يرى مراقبون أن رسالة أوجلان تاريخية ولكنها لم تأت من فراغ، بل سبقها الكثير من النقاشات والحوارات سواء المعلنة أو غير المعلنة حتى وصلنا إلى تلك الرسالة التي تُعد تحولا تاريخيا في المنطقة نظرا لتأثير هذا الملف وتشابكه مع العديد من الدول في المنطقة، الأمر الذي قد يغلق الباب على الخطط والمؤامرات الخارجية التي تهدف إلى تفتيت دول المنطقة وإضعافها.
هل تشكل رسالة أوجلان تحولا تاريخيا في الصراع التركي الكردي وما مدى التجاوب التركي معها؟
بداية يقول الدكتور سمير صالحة، الأكاديمي والمحلل السياسي التركي، "إن الرسالة التي بعث بها عبد الله أوجلان مؤسس حزب العمال الكردستاني من محبسه للحزب من أجل وقف
العمليات المسلحة سبقها الكثير من الحراك بشكل مباشر وعلني وأيضا بشكل غير مُعلن على المستوى الداخل التركي وعلى مستوى الإقليم".
وأضاف صالحة في حديثه لـ"
سبوتنيك": "أن هناك أكثر من عامل من وجهة نظري سبق رسالة أوجلان، على مستوى الداخل التركي كانت هناك أجواء سياسية اقتصادية إيجابية دفعت بالداخل التركي إلى نقاش جديد من هذا النوع، بجانب أن العامل الإقليمي لا يقل أهمية نظرا لوجود الكثير من المتغيرات والحديث المستمر عن شرق أوسط جديد، خاصة في التصريحات
الإسرائيلية ومحاولة تل أبيب باستمرار اللعب بالورقة الكردية في سوريا ضد تركيا".
وتابع: "الآن أمام تركيا أسباب ودوافع من أجل فتح الطريق أمام تلك الرسالة، حيث تحاول إسرائيل التأثير في سوريا وشرق الفرات، كل العوامل السابقة مهمة من أجل الوصول إلى
نتائج إيجابية، لكن أظن أن الوقت لا يزال مبكرا لكي نحكم على النتائج التي سوف تلي رسالة أوجلان، وهل سيكون هناك نقاش جديد في الداخل التركي متمم للنقاش الذي كان يفترض أن يبدأ قبل عشر سنوات في اسطنبول".
وأشار صالحة، إلى أنه"حتى الآن لا أحد يعرف تفاصيل ما سيحدث مع حزب العمال الكردستاني وقيادته في السجون وفي الجبال ، كيف سيكون الشكل من الناحية التقنية".
وحول توقيت الرسالة وما حملته من تحول في قيادة ومنهجية حزب العمال يقول صالحة: "الرسالة تحمل في طياتها الكثير من التحول، خاصة وأن أوجلان يقوم بعملية نقد ذاتي، وتحتاج تلك الوثيقة إلى وقت كافي لكي نعرف كيف سيتم التعامل معها مستقبلا".
في المقابل يقول الدكتور غازي فيصل، مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية: "رسالة مؤسس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان بشأن وقف العمليات المسلحة ضد تركيا، بالتأكيد تعكس
قدر كبير من التوافق في الداخل التركي بين مجموعة من الأحزاب في البرلمان التركي، وأيضا بالتنسيق والتوافق مع الرئيس رجب طيب أردوغان باتجاه تبني حل سلمي سياسي للمسألة الكردية في تركيا لتجنب الحرب المستعرة بين حزب العمال الكردستاني وتركيا من الأراضي العراقية والسورية وباقي الأراضي التركية نفسها".
وأضاف في حديثه لـ"
سبوتنيك" : "أن الأهداف الأساسية لحزب العمال الكردستاني في الأساس ذات طبيعة أممية، لأنه يضم أكراد من سوريا وتركيا والعراق وإيران، ويهدف إلى دولة كردية كبرى تمتد من من تركيا مرورا بالعراق وإيران وصولا إلى سوريا، وهذا يتناقض ويتقاطع مع ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بوحدة الأرض وسلامة الحدود لكل دولة، رغم أن المبدأ الأممي لا يجيز تفكيك الدول، لكنه يؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها".
وتابع فيصل: "القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لا يمنع الأقليات في الدول أن تذهب إلى الأقاليم أو الحكم الذاتي، بأن يكون لهم الحق في المشاركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية عبر مختلف السلطات في أي دولة من الدول، وإقليم كردستان في العراق يشكل نموذج متقدم للشراكة والتضامن والعمل المشترك بين القوميات والمذاهب والأديان المختلفة في إطار دولة مدنية".
وأشار مدير المركز العراقي، إلى أن "بيان أو رسالة أوجلان تمثل نقطة تحول مهمة جدا نحو الذهاب إلى الحوار ونزع فتيل الحرب والتخلي عن السلاح وتفكيك الحزب والذهاب لإيجاد حلول عبر
المواد الدستورية في تركيا، علاوة على خلق شراكة سياسية بين الأكراد في الداخل التركي وأن يكون الأكراد جزء حيوي من الشعب التركي وأن ينال حقوقه الدستورية سواء كانت المادية أو السياسية".
ولفت إلى أن "الرسالة إذا أوقفت الحرب فسوف ينعكس ذلك إيجابيا على طريق التنمية بين الفاو والحدود العراقية التركية باتجاه البحر المتوسط لتصدير الثروات والتجارة، كما أن الهدوء في شمال العراق سوف ينعكس استقرارا وسلاما في كل من العراق وتركيا".

20 سبتمبر 2023, 11:29 GMT
وأعلن حزب العمال الكردستاني، السبت الماضي، وقف إطلاق النار مع تركيا استجابة لدعوة زعيمه عبد الله أوجلان، لحل الجماعة ونزع سلاحها.
وقال الحزب في بيان له: "نعلن وقفا لإطلاق النار يسري ابتداء من اليوم السبت، ولن تنخرط أي من قواتنا في أي عمل مسلح ما لم تتعرض لهجوم"، وفقا
لشبكة "رووداو" الكردية.
وجاء في بيان اللجنة التنفيذية لحزب العمال الكردستاني، تحت عنوان "إلى شعبنا الوطني والرأي العام"، إن "نداء القائد عبد الله أوجلان، الصادر في 27 فبراير(شباط) بعنوان "نداء السلام والمجتمع الديمقراطي" يضيء الطريق أمام جميع قوى الحرية والديمقراطية، ويُعد بمثابة مانيفستو العصر، وبما أن هذا المانيفستو قد تعزز لدى شعبنا ولدى الإنسانية، فإننا نحيي القائد آبو، بكل احترام".
وأكد البيان أن "هذا النداء يأتي في سياق عملية تاريخية بدأت في كردستان والشرق الأوسط"، مشيرًا إلى أن "هذه الخطوة سيكون لها تأثير كبير على تطور القيادة الديمقراطية والحياة الحرة على مستوى العالم".
وشدد الحزب على أن "إطلاق نداء بهذا الشكل خطوة في غاية الأهمية، لكن تحقيقه بنجاح أكثر أهمية"، مؤكدًا أن "حزب العمال الكردستاني يلتزم بهذا النداء بشكل مباشر، وسيتخذ خطوات، وفقاً لضروراته ومتطلباته".
وأشار البيان إلى أن "هيكل القيادة والمجلس المركزي لحزب العمال الكردستاني يشكلان
القوة المنظمة للنضال"، مؤكدًا أن "الحزب خاض نضالا تاريخيا كبيرا خلال القرن الماضي في كوردستان، وحقق إنجازات عظيمة من خلال التضحيات والالتزام والمقاومة".
وأضاف: "نحن نستذكر بكل تقدير واحترام شهداء النضال من أجل الحرية، ونجدد عهدنا بمواصلة المسيرة بنفس العزيمة والإصرار".
وأكد حزب العمال الكردستاني في بيانه أنه "يدخل مرحلة جديدة من النضال، مستفيدا من الرؤية الاستراتيجية للقائد آبو (أوجلان) والتجربة التاريخية للحزب، من أجل تحقيق أهدافه عبر نهج سياسي ديمقراطي".
وفي وقت سابق، دعا زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، جميع المجموعات الكردية المسلحة للتخلي عن السلاح وحلّ نفسها.
وجاء في بيان لمؤسس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، نشره حزب "الديمقراطية والمساواة للشعوب" التركي الموالي للأكراد بعد زيارته في سجن جزيرة "إمرالي": "في ظل المناخ الحالي، الذي تشكل بدعوة دولت بهتشلي، والإرادة التي أظهرها السيد رئيس الجمهورية (رجب طيب أردوغان)، والمواقف الإيجابية للأحزاب السياسية الأخرى تجاه هذه الدعوة،
أتوجه بالدعوة إلى التخلي عن السلاح، وأتحمل المسؤولية التاريخية لهذه الدعوة".
وبدأ الصراع المسلح مع حزب العمال الكردستاني في تركيا عام 1984، و استؤنف عام 2015.
وتوجد في شمال العراق قواعد لحزب العمال الكردستاني، حيث تقوم القوات المسلحة التركية بعمليات جوية وبرية ضدها بشكل متكرر.
وأصبح وجود القوات التركية في معسكر "زليكان" شمال شرقي الموصل، نقطة خلاف بين بغداد وأنقرة، إذ تبرر الأخيرة انتشارها بأنه "ضروري".