الفصائل تستعد لدخول الانتخابات العراقية في تحالف واحد
ترفع مؤشرات عودة التيار الصدري (التيار الوطني الشيعي) بزعامة مقتدى الصدر، إلى المشهد السياسي العراقي عبر بوابة الانتخابات التشريعية المرتقبة في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، حالة التموضع لدى القوى والأحزاب العربية الشيعية في البلاد، بما فيها الفصائل المسلحة، التي تتنافس جميعها ضمن مناطق بغداد وجنوبي العراق خصوصاً، ضمن 12 حزباً وكتلة وحركة سياسية رئيسية. ووفق معلومات "العربي الجديد"، فقد بحثت فصائل مسلحة تمتلك أجنحة سياسية، المشاركة في الانتخابات العراقية عبر الدخول في تحالف تحت عنوان واحد، من دون أن يتضح اسمه أو شعاره وبرنامجه الانتخابي حتى الآن، بينما فضلت أحزاب أخرى الاستمرار بتحالفاتها القديمة، وسط مصير غير واضح لمستقبل تحالف الإطار التنسيقي، والذي يجمع القوى العربية الشيعية الحاكمة في العراق.
ودعا الصدر، الأسبوع الماضي، جمهوره إلى تحديث بياناتهم الانتخابية، من دون أن يجزم بمسألة عودته عبر بوابة الانتخابات العراقية من عدمها، إلا أنها وفق مصادر سياسية مقربة من التيار الصدري، بمثابة تهيئة قواعد التيار الشعبية للخطوة المرتقبة. لكن الصدر الذي يبدو أنه تخلى عن مشروع "الأغلبية السياسية" المؤدي بالنهاية لمشروع "الحكومة الصدرية"، قد يدفع لإعادة تكرار تجربة "الإطار التنسيقي" مرة أخرى، لمواجهته بعد الانتخابات العراقية وليس قبلها. قد تكون قوى وأحزاب "ائتلاف دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي، و"تيار الحكمة"، بزعامة عمار الحكيم، و"عصائب أهل الحق"، بزعامة قيس الخزعلي، أبرز المتضررين من عودة الصدريين إلى المشهد في الانتخابات العراقية المقبلة، لا سيما إذا ما نتج من الحراك المدني جنوبي العراق، تكتل سياسي معتبر يُنافس الدوائر الانتخابية نفسها لتلك القوى والأحزاب. فجمهور الصدر كتلة ثابتة، بينما تُقرض القوى المدنية والمستقلون أصواتها من جمهور تلك الأحزاب.
ويؤكد نائب في البرلمان العراقي، وسياسي بارز في "الإطار التنسيقي"، طالباً عدم الكشف عن هويته لـ"العربي الجديد"، قُرب ولادة أجنحة سياسية لفصائل مسلحة نافذة في البلاد، ستشارك بالانتخابات. وتشارك حالياً أجنحة لفصائل مسلحة تشارك في العملية السياسية عبر البرلمان، أبرزها "عصائب أهل الحق"، و"بدر"، و"جند الإمام"، و"كتائب حزب الله"، و"سيد الشهداء"، و"كتائب الإمام علي"، و"حشد الشبك"، ضمن عناوين مختلفة، يضاف لها "بابليون"، المتحالفة مع "الإطار التنسيقي"، والتي توصف أنها الجماعة المسيحية الوحيدة المتنفذة في نينوى، بزعامة ريان الكلداني.
ووفقاً للنائب العراقي، فإن فصائل أخرى غير الموجودة حالياً في البرلمان، قررت المشاركة في الانتخابات العراقية المقبلة، ضمن عنوان "قوى المقاومة"، علماً أنها كانت إلى وقت قريب تتحفظ وترغب الاحتفاظ بصفتها المسلحة فقط. ويرى النائب نفسه أن "تطورات المنطقة، والضغوط الخارجية على الحكومة والنظام السياسي العراقي ككل، بشأن تفكيك الفصائل والحد من نفوذها، هو التفسير المنطقي الوحيد، لتغيير قناعة هذه الفصائل بدخول الانتخابات عبر أجنحة سياسية، لأنها تريد أن تبقى ضمن دوائر التأثير وصناعة القرار". كذلك يشير مصدر آخر في حديث لـ"العربي الجديد"، كان قد حضر اجتماعات جانبية لشخصيات نافذة ضمن تحالف الإطار التنسيقي، إلى أن "بعض الفصائل المسلحة قررت دخول الانتخابات المقررة نهاية العام الحالي، بعناوين سياسية، من خلال كتل ستشكلها وتأمل أن تمنحها تأثيراً أكبر".
ستلتقي القوى العربية الشيعية المتنافسة بعد انتهاء الانتخابات ضد مشروع الصدريين حول الأغلبية الانتخابية
سيزيد ارتفاع عدد القوى المتنافسة، من حدة وسخونة الانتخابات، فضلاً عن صعوبة تحقيق أي تكتل سياسي الأغلبية، إذ إن التقارب سيكون كبيراً بين الجميع. غير أن الصدريين لا يزالون الأبعد عن جميع القوى والتحالفات والقوائم، بسبب اختلاف مشروعهم، ووضع الصدر "فيتو" على تحالف تياره مع شخصيات معينة، أبرزها المالكي والخزعلي. ووفقاً للمصدر ذاته، فإن "جميع القوى (من هذا المعسكر)، ستلجأ إلى دخول الاستحقاق في قوائم مختلفة، لكنها ستلتقي بعد انتهاء الانتخابات، بالضد من أي مشروع للصدريين، متعلق بحكومة الأغلبية الانتخابية، والذي يُمثل خرقاً للتفاهمات بين المكونات السياسية (المحاصصة الطائفية)". وأدى إصرار الصدر على مشروع "حكومة الأغلبية" بعد فوزه بالمرتبة الأولى في الانتخابات الأخيرة، في 2021، إلى أزمة كبيرة انتهت بمواجهات مسلحة في بغداد، تموز/ يوليو 2022، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الصدريين وكذلك الفصائل المسلحة، داخل المنطقة الخضراء، ليعلن بعدها انسحابه من العملية السياسية بالكامل.
مختار الموسوي: الأحزاب التي تتفق في الرؤى قريبة جداً من إعلان قوائم انتخابية موحدة
من جهته يقول عضو البرلمان العراقي، مختار الموسوي، إن الفصائل التي ستشارك في الانتخابات العراقية المقبلة "لن تدخل بعنوانها الحالي، لأن القانون يمنع ذلك، لكن ستكون هناك قوائم سياسية بكل تأكيد"، مبيناً أن "الأحزاب التي تتفق في الرؤى قريبة جداً من إعلان قوائم انتخابية موحدة". ويوضح في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الاستعدادات الانتخابية للأحزاب تبقى مرهونة بتطورات المنطقة"، مضيفاً أن "بعض الأحزاب اختارت التريث إلى حين معرفة ما ستؤول إليه الأمور، وتحديداً في ما يتعلق بالإجراءات الأميركية تجاه العراق". أما الخبير بالشأن السياسي والباحث في مركز بغداد للدراسات السياسية، علي الجبوري، فيلفت في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "تدشين منصات إعلامية مرتبطة ببعض الفصائل، والنشاط الإغاثي والإنساني والرقابي من خلال كوادر وأعضاء الفصائل، قد يكون ممهداً للمشهد القادم سياسياً". ويضيف أن "المشهد في مناطق شمالي وغربي العراق، لا يقل أهمية من ناحية التحركات الانتخابية والتنافس، لكن كون الحكومة وضمن المفهوم السائد بالعراق، من حصة القوى العربية الشيعية، فإن التركيز هناك (بغداد والجنوب) أكبر". يضاف إلى ذلك وفق الجبوري، أبعاد أخرى "مثل الحالة الفصائلية التي تنغمس تدريجياً بالعملية السياسية عبر البرلمان منذ سنوات".