مقترح دورات تثقيفية "إلزامية" للمقبلين على الزواج في العراق
أعلنت لجنة المرأة والطفولة في البرلمان العراقي تقديم مقترح لعقد دورات تثقيفية "إلزامية" للمقبلين على الزواج، بهدف نشر الوعي حول حقوق وواجبات كل من المرأة والرجل، والحد من حالات العنف الأسري، مؤكدة سعيها لأن يكون المقترح قانونا ملزما يوضع كشرط لإتمام إجراءات الزواج قانونيا، في محاولة للحد من ارتفاع نسبة الطلاق في العراق.
ويأتي ذلك على إثر تصاعد العنف الأسري في البلاد، وسبق أن كشفت الداخلية العراقية في مايو/ أيار الماضي، عن تسجيل قرابة 14 ألف دعوى عنف أسري خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري في عموم مدن البلاد، وأن الاعتداء البدني هو الأعلى نسبة فيها، بينما بلغت نسبة الطلاق في العراق في العام الجاري 22.7 في المائة من إجمالي عدد الزيجات.
ووفقا لرئيسة اللجنة البرلمانية، النائبة دنيا الشمري، فإن "المقترح جاء خلال اجتماع للجنة مع المجلس الأعلى للمرأة، إذ جرى التأكيد على ضرورة تأسيس مؤسسة الأسرة، التي تهدف إلى توعية الأسر بحقوقها وواجباتها، في ظل نقص الوعي الحالي لدى الأزواج الجدد"، مبينة، في تصريح لصحيفة الصباح الرسمية، اليوم الثلاثاء: "نرى أن العديد من الأزواج الجدد يفتقرون إلى الثقافة اللازمة لإدارة حياتهم الزوجية بشكل سليم"، موضحة: "اقترحنا تنظيم دورات تثقيفية للمقبلين على الزواج، وأن تشمل هذه الدورات موضوع العنف الأسري، وستكون هذه الدورات إلزامية ولمدة شهر واحد فقط، وسيتعين على المشاركين الحصول على شهادة تؤهلهم لإتمام إجراءات الزواج أمام القاضي"، مؤكدة أن "اللجنة في طور وضع خطط وبرامج تفصيلية لتنفيذ هذه الدورات".
وأشارت إلى أن "الهدف من هذه المبادرة هو الحفاظ على الأسرة، التي تعتبر من أهم مؤسسات المجتمع"، موضحة أن "اللجنة تطمح من خلال هذه الدورات إلى أن تعزز التعارف والتعاون بين الأزواج، ومناقشة الأفكار بشكل مفتوح، وإذا أصبح هذا الاقتراح قانونيا، فسيكون إلزاميا على الجميع".
ويؤكد ناشطون في مجال حقوق الإنسان أهمية نشر الوعي داخل العائلات، وأن يكون بطرق مختلفة، للحد من ارتفاع نسبة الطلاق في العراق. وقالت الناشطة هدير الجنابي: "نحن مع أي خطوة باتجاه نشر الوعي وتثقيف الأسر بهدف إقامة أسر ناجعة في المجتمع"، مبينة لـ"العربي الجديد"، أن "لجنة الأسرة والطفولة والجهات الأخرى العاملة في مجال حقوق الإنسان عليها أن تتصدى لمهمة نشر الوعي بين المتزوجين والمقبلين على الزواج خاصة"، مشيرة إلى أن "ضعف مستوى الوعي عند الشباب المقبلين على الزواج أسس لأسر متفككة أساسا لا تستطع الاستمرار، وسرعان ما انتهت بالطلاق، وهذا أمر خطير للغاية في هدم الأسر وإنشاء جيل من الأطفال لا يمكن أن يحصلوا على مستوى جيد من التربية والتعليم، ليكونوا مستقبلا عناصر ضارة بالمجتمع"، مشددة على أن "هذا الأمر خطير للغاية، وعلى البرلمان ومؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني أن تتعاون في ما بينها لبناء أسر صحيحة مدعومة بالوعي الثقافي ومحصنة".
ويؤكد قانونيون أن "الخطوة لا قيمة لها أمام مساعي الأطراف السياسية لإقرار قانون الأحوال الشخصية". وقال المحامي نزار الجميلي، لـ"العربي الجديد": "الخطوة قد تكون ذات جدوى في ظل القضايا والمشاكل العائلية الكثيرة التي ينتهي معظمها بالطلاق، لكنها غير ذات جدوى في حال أقر قانون الأحوال الشخصية، الذي سيؤسس إلى هدم أسري واسع، لأنه لا يراعي مؤهلات بناء الأسرة، ولا يعترف بها أساسا، وستكون له العلوية على أي قانون آخر"، مشددا: "ما الداعي للبحث عن قوانين جديدة للحفاظ على الأسرة مع وجود قوانين تهدم الأسر؟".
وأضاف الجميلي أن "خطوة لجنة المرأة قد تواجه صعوبة مجتمعية أيضا وتصطدم بالأعراف، إذ إنها تمنح المقبلين على الزواج فرصة للتواجد المشترك في دورة تدريبية، وهذا ما لا تقبل به الكثير من العائلات العراقية"، مشددا على "ضرورة أن تعمل اللجنة البرلمانية على تنظيم حملات تثقيفية وتوعوية مستمرة، وأن تسهم بنشر الوعي من خطورة الزواج المبكر، الذي تكون نتائجه الفشل".
وسبق أن حذرت منظمات مدنية عراقية وجهات رقابية، فضلا عن منظمات حقوقية دولية، من خطورة هشاشة البناء الأسري في العراق، الذي أدى الى أرقام قياسية بالعنف الأسري وارتفاع نسب الطلاق بشكل كبير، وما ينتج عنه من تفكك أسري يؤثر سلبا على الأطفال، وسط مناشدات ودعوات للاهتمام بالملف والعمل على نشر الوعي بين الشباب بشأن بناء الأسرة ومسؤولية الحفاظ عليها.