ارتفاع أعداد السياح يعزز هوية المطبخ العراقي

العربي الجديد

ارتفاع أعداد السياح يعزز هوية المطبخ العراقي

  • منذ 1 شهر
  • العراق في العالم
حجم الخط:
 خلال العام الماضي 2023، استقبل العراق قرابة 9 ملايين سائح، وفقاً لتقارير رسمية صدرت عن الحكومة، كان من نصيب المحافظات الجنوبية (كربلاء والنجف والبصرة وذي قار وبابل) النسبة الأعلى للزوار، تليها بغداد، وهو أعلى رقم تعرفه بلاد الرافدين منذ عام 2003، ويراه مراقبون أنه دليل تعافٍ للبلاد، ويُبشر بمرحلة انتعاش اقتصادي واجتماعي. رافق هذا العدد تسهيلات كبيرة قدمتها الحكومة مثل إلغاء تأشيرات الدخول لعدد كبير من الدول العربية والأجنبية، وأخرى يمكنهم الحصول عليها في المطارات العراقية. هذا التحول أنعش المطبخ العراقي الذي ظل لسنوات محاصراً بالمطابخ الأخرى، كالتركي والإيراني واليمني والشامي أو السوري، إلى جانب مطاعم الوجبات السريعة الأميركية وغيرها.

ويقول مهند فيصل، من هيئة السياحة العراقية، إن أكثر من ألف مطبخ عراقي افتُتِحت بالفترة الأخيرة لتقديم الوجبات الأكثر شهرة بالعراق للسيّاح الذين بطبيعة الحال يصلون إلى البلاد للسؤال عن أهم الأكلات الموجودة لديهم. ويشرح فيصل، لـ"العربي الجديد"، أن زيادة أعداد السياح، وأغلبهم من قاصدي العتبات الدينية في جنوب البلاد ووسطها، دفعت إلى تعزيز هوية عراقية مشتركة وجامعة بين مختلف من البلاد، وهي المطبخ العراقي، ومحاولة تقديمه إلى الآخرين، حيث نرى أن العقود الماضية لم تكن مُنصفة للطعام العراقي الذي يتميز بأكلات وأطباق مهمة. فالسمك المسكوف، والدولمة، المكونة من خضروات محشوة بالأرز واللحم، والكباب العراقي، والقمير، والكبة النجفية أو الموصلية، أصبحت جميعاً أيقونات المطبخ العراقي بين الزوار.

لا تقتصر التجارب على هذه الأطباق فقط، بل تشمل العديد من الأكلات الشعبية، مثل البرياني والقوزي وأنواع المرق والكاهي، التي يقدمها العراقيون بكرم وضيافة تترك انطباعاً قوياً لدى الزوار. في زيارة حديثة للعراق، أشار السائح المصري، عمر فتحي، في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه يزور العراق لأول مرة بعد أن اطلع على مقاطع لمشاهير على مواقع التواصل يتحدثون عن كرم العراقيين والأمان الذي يعيشه البلد والطعام الفريد بنكهته.

يؤكد فتحي أن رحلته إلى العراق كانت من أغنى التجارب الثقافية، خصوصاً من حيث المطبخ. ويضيف: "زرت العديد من دول العالم، لكنني لم أجد تنوعاً في أطباق الطعام كما في المطبخ العراقي. الفطور هنا ليس تقليدياً، بل هو وجبة متنوعة وغنية". وأشار إلى أنه جرب عدة أصناف عراقية صباحية مثل الكاهي والقيمر، وهي حلويات تقليدية تُقدم مع العسل والقشطة، وأيضاً الباقلاء، التي تُحضر مع البيض أو الخبز. ويكمل قائلاً: "حتى المشاوي تُقدم باعتبارها جزءاً من الفطور، وهذا شيء فريد لم أجده في أي مكان آخر بالعالم".

وسائل التواصل تروّج لـ"المطبخ العراقي"

الصور ومقاطع الفيديو التي ينشرها زوار العراق على منصات مثل "إنستغرام" و"فيسبوك" و"يوتيوب"، ساعدت كثيراً في تعريف الناس من جميع أنحاء العالم كيف تُعَدّ الأطباق العراقية، بدءاً من اختيار المكونات الطازجة، وصولاً إلى طرق الطهي التقليدية التي تضفي طابعاً خاصاً على كل طبق. هذه المنشورات تحظى بتفاعل كبير من متابعيها الذين يعبّرون عن رغبتهم في تجربة تلك الأطعمة.

ويرى أصحاب المطاعم العراقية هذا النشاط عبر الإنترنت "فرصة ذهبية" لتعريف العالم بالمطبخ العراقي، وهو ما يؤكده مصعب العلي، الذي يملك مطعماً للأكلات الشعبية، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "السيّاح سفراؤنا، عندما ينشرون صوراً وفيديوهات عن أطباقنا، فإنهم يُظهرون جانباً رائعاً من ثقافتنا وتراثنا". ويضيف: "السمك المسكوف والكباب العراقي وأطباق القوزي أصبحت أطباقاً يطلبها الكثيرون من الزوار بعد أن يشاهدوها على مواقع التواصل الاجتماعي". وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت كثيراً في نشر الأطباق العراقية التي تُعَدّ رمزاً للتراث الغني والمتنوع للبلد، وجعلت المطبخ العراقي محل تقدير دولي متزايد.
 

وتحول الطعام العراقي إلى نافذة تفتح أمام العالم جمال التراث العراقي وعمقه الثقافي، لتصبح المائدة العراقية أكثر من مجرد طعام، بل جزءاً من هوية العراق التاريخية والإنسانية، بحسب ما يقول هاشم الفراتي، وهو شيف متخصص بالطعام الشرقي، تحدث لـ"العربي الجديد".

يشير الفراتي إلى أن الإقبال يزداد من السيّاح العرب والأجانب الذين يزورون مطعمه، معبّرين عن إعجابهم الكبير بمذاق الأكلات العراقية التقليدية، مؤكداً أن العديد من الزوار يثنون على تنوع المائدة العراقية وطريقة تقديم الطعام، خصوصاً تزيين الموائد بالعديد من أصناف المقبلات. ويتابع: "الكثير من السائحين الذين زاروا مطعمي أكدوا أن أطباق المرق العراقية تتميز عن مثيلاتها في بقية البلدان. من بين هذه الأطباق التي تحظى بشعبية كبيرة، مرق الباميا، مرق الفاصوليا، الباذنجان، والقرع. النكهات العراقية الفريدة، مع التوابل الخاصة وطرق الإعداد التقليدية، تجعل هذه الأطباق لا تُنسى بالنسبة إلى الزوار". ويضيف: "السر في تميز الأطباق العراقية يكمن في الاهتمام بالتفاصيل، بدءاً من اختيار المكونات الطازجة، وصولاً إلى الطهي على نار هادئة، ما يمنح الطعام نكهة غنية ومتوازنة"، لافتاً إلى أن العديد من الزوار يعاودون زيارة مطعمه مراراً وتكراراً لتجربة المزيد من الأطباق العراقية.



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>