استنفار في العراق لمواجهة موجة غزيرة من الأمطار
استنفر العراق دوائره الخدمية والعسكرية بطريقة غير مسبوقة لمواجهة موجة من الأمطار الغزيرة، ومن السيول المتوقّعة كذلك، في عدد من محافظات البلاد، الأمر الذي تسبّب في تعطيل الدوام في عدد من المحافظات وتقطيع أوصال المدن التي غرقت شوارعها بالمياه.
وبدأت الأمطار تتساقط في عدد من مناطق العراق، ليل أمس السبت، وتوقّعت هيئة الأنواء والأرصاد الجوية في البلاد استمرارها في المناطق الشمالية والوسطى يومَين، محذّرةً من تشكّل سيول في المناطق الشرقية. وصرّح مدير إعلام الهيئة عامر الجابري لوكالة الأنباء العراقية (واع) بأنّ الأمطار سوف تكون شديدة الغزارة في إقليم كردستان العراق يومَي الأحد (اليوم) والاثنين (غداً)، مشيراً إلى أنّ أكثر المناطق تأثّراً سوف تكون محافظة السليمانية في الإقليم، بحسب ما تفيد تقديرات قسم التنبؤ الجوي. أضاف الجابري أنّ "تقريرنا يشير إلى احتمالية حدوث سيول في مناطق شرقي البلاد مثل ديالى وميسان وواسط كونها قريبة من إيران".
وفي هذا الإطار، اتّخذت محافظة بغداد قراراً يقضي بتعطيل المدارس اليوم الأحد، كذلك أعلنت محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك وغيرها تعطيل الدوام الرسمي في عموم جامعاتها ومدارسها.
وأغرقت الأمطار الغزيرة الشوارع في معظم مناطق البلاد، من بينها العاصمة بغداد، وتسبّبت في شلّ حركة المرور، كذلك، تسرّبت إلى المنازل في المناطق السكنية، خصوصاً في المناطق القديمة والعشوائية، بالإضافة إلى تسرّب المياه إلى المستشفيات وعدد كبير من الدوائر الحكومية، مثل ما تسبّبت في هدم جزء من مبنى مستشفى في تكريت بمحافظة صلاح الدين. يُذكر أنّ محافظة صلاح الدين أعلنت حالة الطوارئ لمواجهة السيول المتوقّعة.
وحذّرت إدارة ناحية العباسي في قضاء الحويجة بمحافظة كركوك أهالي القرى الواقعة بمحاذاة الأودية والأنهر من الخروج أو الاقتراب منها بسبب شدّة الأمطار وغزارتها، بعد تسجيل وفاتَين (راعٍ وراعية). وأوضحت أنّ كميات الأمطار التي هطلت على الناحية والقرى كبيرة تسبّبت في سيول جارفة، إذ ارتفعت مناسيب الأودية لتتشكّل سيول قوية تصبّ في نهر الزاب.
في سياق متصل، أصدر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني توجيهات تقضي بإغاثة المتضرّرين فوراً من جرّاء الأمطار والسيول الناجمة عنها في محافظات شمال العراق وغربه. وصدر عن مكتبه الإعلامي أنّ "السوداني وجّه المركز الوطني لإدارة الأزمات والكوارث في وزارة الداخلية بالشروع الفوري في إغاثة متضرّري السيول والأمطار (...) والتنسيق بحشد جهود التشكيلات العسكرية والمدنية والقدرات الهندسية، وتقديم كلّ المساعدة والعون اللازمَينِ للأهالي بالسرعة المطلوبة". أمّا أمين بغداد عمار موسى كاظم فأصدر توجيهات إلى دوائر البلدية وملاكات الأمانة الفنية تقضي بالاستنفار الكامل لسحب مياه الأمطار من كلّ مناطق العاصمة.
من جهتها، شرعت قيادة العمليات المشتركة للجيش العراقي في اتّخاذ جملة من الإجراءات، وأشارت في بيان إلى "فتح مقارّ مسيطرة لقيادات العمليات وقيادات شرطة المحافظات غير المرتبطة بقيادة عمليات، للتنسيق مع المحافظين ومديريات البلديات والطرق والجسور في المحافظة، وتحشيد جميع الجهود والكوادر الخدمية والهندسية لإغاثة القرى والممتلكات العامة والخاصة المتضرّرة من جرّاء السيول والأمطار، وإعداد الخطط السريعة الخاصة بالإخلاء والإنقاذ وفتح الطرقات وتحديد تلك البديلة".
أضافت قيادة العمليات المشتركة للجيش العراقي، في بيانها نفسه، أنّ التنسيق جرى مع دوائر وزارات النفط، والكهرباء، والإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة، والموارد المائية، ومديريات الطرق والجسور، والدفاع المدني، وكلّ الدوائر ذات العلاقة من أجل "اتخاذ الإجراءات (اللازمة) للحفاظ على البنى التحتية والتقليل من الأضرار الناجمة عن السيول وتصريف مياه الأمطار"، إلى جانب تنفيذ "عمليات الإخلاء الفوري للعائلات المتضرّرة باستخدام كلّ الوسائل الميسّرة".
وشدّدت قيادة العمليات المشتركة للجيش العراقي على "حماية ملاجئ الأعتدة والمشاجب والمستودعات والمواقع الحيوية من الفيضانات، وتحديد حركة العجلات (المركبات) المدنية والعسكرية في الوديان والمناطق التي تشهد سيولاً شديدة".
وتحرج مياه الأمطار الحكومات العراقية المتعاقبة التي فشلت في السيطرة عليها، لا سيّما أنّ خطوط تصريف المياه صارت بمعظمها بحكم المعطّلة، إذ لم تُطوَّر بما يتناسب مع الزيادات السكانية في العاصمة بغداد. وفي هذا الإطار، تواجه الحكومات العراقية المتعاقبة بعد عام 2003 اتهامات كبيرة بإهمال ملفّ الخدمات، وبعدم تطوير شبكات الصرف الصحي في بغداد والمحافظات، الأمر الذي يتسبّب في غرق الشوارع مع أصغر موجة أمطار.