مبادرة عراقية لدعم سورية.. والبارزاني يرحب بتصريحات الشرع
اقترح تحالف سياسي عراقي على حكومة بغداد، مبادرة لدعم سورية "سياسيا وإنسانيا"، مطالبا الحكومة بتبنيها بوصفها جزءا من "متطلبات تبني السلام في المنطقة والتقريب بين الشعوب"، فيما لم تعلق الحكومة بعد على المبادرة رفضا أو قبولا. ووفقا لبيان لـ"الائتلاف النصر" الذي يتزعمه حيدر العبادي، وهو جزء من تحالف "الإطار التنسيقي"، صدر صباح اليوم الاثنين، فإن المبادرة التي أطلق عليها اسم "مبادرة الرافدين"، تهدف إلى مساندة سورية، والوقوف معها لبناء تحوّل سياسي ديمقراطي.
ونص البيان على أن يبادر العراق لإطلاق المبادرة، وهي بشقّين، "إنساني وسياسي" لدعم دمشق في أوضاعها الراهنة، وتضمنت في جانبها الإنساني "إرسال شحنات من وقود التدفئة، وشحنات من الأدوية الأساسية، وشحنات من المواد الغذائية الأساسية". وفي الجانب السياسي نصت المبادرة على دعم التحوّل السياسي الديمقراطي، وجاء في نصها أن "المبادرة تهدف الى وضع إطار سياسي اقتصادي يضمن المساعدة في التحوّل الديمقراطي السلمي الشامل، بما يعزز من وحدة واستقرار وسيادة الدولة السورية لما فيه مصلحة شعبها، ويرسخ الأمن والاستقرار والتكامل في المنطقة".
وأشار إلى أن "موقع وأهمية العراق يوجبان عليه المبادرة الإيجابية للتعاطي مع الأحداث، وأن عدم المبادرة هي موقف سلبي، وفراغ يملؤه الآخرون"، مؤكدًا أن "المبادرة جزء من التزامات العراق تجاه أشقائه، وانسجاماً مع قيمه ومثله".
وتابع أن "المبادرات الإيجابية تقرب بين الشعوب، وتبني السلام، وترسخ التفهم والتفاهم المتبادل، وتقطع الطريق أمام الأجندات المغرضة والمشوهِة والمشبوهة، كما أنها تعزز من مكانة ودور العراق إقليمياً ودولياً، كمركز إيجابي وفاعل للاستقرار والسلام الإقليمي والدولي".
وتأتي المبادرة بالتوازي مع اعتماد الحكومة العراقية ممثلة برئيسها محمد شياع السوداني، أخيرا لهجة متوازنة بعد إسقاط الأسد وإبداء الرغبة بعلاقات مستقبلية مشتركة بين البلدين مع احترام متبادل. وكانت بغداد قد أدانت مساء أمس الأحد، التوسع الإسرائيلي في سياسته الاستيطانية في الجولان السوري المحتل، داعية المجتمع الدولي لحماية سورية من الانتهاكات الإسرائيلية.
ووفقا لبيان لوزارة الخارجية العراقية فإنها "تعرب عن إدانتها واستنكارها الشديدين لقرار حكومة الكيان الصهيوني بالتوسع في سياسته الاستيطانية في الجولان السوري المحتل"، معتبرة القرار "يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية". وأضافت أنها "تؤكد موقف العراق الثابت والداعم لحقوق الجمهورية العربية السورية في استعادة سيادتها الكاملة على أراضيها"، مبينة أن "الجولان أرض سورية محتلة وأن أي إجراءات تهدف إلى تغيير وضعها القانوني والديموغرافي تُعدّ باطلة وغير مشروعة".
وقررت بغداد استئناف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق، في خطوة تمثل أبداء حسن النية، وقد أكد السوداني مرات عدة تطلعه للاستقرار في المنطقة وفي سورية تحديدا، فيما أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي أن بلاده ستواجه أي خطوة إيجابية من سورية بخطوتين إيجابيتين، مجدداً تأكيده عدم التدخل في الشأن السوري الحالي.
في غضون ذلك، رحّب زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان العراق، مسعود البارزاني، بتصريحات قائد إدارة العمليات العسكرية في سورية أحمد الشرع، المتعلقة بأكراد سورية وأهمية الشراكة في مستقبل بلادهم، فيما أكد مراقبون بأن هذا الترحيب بداية لتواصل وتعاون عراقي مع الوضع الجديد في سورية. وجاء في بيان صادر عن مكتب البارزاني، الأحد: "لقد رأينا تصريحاً للسيد (أحمد الشرع) حول الشعب الكردي في سورية، وصف فيه الشعب الكردي بأنه جزءٌ من الوطن وشريكٌ في سورية المستقبل، وإن هذه الرؤية تجاه الكرد ومستقبل سورية موضعُ سرور وترحيب من قبلنا، ونأمل بأن تكون بداية لتصحيح مسار التاريخ وإنهاء الممارسات الخاطئة والمجحفة التي كانت تُرتَكَب بحق الشعب الكردي في سورية". وأضاف أن "مثل هذا المنظور يمثل منطلقاً يمهّد لبناء سورية قوية، ويجب على الكرد والعرب وجميع مكونات سورية الأخرى اغتنام هذه الفرصة للمشاركة معاً في بناء سورية مستقرة وحرّة وديمقراطية".
من جهته، اعتبر الباحث في الشأن السياسي العراقي، محمد علي الحكيم، في حديث لـ"العربي الجديد"، تصريحات البارزاني بأنه "أول رد عراقي إيجابي بخصوص الشرع"، مضيفا أن "هذا يؤكد وجود توجهات عراقية للتواصل مع الحكومة السورية الجديدة، وهذا الترحيب سيكون بابا لمواقف عراقية أخرى مشابهة".
كما اعتبر أن "زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأخيرة إلى بغداد كانت ضمن أجندتها أن يكون العراق داعما لسورية خلال المرحلة المقبلة ويكون على تواصل مع إدارتها الجديدة، وعدم التصعيد ضدها، وقد يدفع ترحيب البارزاني أطرافا عراقية أخرى للترحيب ببعض مواقف الشرع تجاه الأقليات او حتى المذاهب والقوميات، فالعراق لا يمكن له أن يكون خارج الإطار الدولي والأممي الداعم للتغير في سورية".
وكان قائد إدارة العمليات العسكرية في سورية أحمد الشرع، قد قال في وقت سابق، خلال لقاء عدد من الإعلاميين إن "الأكراد جزء من الوطن، وتعرضوا لظلم كبير، مشدداً على أنهم "جزء أساسي من سورية القادمة".