جلسة برلمانية "مثيرة" في العراق لإقرار قانون الأحوال الشخصية

العربي الجديد

جلسة برلمانية "مثيرة" في العراق لإقرار قانون الأحوال الشخصية

  • منذ 2 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:

من المفترض أن يقر البرلمان العراقي، في جلسته الاعتيادية اليوم الثلاثاء، تعديلات قانون الأحوال الشخصية المثيرة للجدل، قراءة ثانية، إذ أدرجت ضمن جدول أعمال الجلسة بعد إصرار القوى السياسية والدينية الداعمة للقانون، فيما دعت نائبات إلى مقاطعة الجلسة واصفة البرلمان بأنه مكان "لإبادة المجتمع". ويضم القانون فقرات وبنوداً اعتبرت تفسيرات دينية أنها لا تناسب البلاد المتنوعة ثقافياً ودينياً ومذهبياً، كما يضمّ فقرات اعتبرت أنها حد أو حرمان لحقوق الأم والزوجة، وتحيز للرجال. وفي الأسبوعين الأخيرين، عقدت الكتل السياسية الداعمة للقانون اجتماعات عدّة، اتفقت خلالها على المضي بإقراره، متجاوزة الرفض الشعبي والمخاوف من تأثيراته الخطيرة.

وعبرت كتلة تحالف قوى الدولة البرلمانية، ضمن الإطار التنسيقي، عن دعمها للقانون، مؤكدة، في بيان، أن "التعديل يأتي استجابة لمتطلبات واحتياجات المجتمع المتنوعة، وأنه يضع أمام المواطنين خيارات منطقية تتناسب مع مختلف الظروف والحالات، مما يعزز مبدأ الحرية الشخصية ويحترم تنوع المجتمع". وأضاف: "نؤكد حق كل مواطن في اختيار الأنسب له في التعامل مع أحواله الشخصية، بما يتوافق مع قناعاته وظروفه الخاصة"، داعية جميع الأطراف وأعضاء مجلس النواب والقوى السياسية إلى "التعاون من أجل إقرار هذا التعديل بما يخدم مصلحة المواطنين ويحافظ على تماسك النسيج الاجتماعي".

وأكد النائب عن "دولة القانون" ضمن "الإطار التنسيقي"، جاسم الموسوي، التمسك بالمضي نحو إقرار القانون. وقال في تصريح صحافي أمس الاثنين: "القانون جاء من أجل تنظيم أحوال الشارع والمجتمع العراقيين"، مبيناً أن "التعديلات على القانون ستكون متماشية مع طبيعة هذا المجتمع". إلا أن تلك الجهات تكتمت على تفاصيل مدونة التعديلات على القانون، حتى أنها لم تعرض على النواب، إذ من المفترض أن يطلعوا عليها قبل أن تتم قراءتها أثناء الجلسة، وهو ما يؤكد أن التعديلات لا تتماشى مع الإرادة الشعبية.

البرلمان العراقي "مكان لإبادة المجتمع"

مقابل ذلك، عبرت نائبات عراقيات عن سخطهن من الإصرار على المضي بإقرار القانون، من دون معرفة التعديلات، وقالت النائبة عن كتلة التغيير الكردية المعارضة، سروة عبد الواحد، في تدوينة على "إكس": "ماذا يعني الإصرار على القراءة الثانية لتعديل قانون الأحوال الشخصية وسط الاعتراضات الكثيرة؟! ولماذا تحاول بعض أحزاب السلطة تقزيم دور مجلس الشعب ليكون مجلساً لتمرير إرادات حزبية معينة بغض النظر عن النتائج؟!"، مشددة على أن "البرلمان سيكون بعد تشريع هذا التعديل مكاناً لإبادة المجتمع، وسيكره المجتمع هذا البرلمان أكثر فأكثر .. لم نطلب الكثير سوى معرفة المدونات قبل القراءة الثانية، ولسنا ضد التعديل كمفهوم بقدر ما نرى ضرورة أن تنسجم البنود الأساسية للمدونات مع واقع الأسر العراقية".

النائبة المستقلة، فاطمة العيساوي، قالت، في تدوينة: "إصرار الكتل السياسية على قراءة تعديل قانون الأحوال الشخصية وللمرة الثانية بلا توضيح ومن دون المدونات، ما هو إلا تحدٍ صريح للشارع والأصوات التي تعالت تحت قبة البرلمان العراقي لرفض القانون"، مشددة "نجدد رفضنا هذا القانون الذي سيؤدي لخلق فجوة مذهبية بين أبناء البلد الواحد واستنكارنا هذه".

أما النائبة عن تحالف "وطن"، نور الجليحاوي، فقد دعت لمقاطعة الجلسة. وقالت، في بيان: "لن نكون جزءا من جلسة لمجلس النواب سيشرع فيها قانون يسلب حقوق الأمهات ويزيد تقسيم المجتمع طائفياً ويشرعن زواج القاصرات ويمنع المرأة من الميراث ويسلب رابطة المودة بين طرفي الأسرة (الرجل والمرأة) ويحول العلاقة بين الزوجين لعلاقة مبنية على المصالح"، مؤكدة "هذه دعوة أيضا لكل الأخوات والإخوة أعضاء مجلس النواب الذين يؤمنون بأهمية الأسرة وضرورة الحفاظ عليها أن لا يحضروا الجلسة وعدم تمرير القراءة الثانية". كما دعت، كل الفعاليات المجتمعية لـ"بيان موقفها الواضح والصريح الرافض لتعديل القانون".

ناشطون وإعلاميون يدعون لكسر نصاب الجلسة

الناشطة والإعلامية العراقية، أفراح شوقي، قالت في تدوينة لها: "كسر النصاب واجب إنساني على ممثلي الشعب في البرلمان العراقي، وخاصة النساء، لمنع تمرير تعديل القانون الذي مرَّ في الجلسة السابقة بطريقة غير قانونية"، مشددة "يجب كسر النصاب للاحتفاظ بفتات الحقوق الممنوحة للنساء والأطفال". ولم تهدأ ساحة الرفض الحقوقي والإنساني في العراق منذ أيام، إثر نية البرلمان العراقي إقرار مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق المعمول به منذ عام 1959، وهو قانون مدني متكامل، والذي احتوى على فقرات وبنود اعتبرت تفسيرات دينية لا تناسب البلاد المتنوعة ثقافيا ودينيا ومذهبيا، كما ضمّ فقرات اعتبرت أنها حد أو حرمان لحقوق الأم والزوجة، وتحيز للرجال.

وتتضمن التعديلات الجديدة للقانون إدخال الوقفين السني والشيعي في قضايا الخلع والتفريق، ما يعتبره رافضو القانون ترسيخاً للطائفية في إدارة الدولة والقضاء، وابتعاداً عن الدستور الذي ينص على مدنية الدولة العراقية، كما تتجاهل التعديلات حالات رفض الزوجين عقد الزواج وفقاً للمدارس الفقهية السنية أو الشيعية، وهي ظاهرة متزايدة في المجتمع العراقي الذي يشهد زيجات مختلطة بين ديانات ومذاهب، بينما يمنح القانون المعمول به منذ عام 1959 القضاء المدني حق عقد القران والتفريق وفقاً للقانون وليس بحسب الطوائف أو الأديان.



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>