينية للمحتل الإسرائيلي، ولم تلبي الا القليل القليل من طموحات الشعب الفلسطيني، الا انها بقيت مرفوضة من قبل كيان الاحتلال الإسرائيلي حتى اليوم، وقد استخف بها كيان الاحتلال ولم يعير لها أي اهتمام منذ ذلك التاريخ حتى اليوم.
ومن تابع استعلاء وعنجهية الرئيس الأمريكي ترامب بالأمس خلال لقائه مع الملك عبد الله الثاني، وصلفه ووقاحته عندما كان يحاول أن يفرض أفكاره الشيطانية على ملك الأردن والزعماء العرب الأخرين، ويرغمهم على أن يقبلوا بترحيل سكان قطاع غزة الى مصر والأردن والسعودية ودول أخرى، فإن هذا يذكرنا تماما بما كانت تحذر منه إيران العالم العربي والإسلامي على مدى عقود مديدة، حين كانت تقول إيران أن أي تراخي أمام سياسات كيان الاحتلال الصهيوني سيجلب خسائر عظيمة للعالم العربي والإسلامي والقضية الفلسطينية.
ولذلك بما أن الجميع بات اليوم أمام هذا الواقع المرير، أن الخطر الإسرائيلي المدعوم أمريكيا لا حدود له، يبقى الحل الوحيد للتخلص من هذا الخطر هو توحيد الموقف العربي والإسلامي لمواجهة عنجهية الاحتلال الصهيوني بشكل جماعي وليس فردي، فهذا الذي سيفشل الضغوط الأمريكية والإسرائيلية التي يمارسونها اليوم على غزة والضفة ومصر والأردن والسعودية ودول عربية وإسلامية أخرى، وان إيران ستظل كما كانت في السابق هي الحاملة للواء المواجهة للمشروع الصهيوني، والداعية لتوحيد صفوف العالم الإسلامي بناء على محورية القضية الفلسطينية، وان طهران مستعدة على الدوام أن تبقى الى جنب اشقائها العرب والمسلمين للحفاظ على سيادة بلادهم وافشال الضغوط الأمريكية والإسرائيلية التي يتعرضون لها هذه الأيام بشكل غير مسبوق.
/انتهى/


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>