الاعتداء على العاملين الصحيين يتفاقم بالعراق

العربي الجديد

الاعتداء على العاملين الصحيين يتفاقم بالعراق

  • منذ 1 أسبوع
  • العراق في العالم
حجم الخط:

لم يستمر تراجع الاعتداءات على الأطباء والعاملين في القطاع الصحي في العراق إذ تصاعدت مؤخراً وتيرة الاعتداءات، وسط تشديد الإجراءات العقابية والاستعانة بالعشائر لحمايتهم

تصاعدت الاعتداءات بحق العاملين في القطاع الصحي من أطباء وممرضين في مختلف المحافظات العراقية مؤخراً، في وقت تبحث السلطات والجهات المسؤولة عن حلول لوضع حد لها لتلافي انعكاساتها وتأثيرها على القطاع الصحي، الذي بالكاد يستعيد عافيته بعد موجات هجرة الأطباء بعد عام 2003. وتؤكد السلطات اتخاذ إجراءات قانونية وعقابية حازمة بحق كل من يعتدي على الكوادر الطبية، في وقت تبدي العشائر استعدادها لأخذ دورها في حماية الأطباء.
وخلال الأشهر الأخيرة، سجلت مستشفيات العراق الحكومية والخاصة اعتداءات متكررة بحق الكوادر الطبية، وتعرض بعض الأطباء والموظفين إلى ضرب مبرح أصيبوا على إثره بجروح، ما دفع السلطة القضائية إلى اتخاذ قرار بتشديد العقوبات القانونية بحق مرتكبي الاعتداءات على الأطباء.
ويؤكد مسؤول في وزارة الصحة، رفض الكشف عن اسمه، تنامي ظاهرة الاعتداءات في عموم المحافظات، قائلاً لـ"العربي الجديد" إن "السنوات الأخيرة سجلت تراجعاً في نسبة الاعتداءات، إلا أنها تصاعدت مجدداً منتصف العام الماضي وخلال العام الجاري، رغم حرص الوزارة على منعها واتخاذها إجراءات مشددة داخل المستشفيات".
ويوضح أن "الوزارة بحثت مرات عدة الملف مع الجهات المسؤولة الأخرى للتوصل إلى حلول، وتعمل حالياً مع أكثر من جهة لاحتوائها وتوفير الحماية اللازمة للأطباء"، مشيراً إلى أن "الوزارة تتعاون مع الجهات القضائية والأمنية والفعاليات المجتمعية والعشائرية وآخرين". ويؤكد "حرص الوزارة على حماية الأطباء"، لافتاً إلى "أنها تبذل جهوداً كبيرة في هذا الإطار". ويستبعد إقدام مزيد من الأطباء على الهجرة.  
من جهتها، تحرص المؤسسات الصحية ونقابات الأطباء في مختلف المحافظات على اتخاذ خطوات وإجراءات لمنع تلك الاعتداءات. ووقّعت نقابة الأطباء في محافظة البصرة مع عشائر المحافظة على "اتفاقية شرف" لتوفير الحماية القانونية للأطباء، ودعم العشائر للنقابة بمتابعة الملف.

وعقد الجانبان مؤتمراً موسعاً جمع نقابة الأطباء مع زعماء عشائر المحافظة، سعياً إلى ترسيخ سلطة القانون وضمان بيئة آمنة للممارسة الطبية ورعاية المرضى. ويقول الشيخ يعرب المحمداوي إن "الجلسة التشاورية تناولت مواضيع عدة، منها حماية حقوق كل من المريض والطبيب في مختلف التعاملات الطبية والصحية"، موضحاً أن "الجانبين وقّعا اتفاقية مبادئ تحرص على تطبيق القانون ودعم الأطباء واحترام دورهم وحصر أي خلاف طبي في إطار القانون، ورفض أي اعتداء لفظي أو جسدي عليهم".
ويوضح أن "من بين المبادئ المتفق عليها، رفض التجاوز بحق الأطباء مع إحالة جميع الإشكالات إلى الجهات القضائية المختصة للبت فيها، ودعم العشائر لدور النقابة في متابعة العيادات والمستشفيات الأهلية لضمان تقديم الرعاية الصحية الآمنة وفق أعلى المعايير المهنية، ومحاسبة من يسيء إلى هذه المهنة من قبل الأطباء وفق القانون".
ويؤكد نقيب الأطباء في البصرة، وسام الرديني، "الأهمية المرجعية للعشائر الحاكمة بمتابعة الملف"، معتبراً أن العشائر هي غطاء لجميع المواطنين لدعم السلم المجتمعي". يضيف: "سيكون هناك تواصل مع شيوخ العشائر للحرص على تنفيذ وثيقة الشرف التي وقعت بين النقابة والعشائر".

ويشير إلى أن "الحوار كان صريحاً مع الشيوخ عن وجوب أن تكون هناك متابعة حثيثة من النقابة ووزارة الصحة ودوائرها للقطاع الصحي مع دعم العشائر لهذا التوجه". وكان المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية، سيف البدر، قد حذر في تصريحات سابقة من خطورة الاعتداء على المؤسسات الصحية ومنتسبيها، مؤكداً أن بعض هذه الاعتداءات تؤدي إلى الوفاة أو وقوع إصابات بليغة للكوادر الطبية، كما أنها تعد حافزاً لهجرة الكفاءات.

ضعف دور الحكومة

من جهته، يؤكد عبد الله الطائي، أحد أطباء دائرة صحة محافظة ديالى، أن مجرد اللجوء إلى العشائر لبحث ملف حماية الأطباء يعكس مدى ضعف دور سلطة الدولة في توفير الحماية لهم من الاعتداءات المتكررة. ويوضح في حديثه لـ"العربي الجديد": "يبدو أن ملف الاعتداءات اليومية على الأطباء يفتقد إلى الحلول والمعالجات الحكومية. اليوم، يعيش الأطباء في كل المحافظات وضعاً صعباً، ويتحملون مسؤولية حماية أنفسهم، ويتعرضون في كل لحظة لاعتداءات وضرب من قبل ذوي المرضى ممن يريدون من الطبيب أن يقدم ما لا يستطيع تقديمه للمريض".
ويشدد على أن "استمرار الاعتداءات على الأطباء يضعنا أمام إمكانية هجرتهم مجدداً وهذا ما لا نريده"، داعياً الحكومة إلى "الاهتمام بالملف وتحمل مسؤوليتها. البيئة اليوم أصبحت غير آمنة، بل طاردة للأطباء في عموم المحافظات".
وعلى مدى السنوات التي أعقبت عام 2003 وحتى اليوم، تسجل المستشفيات العراقية اعتداءات متكررة بحق الكوادر الطبية العاملة فيها من قبل ذوي المرضى، احتجاجاً على وفاتهم (المرضى) أحياناً، أو لعدم استجابة المريض للعلاج، وهو ما يفسره ذووه بعجز الطبيب أو إهماله". 

وطوال السنوات الماضية، لم تنجح الجهات المسؤولة في وضع حد لتلك الاعتداءات التي ما زالت تتكرر. وكانت الاعتداءات على الأطباء قد تراجعت خلال عام 2023 قياساً بالأعوام التي سبقته. وسجلت مستشفيات العراق خلال عام 2022 اعتداءات طاولت عشرات الأطباء داخل المستشفيات لأسباب عدة، منها عدم نجاح عملية، أو اتهامهم بالتقصير في أداء واجباتهم. وتعرّض كثيرون لضرب مبرح من قبل ذوي المرضى أو العشيرة، الأمر الذي أدى أحياناً إلى إصابتهم بجروح. وخلال الأشهر الأخيرة، تصاعدت الاعتداءات مجدداً. 
وبحسب إحصائيات رسمية، فإن 72 ألف طبيب عراقي ما زالوا خارج البلاد، ودفعتهم الظروف الأمنية والتهديدات التي تعرضوا لها إلى الهجرة. ويقيم في العاصمة البريطانية لندن وحدها حوالي 4000 طبيب استشاري. أما في عموم بريطانيا، فيبلغ عددهم 60 ألف طبيب. وفي دول أوروبية أخرى والولايات المتحدة وأستراليا ودول الخليج، فهناك ما لا يقل عن 12 ألف طبيب.



عرض مصدر الخبر



تطبيق موسوعة الرافدين




>