العراق يسعى لتقليل الاعتماد على الغاز الإيراني في محطات الكهرباء
تسعى الحكومة العراقية إلى تقليل اعتمادها على الغاز الإيراني مصدراً رئيسياً للطاقة، وتأتي هذه الخطوة استجابة للضغوط الدولية، خاصةً العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، ولتحقيق استقلالية أكبر في قطاع الطاقة أيضاً. ويعتمد العراق كثيراً على واردات الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء، إذ تصل نسبة استيراد الغاز من إيران إلى أكثر من 40% من احتياجاته اليومية للطاقة.
وفي مارس/آذار 2024، وقع العراق عقداً مع إيران لزيادة واردات الغاز الإيراني إلى 50 مليون متر مكعب يومياً لمدة خمس سنوات، بقيمة سنوية تبلغ نحو ستة مليارات دولار. ورغم ذلك، يعاني العراق انقطاعات مستمرة في الكهرباء، مما يزيد الحاجة إلى إيجاد بدائل فعالة. من جانبها، كشفت وزارة النفط العراقية عن خطتها لزيادة إنتاج الغاز والاستفادة منه بدعم المنظومة الكهربائية، عبر عقود مع شركات أجنبية، خاصة بعد تقليل واردات الغاز الإيراني للعراق.
وقال وزير النفط حيان عبد الغني، في تصريح صحافي أول من أمس الجمعة، إن "العراق اليوم يستورد الغاز من إيران ويكلف الدولة مبالغ كبيرة، إضافة إلى أن هذا الغاز لا يمكن إدامة توريده بضوء الظروف الخاصة للجارة إيران، فقد يُقطع أحياناً أو تُقلّل كمياته، ما ينعكس على توليد الطاقة الكهربائية".
وأشار إلى إن مشروع شركة (توتال) جنوب العراق، سيكون إنجازاً كبيراً، كذلك لشركة نفط البصرة وشركة غاز الجنوب كونه سيستثمر الغاز الذي يحرق حالياً"، مضيفاً، أنه "خلال عام 2025 سوف يُباشر باستثمار غاز الضغط المنخفض، وهو غاز ثقيل يسبب تلوثاً خلال حرقه، ولكن عملية الاستثمار تحتاج الى أكثر من سنة، ولذلك سوف ينفذ هذا المشروع على مراحل".
من جانبه، قال الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عبد الله، إن جهود الحكومة بإنتاج الغاز لا يمكن أن تكمل إلا بعد تجاوز العقبات والتحديات التي تواجه قطاع الإنتاج النفطي المتمثلة بضعف البنية التحتية ونقص تمويل تنفيذ مشاريع الغاز التي تتطلب استثمارات ضخمة، وهو ما يشكل تحدياً كبيراً في ظل الأزمة المالية التي يواجهها العراق.
وأضاف عبد الله، لـ"العربي الجديد"، أن الضغوط السياسية تعتبر من أهم التحديات التي تواجه هذا المشروع في ظل وجود قوى داخلية وخارجية هناك لا ترغب في تقليل الاعتماد على الغاز الإيراني لأسباب سياسية واقتصادية. وأشار، إلى أنه رغم التحديات، فإن العراق يمتلك فرصة كبيرة لتحقيق أهدافه تتمثل بالاستفادة من احتياطيات الغاز الهائلة التي تُقدر بنحو 132 تريليون قدم مكعب، بالإضافة إلى دعم دولي واسع، خاصةً من الولايات المتحدة وأوروبا، لتحسين أمن الطاقة في العراق.
وتحدث عبد الله، عن أن نجاح العراق في تنفيذ خططه، لن يحقق فقط الاستقلال في مجال الطاقة، بل سيصبح أيضاً لاعباً مهماً في سوق الطاقة الإقليمي، كما أن تقليل الاعتماد على الغاز الإيراني قد يعزز من مكانة العراق على الساحة الدولية ويدعم سيادته الاقتصادية. وأكد، أن الخطة العراقية لتقليل الاعتماد على الغاز الإيراني تعتبر خطوة جريئة تتطلب الكثير من العمل والالتزام، وأن تحقيق هذه الأهداف قد يمثل نقطة تحول في تاريخ العراق الحديث، لا في مجال الطاقة فحسب، لكن في تعزيز قدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية أيضاً.
في السياق، قال الخبير في مجال الطاقة، كوفند شيرواني، إن استثمار الغاز المصاحب ما يزال يحرق بكميات كبيرة، إلا أن جهود الحكومة بتحقيق إنتاج الغاز المصاحب سيوفر على الدولة العراقية أموالاً طائلة، كانت تصرف على استيراده من إيران وتركمانستان. وأضاف شيرواني، لـ"العربي الجديد"، أن الكميات التي يستوردها العراق حالياً تبلغ أكثر من 50 مليون متر مكعب يومياً بقيمة إجمالية تصل إلى ستة مليار دولار سنوياً، وهذا المبلغ كبير جداً.
وأشار إلى، أن التخلص من هذا المبلغ الكبير يعتمد على استثمار الغاز العراقي المصاحب لعمليات الاستخراج النفطي، بهدف التخلص من فجوة العجز المالي التي تعانيها موازنة الدولة العراقية والتي تبلغ حدود 49 مليار دولار.
وأفاد بأن العراق يمتلك احتياطات كبيرة من الغاز تجعله بالمرتبة 13 عالمياً، واستثمار الغاز يعني ارتفاع مستوى الناتج القومي وايرادات الدولة العراقية، بالاعتماد على أسعاره المرتفعة وعدم وجود قيود على مستويات الإنتاج كما هو الحال في القيود المفروضة من منظمة أوبك على انتاج النفط.
وختم شيرواني أن "اتجاه العراق لاستيراد الغاز من تركمانستان يواجه العديد من المشاكل المتعلقة بارتفاع الأسعار والتكلفة العالية وعدم الوصول بانسيابية إلى العراق عبر إيران، مما أحدث أزمة كبيرة في تجهيز الطاقة الكهربائية لمناطق واسعة في العراق خلال فصل الشتاء الجاري".