العراق ينهي أزمة تشكيل الحكومات المحلية بعد 9 أشهر من الانتخابات
أنهى العراق أزمة تشكيل الحكومات المحلية في المحافظات بعد 9 أشهر من إجراء الانتخابات، بعدما تأخرت ديالى وكركوك وصلاح الدين عن باقي المحافظات، لأسباب سياسية مدفوعة بحسابات التحاصص الطائفي والقومي داخل تلك المحافظات. وفي ساعة متأخرة من ليلة أمس السبت، شهدت محافظة كركوك التي تضم تركيبة سكانية من العرب والكرد والتركمان والأقليات الأخرى، جلسة سريعة لمجلس المحافظة، أفضت إلى التصويت على اختيار محافظ جديد ورئيس لمجلس المحافظة.
وعقدت الجلسة في بغداد، وشارك فيها 9 من أعضاء مجلس المحافظة الجديد، وهم 5 من الاتحاد الوطني الكردستاني (حزب بافل الطالباني)، وثلاثة أعضاء من المكون العربي، وعضو واحد عن المكون المسيحي، وقد أفضى الاجتماع إلى حسم تلك المناصب عن طريق التصويت من قبل الحاضرين. وجرى التصويت لريبوار طه محافظاً جديداً. وينتمي محافظ كركوك الجديد لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني، ومحمد الحافظ (عن تحالف القيادة وهو عن المكون العربي يتزعمه محمد تميم)، رئيساً لمجلس المحافظة، وإبراهيم تميم، نائباً للمحافظ، وإنجيل زيا (عن جماعة بابليون المسيحية بزعامة ريان الكلداني) مقررة لمجلس المحافظة. ولم تحظ الجلسة بتوافق جميع مكونات المحافظة، إذ تغيّب الحزب الديمقراطي الكردستاني (حزب البارزاني) والمكون التركماني عن الحضور، و3 من أعضاء المكون العربي.
وأكد المحافظ المنتخب ريبوار طه، في مؤتمر صحافي، عقب اختياره، قانونية الجلسة التي حسمت أزمة المناصب. وقال "لم نقم بأي عمل غير قانوني، فيما يخص الاجتماع المنعقد في بغداد الذي تمخض عنه انتخاب المحافظ ونائبه الأول ورئيس المجلس"، مضيفاً "نبارك لأهالي كركوك، كرداً وتركماناً وعرباً ومسيحيين، بدون أي تفرقة أو تمييز.. سنبدأ مرحلة جديدة في كركوك، كفريق واحد مع الإخوة الآخرين في المكونات الأخرى لخدمة عموم أهالي ومكونات كركوك بدون أي تفرقة وتمييز، وأن حكومتنا المحلية ستمنح حق وحقوق أهالي كركوك، بدون أي تفرقة، ونشدد على أن تكون الحكومة المحلية لعموم أهالي كركوك".
وأشار إلى أن "كل الأطراف شاركت في الاجتماع، وتعاملنا بطريقة قانونية"، وأضاف "التركمان الذين لم يشاركوا تركنا مناصبهم شاغرة، ولم يرشح أحد لها ولم نصوت على أحد بشأنها". وتابع قائلاً: "الحكومة المحلية الجديدة هي لجميع المكونات والأطراف". من جهته، أكد وزير العدل العراقي، خالد شواني، في تصريح صحافي عقب الجلسة "قانونية جلسة انتخاب محافظ كركوك ورئيس مجلس المحافظة المنعقد في بغداد".
في غضون ذلك، أبدت الجبهة التركمانية في كركوك التي لم تحضر جلسة الانتخاب، رفضها مخرجاته، وأكدت أن "أي جلسة من دون حضور التركمان غير مقبولة، وسنلجأ إلى الطرق القانونية والدستورية لإلغاء مخرجاتها". وسبق عقد الجلسة، رفض المجموعة العربية في مجلس محافظة كركوك، لأي جلسة لمجلس المحافظة غير توافقية بين جميع الكتل الفائزة عن مكونات المحافظة قبل تشكيل الحكومة، وحذرت الكتلة بـ"اللجوء إلى السبل القانونية والدستورية كافة لإلغاء مخرجات الجلسة". ولم يعلق الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي خسر منصب المحافظ، كما لم يحصل على أي منصب آخر بالمحافظة، خلال الجلسة، وهو ما قد يتسبب بإشكالات في الفترة المقبلة.
الجبهة التركمانية العراقية ترفض مخرجات أي جلسة أو اتفاق بدون كتلة جبهة تركمان العراق الموحد بخصوص تشكيل حكومة كركوك pic.twitter.com/PLzbwsYHuV
— Rudaw عربية (@rudaw_arabic) August 10, 2024
في الأثناء، اتخذت القوات الأمنية في كركوك إجراءات مشددة منذ ليل أمس، تحسباً لأي طارئ، وانتشرت قوات كبيرة في محيط مبنى المحافظة، وفي عدد من الطرق والمناطق الرئيسة فيها.
بعد انتخاب الحكومة المحلية.. القوات الأمنية تتخذ إجراءات احترازية وتكثف تواجدها أمام بوابة مبنى محافظة كركوك#الرابعةtv pic.twitter.com/SLlNxYsymj
— قناة الرابعة - Al Rabiaa TV (@alrabiaatv) August 10, 2024
من جهته، دعا الاتحاد الوطني الكردستاني، إلى تأجيل أي احتفال بمناسبة حسم المناصب، تحسباً لأي احتكاكات قد تحدث. وقال ممثل الحزب في كركوك، آسو مامند، في بيان: "تحسباً لأي احتكاكات بين جماهير الأحزاب، يجب تأجيل أي احتفال أو تجمع بمناسبة انتخاب المحافظ الجديد لكركوك إلى إشعار آخر"، مؤكداً أن "التأجيل يأتي من أجل استقرار المحافظة، وحساسية الوضع فيها، ولتجنب أخذ المكونات الأخرى في المحافظة الموضوع بحساسية"، مشيراً إلى أن "مناصب التركمان الذين لم يشاركوا في الاجتماع ستكون شاغرة لحين مشاركتهم في الحكومة المحلية، وأن واجب المحافظ والإدارة المحلية خدمة المكونات بكل المجالات".
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد منح القوى السياسية في كركوك مهلة انتهت اليوم الأحد، لحسم المفاوضات وتشكيل الحكومة المحلية في كركوك. وأفرزت الانتخابات الخاصة بمجلس محافظة كركوك التي جرت في نهاية العام الماضي 2023 مجلساً مكوناً من 16 عضواً موزعين على ستة للعرب وسبعة للأكراد، واثنين للتركمان، ومقعد واحد للمكون المسيحي. ويفرض القانون انتخاب المحافظ الجديد بأغلبية مريحة بواقع النصف زائداً واحداً، وهو ما لا يمكن توفيره حالياً بخريطة توزيع مقاعد كركوك، أي إن الفائز يجب أن يحصل على تسعة أصوات من أعضاء مجلس محافظة كركوك.
يذكر أن محافظة كركوك أجرت أول انتخابات عام 2005، وفي 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، شهدت إجراء انتخابات مجالس المحافظات، ونال الكرد فيها سبعة مقاعد، وانضمت إليهم كتلة بابليون التي فازت بمقعد الكوتا، ليصبح مجموع المقاعد ثمانية، وفي المقابل نال العرب ستة مقاعد، فيما حصل التركمان على مقعدين.