الأحرار یودّعون القائد الجلیل... إنه یوم "نصر الله"

تسنيم

الأحرار یودّعون القائد الجلیل... إنه یوم "نصر الله"

  • منذ 8 ساعة
  • العراق في العالم
حجم الخط:

الأحرار يودّعون القائد الجليل... إنه يوم "نصر الله"

الأحرار یودّعون القائد الجلیل... إنه یوم "نصر الله"

الـ 23 من شهر شباط /فبراير 2025، يوم سيشهد له التاريخ عندما يخطّ في سجل الإنتصارات أنه إجتمع لتوديع القائد الأممي سماحة الشهيد الأقدس السيد حسن نصرالله الأحرار من جميع اقطار وبقاع الأرض، تخطت معه حدود الجغرافيا وإمتزجت واختلطت الثقافات وعبرت القارات وحطّت في أرض لبنان حاملين الراية والصورة للوجه الأجمل والأسمى للسيد الشهيد، رافعين القبضات ملبّين النداء: "إنا على العهد"... يا شهيد الأمة يا نصرالله.

أمل محمد شبيب
"وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق"...حجّ الناس في يوم التشييع الأكبر، لتوديع المقاوم الصادق، المخطط الإستراتيجي الفذّ، المحاور المقنع، المثقف للجمهور، ساكن قلوب الناس، محدّثاً عقول الكبار والقوة الإقليمية السيد حسن نصر الله.
منذ الساعة الخامسة صباحاً إمتلأت جميع الطرقات المؤدية الى "مدينة كميل شمعون" بالمشيّعين، عائلات بأكملها خرجت ومئات الآلاف حضروا من مختلف دول العالم للمشاركة بالحدث التاريخي في يوم تاريخي 23 شباط/فبراير 2025 ولتوديع من أرعب كيان لاحقه وإعتبره أخطر رجل في العالم، وتطلّب اغتياله 85 طناً من المتفجرات ورعاية رسمية من قبل أميركا والأمم المتحدة وتنفيذ اسرائيلي صهيوني.
 
حضر الجميع سيراً على الأقدام الى جنازة السيّد، أطفالاً ونساء ورجالاً وشباباً وشيوخاً وعسكر ووفود رسمية ودبلوماسية وناشطون جاؤوا من حول العالم ليكونوا الى جانب حبيب القلوب قبل أن يوارى إلى مثواه الأخير، يحملون صوره كما لو أنهم حضروا ليتشاركوا معه فرحة الإنتصار التاريخي بعد حرب بأساء همجية.
حضرت القلوب قبل الأجساد لتوديع الشهيد الأقدس، لم يأبهوا لبرد ولا لمطر ولا لمرض، وصل الجميع الى الساحات واجتلسوا الأمكنة ومشاعر الفقد والضياع تلفّ الوجوه، والدموع تخنق العبر، وتختلج الأرواح، لا يمكن لأحد أن يدرك مشاعر الفقد إلاّ من عايش الأمين، سواء عن قرب أو عن بعد، ومن آمن به وبقضيته...إنه من الفتية الذين آمنوا بربهم فزاده هدى، وكان حقاً من المؤمنين، رجل صدق ما عاهد الله عليه حتى قضى نحبه وما بدّل تبديلاً...
 
كعادتهم في كل مناسبة كبيرة، يهتم القيمون على المناسبة بالتفاصيل الدقيقة،  كوادر مختلفة من الهيئة الصحية الإسلامية، معنيين بالأمن والسير وكل ما يليق بالمناسبات،  إلاّ أن مناسبة خاصة وعظيمة كهذه عكست أجمل صور التنظيم والترتيب والتوزيع لمسعفي الهيئة الصحية الإسلامية وبيوت الضيافة والمضائف على حب "روح الأمين" و"عزيز الأمة" و"عزيز الروح" و"سيد شهداء الأمة" وعناوين وأسماء كثيرة اشترك بها الشعب اللبناني والشعب الفلسطيني، تشدّك إليها لتتفضل على حب شهيدنا الأقدس سماحة السيد حسن نصرالله.
كان يوماً استثنائياً بالفعل على جميع الأصعدة، يوم محزن، مليء بالفقد، بالشوق لإطلالة قائد عبر الشاشة أو بينهم، وإن قلّت في سنواتها الاخيرة، يرفع يده ملقياً التحية والسلام، يخاطبهم "بأشرف الناس وأطهر الناس"، لكن هذه المرة جاء أشرف الناس من كل بقاع الأرض ليلقوا عليه التحية والنظرة الأخيرة بخفقان القلب قبل دمعة العين.
 
المكان كبير جداً، جميع الأعلام رفرفت في التشييع المهيب لسماحة الأمين، حاملو الأعلام جاؤوا من كل أصقاع الأرض، من إيرلندا وتونس والبرازيل وأميركا وإفريقيا وتركيا واليمن والجزائر والعراق وإيران ودول كثيرة لحضور التوديع المهيب لقائد أممي قلّ نظيره، فهذا السيد الشهيد دخل التاريخ دفاعاً عن الثورات والنضال وأصبح رمزاً لامعاً عن حركات التحرّر والدفاع عن الحق والمظلومين والمستضعفين، فـ"أينما وجد الظلم فذاك هو وطني"، وهنا ندرك كيف تحوّل الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله الى موطن ووطن لجميع الثائرين، عابراً للمحيطات والقارات والحدود دون استنثناء، فهو الرجل النبيل بحق، هكذا يكون أحرار العالم، فالحاضرون في التشييع كانوا هم الحاضرين في خطابات الشهيد الأقدس وفي وجدانه وأدبياته، وهم أحباءه الذين توّجه إليهم مباشرة يوم دعاهم للتظاهر ضد الإبادة وإدانة الكيان الصهيوني، الى لبنان حضروا ليؤكدوا كلام الشهيد الأقدس بأن   المقاومة وقضية التحرير ورفض الإبادة والإحتلال وجرائمه خرجت من إطارها المحلي من لبنان وفلسطين وأخذت بعداً كونياً عالمياً تاكّد مع حضور كل مشارك في يوم الوداع للقائد الأسمى.
 
في بيروت ذرف هؤلاء الأحرار، المناهضون للإستعمار والإحتلال، محتقرو "إسرائيل" ذرفوا الدموع وتبنّوا شعار حزب الله "إنا على العهد"،  على العهد في المقاومة، في الدفاع عن الأرض، في رفض الظلم والإحتلال والإستغلال والإستعمار، والعهد بحفظ القضية، قضية فلسطين وتحريرها والعهد بالبقاء على نهج الأمين الذي رسمه منذ 32 عاماً وبقي واستمر وسيستمر نهجاً للأجيال القادمة، وسيخبر الحاضرون والمشاركون في التشييع العظيم يوماً ما الأجيال القادمة عن سيرة رجل قادّ أمّة ثم إجتمعت هذه الأمة لأجله بتاريخ الثالث والعشرين من شباط 2025 في أصعب لحظات الوداع.
في مكان التشييع، إنتشرت الكاميرات وتوزعت العدسات لترصد السيل البشري الجارف المنتشر في الشوارع والأرصفة، كخريطة لفّها السوّاد وألوان الأعلام وتنوّع الصور، لبنانيون من كل لبنان، وفلسطينيون يشاهدون أعظم أعمدة الإسناد اللانهائي، وعرب يطمحون لإستنساخ التجربة وفي قلبوهم عشق مقدّس لرجل عربي من صلبهم، وصحافيون من الغرب أدركوا وإكتشفوا خبايا خبث بلادهم فجاؤوا يشاهدون الحقائق عن قرب ومن قلب الحدث.
 
كان الحشد عظيماً، كبيراً، فوق الطوائف والمذاهب، مختزلاً للحدود الجغرافية، جامعاً للثقافات وموحداً للواء "نحن محبو السيد وحاملو إرثه في كل مكان"، هذا كلّه رسالة للعدو: "استيقظ إيها الصهيوني الحقير، هؤلاء جميعهم  في حضرة القائد، وإغتياله لم يهزم المقاومة".
المشاهد والشواهد والمشاهدات يوم الحج الأكبر كانت تليق بالشهيد، كهلة يمشون على العكازات، وعجائر بالكاد يلتقطون أنفاسهم، وحانيات الظهر ينتظرن وصول النعش وأطفال ونساء ورجال وشباب حضروا لتشييع الأب بعدما سفك العدو الإسرائيلي دمه، وهي هذه الدماء التي ستخّرج آلاف المجاهدين وسيثأرون لشهيد الأمة السيد نصرالله.
الهتافات ملأت المكان، وانطلقت صادحة من الحناجر، واستعاد الحاضرون شعارات عاشوراء "هيهات منّ الذلة" وهو شعار إن رفعه الحاضرون سينفذونه امام عين الأعداء، و"الموت لإسرائيل واميركا" رغم اختراق واستعراض الطائرات الإسرائيلية ومرورها فوق رؤوسهم.
 
كان يوماً لإطلاق الحزّن المؤجل ودموع عمرها خمسة أشهر، رافضة تصديق النبأ العظيم، نبأ الإستشهاد، بالأمس إنفلت هذا الحزن، وفاض الدمع وبكى محبو السيد في وداعه على وقع صوته الذي لفّ المكان، إنتشر الحزن والعزاء في كل مكان، في الطرقات والأرصفة، عند المتربصين أمام شاشات التلفزة من لم يستطع الحضور والمشاركة، هذا يوم من أيام الله، كانت هذه لحظات الفصل أمام الواقع والحقيقة "السيد استشهد، كيف سنعيش من بعده؟"، عزاؤنا أنه "في مقعد صدق عند مليك مقتدر" وواجبنا هو تجديد العهد والمضيّ على النهج ...
هو بحق شهيد الأمة، وشهيد الإنسانية، وشهيد القدس وفلسطين، وشهيد لبنان، وشهيد اليمن، وشهيد البحرين وإيران والعراق وسوريا والبوسنة وأفغانستان وشهيد الحق والعدالة والقيم 
 
 
جسّد سماحة الأمين العام الشهيد السيد حسن نصرالله في حياته سبل الاستقامة والجهاد وإغاظة الكفار والانتصار والفخر وخدمة الإسلام وقيم العزة والكرامة والفداء، وحقّق في حياته الحافلة إنجازات لم يحققها أحد غيره في هذه الحقبة التي استحكم فيها الباطل وتنكّر فيها للحق واشتدّ البلاء وعظم الاستهداف، وشاهد العالم أغرب وأفظع الجرائم والإبادات والتطهير العرقي، فكان السيد أمامها كالسيل العارم، دفع حياته ثمناً لقضية آمن بها ودافع دفاعاً شرساً عنها، ووقفت أمامه دولاً وجيوشاً واستطاع هزيمتها، وحرّر بلاده وهزم الجيش الذي لا يقهر، ودمّر اسطورته، ونصر المستضعفين وأقام العدل وبعث الأمل، وختم حياته بشهادة في مواجهة عدو الأمة، ونصرة لأشرف قضية.
 
 
نعم، قالها الحاضرون، المودّعون، المشيّعون، احرار العالم وقبضاتهم واعلامهم المرفرفة في حضرة نعشه وأمام نعشه، إنك يا سيد الأمة لم تكن رجلاً مدهشاً فحسب، بل كنت رجل الدهشة.
هكذا هو، يشبه السيد حسن،كما يناديه الجميع، الثورة الفلسطينية التي أحبّها واستشهد لأجلها، شهيد على طريق القدس، ووحدها معه كانت قادرة على عقد هذا الإجتماع الضخم لكل ثوّار العالم، لقد استشهد هذا العظيم وهو يزاول مهنته الوحيدة منذ 32 عاماً أمام كل العالم، مهنة الثورة الشاملة العالمية ضد الظلم والإستبداد ودحر الإحتلال.
إنتهى/


عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>