القوانين الخلافية على جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي مجدداً
أعادت رئاسة البرلمان العراقي مجدداً إدراج قوانين "الأحوال الشخصية" و"العفو العام" وقانون "العقارات" على جدول أعمال جلسته ليوم غد الثلاثاء، بعد خلافات واسعة وجدل سياسي بشأن تلك القوانين التي تحاول القوى المتنفذة تمريرها بسلة واحدة. وخلال الفترة السابقة، فشلت القوى السياسية بتمرير القوانين الخلافية، وأهمها قانون الأحوال الشخصية"، الذي يواجه برفض من قبل قوى سياسية وفعاليات شعبية ومنظمات مجتمع مدني، إذ يضم فقرات وبنوداً اعتبرت تفسيرات دينية لا تناسب البلاد المتنوعة ثقافياً ودينياً ومذهبياً، كما يضمّ فقرات اعتبرت أنها حد أو حرمان لحقوق الأم والزوجة، وتحيز للرجال.
وحاولت القوى الداعمة للقانون، وهي قوى دينية وسياسية من "الإطار التنسيقي"، تمريره مقابل قوانين خلافية تدعمها قوى أخرى، منها قانون العفو العام، الذي تريده القوى السنية، وقانون إعادة العقارات الذي تسعى لتمريره القوى الكردية، إلا أن البرلمان فشل بتمرير أي من تلك القوانين. وبحسب جدول أعمال جلسة يوم غد الثلاثاء، التي نشرتها رئاسة البرلمان، فإنها قد تضمنت التصويت على تلك القوانين، فضلاً عن قوانين أخرى.
وترأس رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني، أمس الأحد، اجتماعاً لرؤساء الكتل البرلمانية، لغرض إيجاد الحلول المناسبة لإنهاء حالة عدم تحقق النصاب القانوني لانعقاد الجلسات. ووفقاً لبيان لمكتبه الإعلامي، أكد المشهداني "ضرورة مضي مجلس النواب في عقد جلساته، التي تضمن أداء دوره التشريعي والرقابي الذي ينتظره أبناء الشعب العراقي لما يتعلق بالقوانين التي تلامس احتياجاتهم ومعيشتهم كإقرار جداول الموازنة، والقوانين الأخرى التي تخص بعض الأجهزة الأمنية، وقانوني العفو العام والأحوال الشخصية".
وأضاف أن "تكاتف وتعاون الكتل النيابية مع رئيس المجلس سيؤدي إلى انعقاد الجلسات وإنعاش حالة الثقة بين المجلس والمواطنين مما سينعكس إيجاباً على الحالة الانتخابية التي ستجري في الأشهر المقبلة"، مشدداً على أنه "في الأيام المقبلة ستشهد تفعيل قواعد السلوك النيابي وفقاً لقانون المجلس ونظامه الداخلي، وفرض غرامة مالية قدرها مليون دينار على النائب المتغيب عن الجلسة الواحدة، ونشر أسماء النواب المتغيبين في الموقع الإلكتروني الرسمي للمجلس".
كما وجه "بإلغاء جميع الإيفادات للنواب، وكذلك العودة للعمل بالتصويت الإلكتروني على مشاريع القوانين، وتفعيل طلبات الاستجواب الخاصة بالوزراء"، داعيا الكتل السياسية إلى "ضرورة تحمل مسؤولياتها في التزام النواب بحضور الجلسات وتحقيق النصاب القانوني والمشاركة الفاعلة في إقرار القوانين التي تصب في مصلحة البلد". وعلى أثر إدراج قانون العفو العام، قررت كتلة "تقدم" التي يتزعمها رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، إنهاء مقاطعتها جلسات البرلمان.
من جهته، قال عضو مجلس النواب عن كتلة "تقدم"، جميل عبد سباك، إن "الكتلة قررت استئناف مشاركتها في جلسات مجلس النواب، بعد تلقي تأكيدات من الكتل السياسية بإدراج قانون العفو العام في الجلسات المقبلة". وأضاف عبد سباك، في تصريحٍ صحافي، أن "إدراج قانون العفو العام والتصويت عليه هو خطوة أساسية نحو الوفاء بالتزاماتنا تجاه شعبنا، خاصة إنصاف المظلومين الذين تضرروا من قرارات قضائية غير عادلة أو تجاوزات قانونية، ولكن موقفنا واضح؛ نحن مع إنصاف الأبرياء ولسنا مع أياد ملطخة بالدماء".
وكثّفت الأحزاب العربية السنية في العراق نشاطها السياسي والإعلامي لإقرار مشروع قانون العفو العام، الذي طال انتظاره في البلاد، ويعد أحد أبرز مطالب هذه القوى التي اشترطت إقراره أثناء مفاوضات تشكيل ائتلاف "إدارة الدولة" الذي ضم كلاً من "الإطار التنسيقي" والكتل الكردية والعربية السنّية وتمخّض عن تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، في أكتوبر/ تشرين الأول 2022.
وكانت كتلة "تقدم" في مجلس النواب العراقي، بزعامة محمد الحلبوسي، قد قاطعت جلسات البرلمان التي ستعقد خلال هذا الفصل التشريعي لحين التصويت على قانون العفو العام. وذكرت الكتلة، في بيان، أن "حزبنا سيقاطع جلسات البرلمان المقبلة احتجاجاً على عدم إقرار القانون"، مضيفة أن "عدم إقرار قانون العفو العام كما هو متفق عليه بين الكتل السياسية، سيتسبب بمقاطعتنا الجلسات المقبلة".
أما "ائتلاف القيادة السنّية الموحدة"، الذي يضم رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني، ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، ورئيس تحالف عزم مثنى السامرائي، ورئيس حزب الجماهير أحمد الجبوري، ورئيس كتلة المبادرة زياد الجنابي، فقد أكد ضرورة "المضي بإنجاز الملفات الإنسانية والحقوقية والقانونية والسياسية وتحصيلها لأبناء المكون السنّي في عموم العراق والمحافظات الشمالية والغربية على وجه التحديد، وتنفيذ ورقة الاتفاق السياسي، التي نصّت على حقوق المدن والمحافظات المحررة، لا سيما المتعلقة بتشريع قانون العفو العام، وعودة النازحين إلى مدنهم، وإنهاء ملف المساءلة والعدالة، وتحقيق مبدأ التوازن في مؤسسات الدولة".
في السياق، قال السياسي العراقي، إبراهيم الدليمي، إن "إدراج مشروع قانون العفو العام ضمن جدول أعمال البرلمان، يمهد للتصويت عليه وإقراره وبداية تنفيذه لتحقيق العدالة"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "جميع الأحزاب الراغبة بإقراره، والكتل البرلمانية التي تسعى لتمريره في الجلسات المقبلة، تريد ضمان عدم إفلات الجناة من العقاب، وإعطاء فرصة وأمل للمظلومين". وتنتظر رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني، جملة من القوانين المعطّلة جراء الخلافات السياسية من جهة، وضعف الأداء النيابي الذي تأثر بغياب الرئيس السابق لمجلس النواب محمد الحلبوسي، الذي أقيل على خلفية إدانته بـ"التزوير"، من جهة أخرى.