فرص لكهرباء الخليج في العراق وسط العقوبات الأميركية على إيران

العربي الجديد

فرص لكهرباء الخليج في العراق وسط العقوبات الأميركية على إيران

  • منذ 3 أسبوع
  • العراق في العالم
حجم الخط:

مثل إلغاء الولايات المتحدة الإعفاء الممنوح للعراق لاستيراد الغاز الإيراني الذي تعتمد عليه محطات الكهرباء، مأزقاً للحكومة في بغداد لتأمين الطاقة ولا سيما خلال فصل الصيف المقبل، ما يعد فرصة وفق محللين لدول الخليج لتعزيز حضورها في مجال الطاقة، إذ إن القرار الذي جاء جزءاً من حملة العقوبات الأميركية ضد إيران يدفع العراق إلى البحث عن بدائل جديدة لتلبية احتياجاته.

ويهدف الاتجاه الأميركي الأخير، بقرار من الرئيس دونالد ترامب، إلى منع العراق من استخدام النظام المالي الدولي لتسهيل التهرب من العقوبات الإيرانية، ضمن إجراءات أوسع نطاقاً لخفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، بما في ذلك الشحنات إلى الصين، واعتبار ذلك جزءاً من حملة "الضغط الأقصى" التي توعد بها ترامب.

وترتبط الفرصة الخليجية بمشروع الربط الكهربائي بين مجلس التعاون، إذ يمكن للمشروع تزويد العراق بالكهرباء وتحسين استقرار شبكة الطاقة لديه، ما يعزز التعاون الاقتصادي بين دول الخليج من جانب ويقلل اعتماد العراق على إيران من جانب آخر، بحسب إفادة خبيرين لـ"العربي الجديد".

وقال الخبير الاقتصادي، رائد المصري، لـ "العربي الجديد"، إن السياسة الأميركية الجديدة، التي تهدف إلى تشديد العقوبات الاقتصادية على إيران، من شأنها حرمان العراق من الاستفادة من الغاز والطاقة الإيرانية لتوليد الكهرباء، ما سيسبّب انهياراً كبيراً في قطاع الطاقة الكهربائية في العراق، حيث ستفقد البلاد حوالي 7000 ميجاوات من الكهرباء، بما في ذلك 1200 ميجاوات يتم استيرادها مباشرة من إيران.

وأشار المصري إلى أن هذا الوضع سيضع العراق أمام تحديات كبيرة، مما يدفعه إلى البحث عن مصادر بديلة للطاقة، مثل استيراد الغاز من تركمانستان أو دول الخليج، معتبراً أن هذا التحول من شأنه أن يعطي دول الخليج دوراً أكبر في إعادة تزويد العراق بالكهرباء وموارد الطاقة، مما يعزز من مكانتها الاقتصادية والسياسية في المنطقة.

كما أن هذا التوجه من شأنه أن يسهم في تقليل الاعتماد العراقي على إيران، مما يضعف النفوذ الإيراني في العراق ويفتح المجال لتحرر السياسة الخارجية العراقية من القبضة الإيرانية، بحسب المصري، مؤكداً أن العالم يشهد تحولات جيوسياسية واقتصادية كبيرة تهدف إلى عزل إيران وتقليل نفوذها في المنطقة، خاصة في دول مثل سورية ولبنان والعراق، وهو ما قد يعزز من دور دول الخليج بوصفها قوة اقتصادية وسياسية فاعلة، ويسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي العربي ويضعف التحالفات التي تقودها إيران.

وأضاف أن هذه السياسة الأميركية، التي تقودها إدارة ترامب، تهدف إلى تفكيك التحالفات الإيرانية مع روسيا والصين، من خلال عزل إيران اقتصادياً وسياسياً، مشيراً إلى أن هذه الاستراتيجية تعتمد على تشديد العقوبات على إيران، ما يضعها تحت ضغوط اقتصادية كبيرة ويحد من قدرتها على التأثير في المنطقة.

وتوقع المصري أن تلعب دول الخليج دوراً محورياً في دعم العراق خلال الفترة المقبلة، من خلال تلبية احتياجاتها من الطاقة بشكل سريع لتجنب انهيار قطاع الكهرباء وتأثيراته السلبية على الاقتصاد العراقي، مشيراً إلى أن هذا الدعم لن يسهم فقط في استقرار العراق، بل سيعزز أيضاً من التكامل الاقتصادي العربي، ويعطي زخماً جديداً للعمل العربي المشترك.

وفي السياق، قال الخبير الاقتصادي، وضاح طه، لـ"العربي الجديد"، إن ملف الكهرباء في العراق يعاني سوء إدارة واضحاً من قبل وزارة الكهرباء على مدى أكثر من 20 عاماً، فبالرغم من تخصيص عشرات المليارات من الدولارات لهذا القطاع لم يتم تحقيق تقدم قوي أو ملحوظ، لافتاً إلى أن الطاقة الكهربائية الحالية في العراق تبلغ حوالي 26 غيغاوات، بينما تسعى جهات حكومية أخرى إلى مضاعفتها لتصل إلى أكثر من 50 غيغاوات.

وعلى مدار سنوات طويلة، جرى إحراق الغاز المصاحب لاستخراج النفط بشكل كبير في العراق، وهو ما يصفه طه بأنه هدر للموارد الطبيعية. وعلى الرغم من وجود عقود في هذا المجال، أدت "الإدارة السيئة"، بحسب وصف طه، إلى استمرار هذه المشكلة، مما سمح لإيران باستغلال الوضع لصالحها وتبيع الوحدة الحرارية للعراق بأسعار تصل إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف الأسعار العالمية، مما يزيد من استنزاف الموازنة العراقية.

ورأى أن استيراد الكهرباء عبر الربط الكهربائي مع دول خليجية مثل السعودية يعد بديلاً أكثر احتمالاً وسرعة بالنسبة للعراق، حيث إن تكلفة استيراد الوحدة الواحدة من السعودية أقل من تكلفة استيرادها من إيران أو إنتاجها محلياً باستخدام الغاز الطبيعي المستورد من إيران.

وأضاف أن الحل الأمثل لأزمة الكهرباء في العراق يجب أن يعتمد على محورين رئيسيين، الأول يتمثل في تقليل التكاليف التي تستنزف الموازنة العراقية، والثاني يتمثل في إنشاء بنية تحتية قادرة على استغلال الغاز الطبيعي المصاحب للنفط الخام، مشيراً إلى أن شركات كبرى متخصصة تعمل حالياً على زيادة طاقة إنتاج الغاز الطبيعي، ما قد يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي للعراق من الطاقة على المدى الطويل.



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>