أخر الأخبار
عاجل

قنوات عراقية تلوذ بالمؤثرين: المهنية لم تعد معياراً

العربي الجديد

قنوات عراقية تلوذ بالمؤثرين: المهنية لم تعد معياراً

  • منذ 1 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:

مع ارتفاع غير مسبوق في عدد القنوات التلفزيونية في العراق، والمملوكة غالبيتها لأحزاب وقوى سياسية، والتنافس الكبير بينها على جذب الجمهور، اتجه عدد منها إلى الاستعانة بمشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة من النساء، لتقديم برامج تلفزيونية ولقاءات في الشارع مع المواطنين، من دون الأخذ بعين الاعتبار الجوانب المهنية المتعلقة بقيمة المحتوى، أو الأسئلة المطروحة في الشارع، أو حتى سلامة اللغة العربية. هذا التوجه أثار جدلاً مهنياً وأكاديمياً في العراق، حول خطورة ما وصفوه بدخول "المتسلقين" إلى مجال الإعلام، وما يثيره ذلك من مخاوف، وتحديداً مع ما أثارته بعض هذه البرامج من أزمات بسبب طبيعة الأسئلة التي تطرح على الضيوف أو التعليقات الطائفية والعنصرية.

ويفيد أعضاء في نقابة الصحافيين العراقيين بأن ما لا يقل عن 30 مؤثرة على منصات التواصل الاجتماعي في العراق انتهى بهن المطاف مقدمات برامج استطلاع آراء في الشارع مع المواطنين، أو حتى برامج حوارية. ووفقاً لعضو النقابة محمد القيسي، فإن "هوس المشاهدات وجذب الجمهور، ألغى أي اعتبار للمهنية والرسالة الصحافية، وعلى الفضائيات أن تفصل بين مواقع التواصل الاجتماعي وما يُنشر فيها، وبين الإعلام والصحافة التقليدية التي تمتلك معايير أخلاقية ومهنية لا تتوفر عادة بمواقع التواصل، أو لنقل إنها غير معمول بها للأسف". ويضيف القيسي متحدثاً لـ"العربي الجديد": "الأمر لا يقتصر على المؤثرات، إنما تعدى إلى أشخاص يقدمون محتوى جدليا ويمكن وصفه بالتافه أو الشعبوي".

ف.ق تمتلك حسابات على منصات التواصل الاجتماعي، ووجدت أخيراً قناة فضائية تقدم من خلالها برنامج يقوم على التجول في الأسواق والتجمعات وطرح أسئلة مختلفة على المواطنين. تقول إنها تستخدم العامية العراقية لكونها لا تتقن الفصحى. وتوضح لـ"العربي الجديد" أن قبولها العمل في القناة، كان من أجل زيادة الدخل من الإعلانات. وتعتبر أن ما تقدمه "ارتجالي" ضمن ما تسميه "الماشي في الشارع".

حيدر عوادي الذي يدير قناة فضائية عراقية يرى أن إشراك مشاهير منصات التواصل الاجتماعي في البرامج أصبح "ضرورياً"، لأن "الجمهور يفرض ذلك". ويضيف في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "هناك ما يسمى بالإعلام الحر الذي زاد من الاهتمام بالإعلانات والمحتوى الربحي، وتقديم البرامج الميدانية بين المواطنين لنقل معاناتهم وقضاياهم الشخصية. وإن لم تكن مقدمة هذا البرنامج شخصية معروفة ومقبولة لدى الجمهور، فلن يلقى البرنامج استحساناً وقبولاً".

لكن الصحافي قصي حسين يعتبر أن المحتوى الذي تقدمه القنوات الفضائية "مهين للعمل الصحافي والإعلامي الحقيقي". يضيف حسين لـ"العربي الجديد" أن "انعدام الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع والرسالة التي يجب أن يحملها الإعلام للناس من توعية وتثقيف سبب هذا كله". ويرى أن "زيادة عدد القنوات المدعومة من شخصيات سياسية، وبعضها أصحاب نفوذ في الدولة، تسببت في تراجع المستوى الإعلامي"، ويستدرك: "هذا لا يعني أننا نفتقر إلى الخبرة، بل على العكس، هناك صحافيون وصحافيات متميزون في عملهم، ويقدمون محتوى مهنياً راقياً هادفاً".

من جانبه، يرى الباحث والمختص في مجال الإعلام حسين السبعاوي أن "القنوات الفضائية أصبحت تتسابق في بث وتقديم البرامج الشعبوية التي تبتعد عن المهنية والمحتوى الهادف. كل ما يهمها هو جذب المشاهد وزيادة عدد المتابعين، مما أدى إلى أكبر إساءة للإعلام، خصوصاً المرئي". ويضيف في حديثه لـ"العربي الجديد": "اليوم تتسابق القنوات الفضائية في نشر الأخبار المضرة بالأسرة العراقية. مع التركيز على شخصيات لا يليق تقديمها للشاشة العراقية أساساً، وانعدام برامج التوعية الخاصة بالأسرة أو برامج علمية وثقافية مفيدة". كما يرى أن "أفسد أنواع الإعلام هو ذلك الذي يتم من خلاله شراء ذمم الإعلاميين واستخدامهم في مواجهة الخصوم عبر نشر الفضائح والتسقيط السياسي، وهذا ما أنتجه نظام الأحزاب والمحاصصة السياسية".

الصحافي ليث غني يشير إلى أن "أغلب المشاريع الإعلامية يمولها أصحاب النفوذ، وبالتالي يسعون إلى تحقيق أهداف محددة، قد تكون شخصية، بعضها نبيلة وأخرى سياسية، وهذا ما نجده سائداً في العراق، بعيداً عن المهنية ونقل المعلومات الحقيقية، وربما تشويه بعضها أيضاً". ويضيف غني أن "هذا النوع من الإعلام يوظف المعلومات والشخصيات في المسار الخاطئ، بهدف تضليل الجمهور، وهذا ما نراه اليوم في مواقع التواصل الاجتماعي، التي لعبت دوراً في تشتيت المشاهد وإرباكه، وأبعدت الإعلام عن المهنية".

من الناحية القانونية، يؤكد القانوني وسام عبد الكريم على ضرورة تفعيل القوانين المنظمة للعمل الإعلامي وتشديد الرقابة على الانتهاكات التي تصدر من وسائل الإعلام. ويقول عبد الكريم لـ"العربي الجديد" إن "الردع من أهم سبل الحفاظ على إعلام مهني رصين، كما أن القوانين الصارمة بحق من يسمي نفسه إعلامياً من دون شهادة أو خبرة حقيقية هي أيضاً ملحة". ويضيف أن دور هيئة الإعلام والاتصالات ضعيف، وغير مسيطر على تقييد المحتوى في المنصات التي باتت تسمي نفسها إعلامية".



عرض مصدر الخبر



>