القوات التركية "تحيّد" أكثر من 40 عنصراً لـ"الكردستاني" شمالي العراق
نفذت القوات التركية، منذ مطلع الشهر الحالي، سلسلة من الغارات الجوية والعمليات البرية في مناطق بالعمق العراقي الشمالي، أدت وفقاً لمسؤولين في إقليم كردستان شماليّ العراق، إلى قتل أكثر من 40 مسلحاً من حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، الذي قررت بغداد في وقت سابق من هذا العام اعتباره منظمة محظورة، بينهم ثلاثة قياديين بارزين.
وتستهدف العمليات التركية المتواصلة منذ منتصف عام 2021 مقرات حزب العمال الكردستاني ومواقعه، المصنف على لائحة الإرهاب في تركيا، والموجود في مدن وبلدات عراقية شمالية مختلفة. وخلال السنوات الماضية، وسّعت أنقرة من عملياتها في عدة مناطق ضمن إقليم كردستان العراق، يقع أغلبها بمحاذاة الحدود مع تركيا، في محاولة منها لإنشاء شريط أمني عازل يمنع تسلل مسلحي الحزب إلى داخل الأراضي التركية وتنفيذ اعتداءات مسلحة إرهابية تستهدف منشآت أمنية وعسكرية واقتصادية تركية.
وأدت تلك العمليات، خلال الفترة الماضية، إلى قتل المئات من مسلحي "الكردستاني"، وتدمير بنى تحتية ومقدرات عسكرية ضخمة تابعة للحزب، وفقاً لبيانات وزارة الدفاع التركية. واليوم الثلاثاء، قال مسؤولون في إقليم كردستان العراق، إنّ القوات التركية نفذت، منذ الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، سلسلة عمليات عسكرية ضخمة شملت قصفاً جوياً وعمليات إنزال وتوغلاً برياً وقصفاً مدفعياً استهدف مواقع ومقرات لحزب العمال في مناطق سيدكان، وسوران، والزاب، والعمادية، وكاني ماسي، وزاخو، وأخيراً في سنجار التي تبعد عن الحدود الدولية مع تركيا أكثر من 120 كيلومتراً إلى الغرب من الموصل.
وقال مسؤول في اللواء 80 بقوات البشمركة التي تنتشر على خط تماس لوجود وأنشطة مسلحي حزب العمال الكردستاني شرق دهوك وشمالي أربيل، إنّ ما لا يقل عن 40 عنصراً من مسلحي الحزب قضوا خلال الأيام الماضية. ولا تخضع المناطق التي توجد فيها عناصر حزب العمال لأي سلطة من قبل أربيل أو حكومة بغداد، حيث تعتبر عملياً خارج سلطة العراق الرسمية، وهو ما يجعل معلومات المواجهات العسكرية وما يحدث في تلك المناطق شحيحة وتقتصر على مصادر استخبارية أو تقديرات بالعادة لا تكون دقيقة تماماً.
ووفقاً للمسؤول ذاته، فإن الجيش التركي نفذ سلسلة عمليات برية، خلال الأيام الماضية، في جبل متين، ومنطقة كارة، بالتزامن مع عمليات قصف جوي ومدفعي على قرى تابعة لمناطق سيدكان وسوران تخضع لسيطرة حزب العمال الكردستاني، فضلاً عن عمليات قصف بطائرات مسيّرة، طاولت مناطق الزاب وزاخو والعمادية وسنجار، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن القصف والعمليات التركية بالمجمل أديا إلى مقتل ما لا يقل عن 40 عنصراً من العماليين منذ مطلع الشهر الحالي، بينهم 3 قياديين بارزين.
وفيما أكد مسؤول كردي آخر بمحافظة دهوك ضمن قوات البشمركة، استهداف الطيران التركي مخزن أسلحة وذخيرة لـ"الكردستاني" في منطقة قرب زاخو، أدى إلى حرائق ضخمة نتيجة تطاير القذائف والمواد المتفجرة من المكان، وصف في حديث مع "العربي الجديد"، الوضع في مناطق سيطرة حزب العمال داخل العراق بأنه "في حالة انكشاف استخباري وعسكري للقوات التركية التي اخترقت صفوف الحزب، وليس كما يتهم حزب العمال الأهالي البسطاء بأنهم يزودون القوات التركية بالمعلومات".
الخبير بالشأن الكردي العراقي سلام الجاف، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ القوات التركية تستعجل عملياتها النوعية ضد مسلحي حزب العمال، قبل حلول فترة تساقط الثلوج والطقس الصعب المعروف في مناطق حدود العراق مع تركيا. وأضاف الجاف أن "حالة الاستنزاف متواصلة في صفوف مسلحي الحزب، الذي خسر أكثر من 40% من مناطق وجوده السابقة لصالح الجيش التركي مقارنة بعام 2021".
واعتبر أن "منع مسلحي الحزب سكان بعض القرى وأصحاب المزارع من دخول مناطق سيطرته، بسبب اتهامه الأهالي بوجود جواسيس بينهم يعملون للقوات التركية، لكن الواقع أن مسلحي الحزب ذاته مخترقون استخبارياً، غير مسألة الطيران التركي للمراقبة الذي بات يرصد تحركاتهم في مناطق وجودهم بإقليم كردستان، بما فيها السليمانية".
والأحد الماضي، أعلن جهاز مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان، مقتل مسؤولٍ في حزب العمال الكردستاني، وعنصرين اثنين من مرافقيه بقصفٍ تركي في محافظة دهوك بإقليم كوردستان. وقال بيان لجهاز مكافحة الإرهاب التابع لحكومة الإقليم، إن مسيّرة تركية استهدفت السبت سيارةً كانت تقلّ مسؤولاً في حزب العمال الكردستاني واثنين من مقاتلي الحزب، ما أدى إلى مقتلهم جميعاً.
وأشار البيان إلى أن المسيّرة التركية قصفت السيارة في قرية (كليل) التابعة لمدينة العمادية في محافظة دهوك. وفي يوليو/ تموز الماضي، قررت الحكومة العراقية تصنيف حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة "منظمة محظورة"، بعد مخاطبة مؤسسات الدولة والوزارات بالتعامل مع الحزب باعتباره منظمة محظورة ضمن القوانين العراقية النافذة.
ويُمثّل ملف مسلحي حزب العمال الكردستاني الذي ينشط داخل العراق ويتخذه منطلقاً لشن اعتداءات متكررة داخل تركيا، الملف الأبرز بين بغداد وأنقرة، وحقق خلال الأشهر الماضية تقدماً واضحاً بعد اعتبار العراق حزب "العمال" منظمة محظورة، وتعهد بالعمل مع تركيا في هذا الإطار، وسط تحديات غير خافية، أبرزها العلاقة الجيدة بين الحزب وفصائل عراقية مسلحة توصف عادة بأنها حليفة لإيران، خصوصاً في مناطق سنجار، غربي نينوى.