الأمن العراقي يوقف متورطين في "أعمال السحر والشعوذة"
خلال سبتمبر/ أيلول الماضي، نفذت قوات الأمن العراقية ست حملات دهم وتفتيش استهدفت محتالين يمارسون "أعمال السحر والشعوذة" في بغداد ومحافظات أخرى، واعتقلت 12 شخصاً، باعتبارهم من مرتكبي جرائم النصب والاحتيال التي تعاقب بالسجن مدة تصل إلى 3 سنوات.
تزامنت هذه الحملات مع تصاعد الانتقادات الشعبية للظاهرة التي اعتبرها مواطنون علامة على مشاكل وعي المجتمع لحقيقة مخاطر وقوع كثيرين ضحايا لممارسي "السحر والشعوذة"، وتكبدهم خسائر مالية، أو تعرضهم لاستغلال جنسي أحياناً.
وقال مسؤول في وزارة الداخلية لـ"العربي الجديد": "يجب أن يستعد ممارسو السحر والشعوذة لحملات أمنية جديدة في الأيام المقبلة، تشمل أسماءً جديدة سنعتقلهم بعدما أبلغ ضحايا عنهم. وفعلياً، لا تقلّ مخاطر ممارسي السحر والشعوذة عن الضالعين بجرائم الاتجار بالبشر والأعضاء".
وفي سبتمبر الماضي أيضاً، أوقف جهاز الأمن في بغداد متهمين اثنين بممارسة أعمال السحر والشعوذة. وأوضح أنّ المتهمين ضُبطا متلبسين وفي حوزتهما العديد من الأدوات التي تستخدم في السحر مثل صور وأسماء مكتوبة على أوراق وكلمات ومصطلحات تعرف بالطلاسم. وذكر أن المتهمين اعترفا باستغلال 400 امرأة، ومارسا أعمالاً شائنة معهنّ، ثم تعمّدا ابتزازهنّ للحصول على أموال تجاوزت قيمتها 300 مليون دينار (229 ألف دولار).
وسبق ذلك توقيف الشرطة مشعوذاً في محافظة الأنبار (غرب) هدد بتحويل الشرطة التي دهمت مقرّه، إلى ضفادع، وهو أُحيل على القضاء وفقاً لقانون العقوبات المتعلق بالنصب والاحتيال.
وقال المتخصص في الطب النفسي محمد قاسم لـ"العربي الجديد": "في مقدمة أسباب انتشار الظاهرة قلة الوعي والثقافة لدى الضحايا، رغم أن كل الأديان السماوية تمنع اللجوء إلى الشعوذة، كذلك يعتبر الوضع الاقتصادي المتردي من الأسباب المهمة، حيث يبحث البعض عن حلول سريعة لأزماتهم الاقتصادية عبر طرق غير تقليدية، مثل السحر والشعوذة".
وتابع: "من بين الأسباب المؤثرة أيضاً تلك الثقافية والاجتماعية لدى البعض، خصوصاً في مناطق لا تزال تتأثر بمعتقدات خاصة بالسحر ومساهمته في حل مشاكل أو توفير حماية للناس من أعداء. وهناك تأثيرات نفسية تشمل نسبة غير قليلة من أفراد المجتمع، ولا سيما النساء، ومن بينها الخوف من الحسد، ومن فقدان أشياء وأشخاص مثل الحبيب والزوج والابن وغيرها".
والأكيد أن زيادة سمعة الأشخاص الذين يزاولون أعمال السحر والشعوذة يوفر مكاسب مالية كبيرة لهم، ويدفع آخرين إلى دخول المهنة غير الشرعية. ولعل ما ذكره بيان جهاز الأمن الوطني بشأن المبالغ التي جمعها المتهمان بممارسة السحر يثبت حقيقة الأرباح الكبيرة التي يحققها ممارسو هذه الأعمال. وباتت المؤسسات العراقية تُنظم مؤتمرات وحملات توعية واسعة لمواجهة الظاهرة، باعتبارها جرائم وفقاً للقانون.
وقال الباحث الاجتماعي عبد الوهاب اليوسف، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأشخاص الذين يمتهنون أعمال السحر والشعوذة يملكون دوافع عدة قد تكون اجتماعية واقتصادية ونفسية وثقافية. والأذكياء ينجحون من خلال قراءة طباع مرتاديهم وممارسة حيل توقعهم في شباكهم من دون أن يمارسوا أعمال السحر، وهذه ألاعيب وحيل وكذب، أما آخرون فيستخدمون فعلاً السحر الذي تعلموه من آخرين اشتغلوا فترة طويلة معهم. وعموماً، تدفع إمكانية الحصول على مكاسب مادية عالية من دون بذل جهد كبير هؤلاء الأشخاص إلى ممارسة هذه الأعمال، والنسبة الأعلى منهم فقراء وغير متعلمين وبلا عمل".