الأثر…
عقب اغتيال العدو الاسرائيلي الأمين العام لحزب الله شهيد الأمة السيد حسن نصرالله في 27 أيلول/سبتمبر، طرح الكاتب الاسرائيلي في صحيفة “هآرتس” السؤال الصعب: “هل ستندم “اسرائيل” على اغتيالها نصرالله؟”، مستنداً إلى مضمون أعوام طويلة مضت لخصت مآلات اغتيال الأمين العام الأسبق لحزب الله السيد عباس الموسوي، بالقول “عندما استُبدل الموسوي بنصر الله، سرعان ما تبيّن أن التصفية الأولى كانت عملية خاطئة، وتبيّن أن نصر الله زعيم حوّل حزب الله من منظمة محلية إلى قوة اقليمية”.
وهنا وانطلاقاً من مقاربة احدى وسائل إعلام العدو، نطرح نحن أهل المقاومة الأسئلة التالية: كيف يستحيل غياب القائد قوة دافعة للمزيد من المقاومة؟ بمعنى آخر كيف تؤسس الشهادة لنهوض جديد، فتكون انتصاراً للدم على السيف (العبارة التي اختصرت احدى مآلات معركة كربلاء بين الإمام الحسين (ع) وجيش يزيد بن معاوية)؟ إذاً كيف تكون الشهادة الوجه الحقيقي للحياة، الحياة كما يدركها مريدو هذه الشهادة؟ يتكامل بذلهم نحو بنيان مرصوص لا يهزّه أحد مهما تفوق عليه قوة ومالاً.
إنها “المعجزة” التي تحدّث عنها من لا يدركون كنه الشهادة. إنها “المعجزة” التي ظللت الجنوب فلم يستطع العدو، باعترافه، السيطرة الكاملة ولو على قرية حدودية واحدة، بعد كل ما فعل من “عملية البيجير” التي خطط لها سنوات طويلة، مروراً باغتيالات عدد كبير من القيادات العسكرية، إلى الحدث العظيم شهادة السيد حسن نصرالله وبعدها شهادة رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين.
إنها معجزة الشهداء. إنها الحقيقة التي أدركها أصحاب الإمام الحسين (ع) صبيحة العاشر من المحرم، فوهبوا الإسلام أرواحهم. إنها كلمات الإمام علي بن الحسين (ع) الذي رأى شهادة والده وقائده، وسبي أخته السيدة زينب (ع)، فقال في محضر الظالم كاسراً جبروته “أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة”. متى تكون الشهادة كرامة؟ عندما تحوّل صاحبها إلى أثر لا يموت، الأثر الذي صنع المعجزة: معجزة السيد وكل من سبقه وأعقبه من الشهداء.
اليوم أعلن موقع “والاه” العبري، أنه “في تشرين الأول/أكتوبر 2024، شنّ حزب الله هجمات ضد “إسرائيل” أكثر بأربع مرات مما شنَّه في الأشهر السابقة لاندلاع الحرب”.
حدث ذلك بعد كل هذا السيل من الشهداء وفي مقدمتهم سيد شهداء الأمة ورفاقه الخلّص، وقد حدث الكثير ايضاً، حدث أن أعلن ويعلن أهل الشمال كل يوم أنهم فقدوا الأمل في “عودتهم إلى منازلهم آمنين”، وسيحدث الكثير…
ماذا سيحدث؟
لقد فتح الفتى أحمد قصير في 11/11/ 1982، أي منذ اثنين وأربعين عاماً الدرب الجميل، سار بنا بروحه بشهادته، فكان أن وقفنا في أيار 2000 وأعلنا ما ظنّه البعض حلماً، زغردنا للتحرير وللمقبل من الانتصارات. ألقى سيد المقاومة على قلوبنا يقينه بأن “”اسرائيل” أوهن من بيت العنكبوت”، ومضينا. وقفنا معه في تموز 2006، وأنشدنا نصراً إلاهياً، ثمرة تضحيات جسام، ثم تحريراً ثانياً في 2017 على الفتنة والارهاب، ثم طوفاناً قال لنا أبانا أنه فتح طريقاً إلى القدس، فمشينا معه، مؤمنين كما دومًا بصدق وعده. ليست شهادته، التي أدمت قلوبنا في 27 أيلول سوى المصداق الكبير على ذلك الوعد: “”اسرائيل” زائلة””، لأنه الأثر، أثرك، وهل هناك أعظم وأجمل منه؟