اجتماع "استثنائي" للفصائل المسلحة بشأن الوجود الأميركي في العراق
أعلنت "تنسيقية المقاومة العراقية"، التي تضم عددا من الفصائل المسلحة الحليفة لإيران، عقد اجتماع وصفته بأنه "استثنائي"، لبحث ملف الوجود الأميركي في العراق حيث أكدت قدرتها على إنهائه "بكل السبل" خلال الاجتماع الأول من نوعه منذ توقف عمليات القصف واستهداف المصالح الأميركية في العراق لما يزيد عن خمسة أشهر، إذ تشهد الساحة العراقية حالة من الهدوء الأمني.
ومنذ مطلع فبراير/ شباط الماضي، دخلت فصائل "المقاومة العراقية" هدنة مع الجانب الأميركي على إثر اغتيالها القيادي في كتائب "حزب الله العراقية" أبو باقر الساعدي، ولم تنفذ أي عملية ضد المصالح الأميركية منذ تلك الفترة، على الرغم من استمرار نشاط الطيران الأميركي المسيّر في الأجواء العراقية، خاصة في بغداد والأنبار وإقليم كردستان العراق.
وكانت "حركة النجباء العراقية"، وهي جزء من تلك الفصائل، قد أكدت في حينه أن "ضغوطا مجتمعية وسياسية ودينية" دفعت باتجاه ما سمتها بـ"التهدئة" مع واشنطن، لإفساح المجال "أمام الحكومة العراقية لتأخذ بزمام المبادرة باتجاه وضع حلول لإنهاء وجود التحالف الدولي في البلاد". وتنتظر قيادات الفصائل المسلحة نتائج عمل اللجنة العسكرية العراقية الأميركية، التي يقع على عاتقها تقييم الوضع الميداني في العراق وخطر تنظيم "داعش" الإرهابي، وتحديد موعد لإنهاء تواجد التحالف الدولي.
وفي بيان هو الأول من نوعه منذ الهدنة، ذكرت التنسيقية، ليل أمس الأربعاء، أنها "عقدت اجتماعا استثنائيا لمناقشة الأحداث في المنطقة عموما وفي العراق على وجه الخصوص"، مبينة أنها ناقشت ما سمتها بـ"الفرصة التي منحتها للحكومة -قبل أكثر من أربعة أشهر، المتضمنة جدولة انسحاب الوجود الأميركي من العراق".
وأوضحت أن "المجتمعين أكدوا على ضرورة الاستمرار بالسير لتحقيق سيادة البلاد، بعد مماطلة العدو وتعنته، ليبقى محتلا لأرضنا، ومستبيحا لسمائنا، ومتحكما بالقرار الأمني والاقتصادي، ومتدخلا بالشأن العراقي بكل استهتار وغطرسة، وكأنه لا يعلم ما ينتظره بعد هذه الفرصة"، مشددة على أن "الشعب العراقي، ومقاومته الأبية، والمخلصين من السياسيين، ورجال العشائر، ونواب الشعب، قادرون ومصرون على إنهاء هذا الملف وإغلاقه، باستعمال السُبل المتاحة كافة، لإعادة الأمن والاستقرار، وتحقيق السيادة الكاملة".
ولم تكشف "التنسيقية" موقفا واضحا إزاء الهدنة وما إذا كانت تفكر في إنهائها، إلا أن مصدرا حكوميا أكد أن "الاتفاق تم مع الفصائل على وقف الهجمات كافة حتى حسم ملف الوجود الأميركي في العراق وهو الملف الذي تعمل عليه الحكومة العراقية والجانب الأميركي"، مبينا لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم ذكر اسمه، أن "الفصائل سبق وأن قدمت ضمانات للحكومة بعدم خرق الهدنة حتى حسم الملف رسميا".
وأكد المصدر أنه "لم يصل إلى الحكومة حتى اليوم أي إشعار من الفصائل بنيتها تنفيذ هجمات معينة، وهو ما يعني أن الضمانات مازالت قائمة"، مشيرا إلى أن "الحكومة تتابع الملف وستعقد قريبا اجتماعات لاحقة مع الجانب الأميركي على ضوء تقارير مرتقبة للجنة العراقية الأميركية".
وكانت المرشحة لتولي منصب سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في بغداد تريسي آن جاكوبسون قد قالت إن "المليشيات المتحالفة مع إيران هي التهديد الرئيسي للعراق"، إذ أكدت، في كلمتها الافتتاحية أمام لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية، قبل عدة أيام، على أهمية تعزيز استقرار وأمن وسيادة العراق، معتبرة أن تنظيم "داعش" لا يزال يشكل تهديداً في المنطقة، وأن الجيش الأميركي مازال يقدم دعما لقوات الأمن العراقية.
كما أكدت آن جاكوبسون أهمية تعزيز العراق لعلاقاته مع جيرانه، وأن "وجود التنمية الاقتصادية، وحكومة قادرة على تقديم الخدمات لشعبها، يقلل من جذب الإرهاب" ويقلل أيضاً من نفوذ المليشيات المتحالفة مع إيران التي قالت إنها "تشكل خطراً كبيراً على مستقبل البلاد"، معتبرة أن "إيران ممثل خبيث في العراق ومزعزع لاستقرار المنطقة"، مضيفة: "ندرك أن التهديد الرئيسي للعراق هو المليشيات المتحالفة مع إيران".
وبدأت المحادثات بين بغداد وواشنطن في يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد أقل من 24 ساعة من مقتل ثلاثة جنود أميركيين في هجوم في الأردن. وقالت الولايات المتحدة إن جماعات متشددة متحالفة مع إيران في سورية والعراق هي التي نفذته، ما دفع واشنطن إلى تنفيذ ضربات انتقامية في العراق أسفرت عن اغتيال قيادات بارزة في الفصائل المسلحة، ما دفعها (الفصائل) والجهات السياسية المرتبطة بها إلى تصعيد مطالبتها بإخراج قوات التحالف من البلاد. وأفضت الجولة الأولى للحوار الثنائي بين بغداد وواشنطن التي عقدت في بغداد، في 27 يناير الماضي، إلى اتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف وإنهائها والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية، في ظل الانتقادات الواسعة ضد الوجود الأميركي في العراق.