جدل بشأن الإعدامات في العراق ومطالبات بوقف المصادقة عليها
أثارت الإعدامات في العراق والحديث عن قوائم جديدة قيد المصادقة جدلا سياسيا ومطالبات لرئاسة الجمهورية بعدم التسرع في المصادقة عليها، وسط تأكيدات على أهمية مراجعة ملفات المعتقلين وتدقيق الطعون التي تثار شكوك بشأنها. ويُكشف في العراق بين فترة وأخرى عن إعدامات "غير معلنة" تطاول مدانين بتهم الإرهاب وغيرها، كان آخرها ما كشفه مرصد حقوقي عراقي، في العاشر من يونيو/ حزيران الجاري، عن أن السلطات العراقية نفذت إعدامات "غير معلنة" بحق ما لا يقل عن 63 شخصاً، خلال الأسابيع الأخيرة الماضية، في سجن الحوت "سيئ الصيت" الذي يقع في محافظة ذي قار جنوبي العراق.
ومساء أمس الجمعة، وعلى أثر حديث تداولته وسائل إعلام محلية ومواقع التواصل الاجتماعي عن الإعدامات في العراق ومصادقات جديدة على تنفيذ أحكام، دعا النائب عن محافظة ديالى رعد الدهلكي إلى عدم التسرع في تنفيذ أحكام الإعدام. وقال في بيان: "هنالك معلومات يتم تناقلها بشأن إرسال قوائم إلى رئاسة الجمهورية تضم أسماء 500 معتقل في السجون، معظمهم من مقاومي الاحتلال، للمصادقة على إعدامهم"، مبينا أن "توقيت هذه الخطوة للأسف لم يكن موفقاً لعدة اعتبارات؛ أولها عدم حسم مراجعة جميع ملفات المعتقلين، كما أن تلك الخطوة لا تنسجم مع تفاهمات الاتفاق السياسي الذي تشكلت من خلاله الحكومة".
وأضاف أن "الوضع السياسي، وحتى الأمني في العراق والمنطقة، يجعلنا بحاجة إلى التريث في أي خطوات من شأنها خلق نوع من التوتر، على اعتبار أن حجم التحديات بحاجة إلى احتواء الأزمة وعدم البحث عن قرارات أو مواقف تعقد المشهد بدل تلطيف الأجواء"، مشددا على أن "هنالك العديد من القابعين خلف قضبان السجون هم ضحية للمخبر السري والوشاية الكاذبة أو الإدلاء باعترافات تحت التهديد والتعذيب، وهنالك لجان مشكلة لتدقيق ومراجعة جميع الطعون في الأحكام الجنائية المتعلقة بتلك الملفات".
وأكد أن "هنالك جهودا تبذل كجزء من الاتفاق السياسي لتشريع قانون عفو عام ينصف الموجودين ظلما خلف القضبان، ويستثني من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء"، داعيا رئاسة الجمهورية إلى "التريث في عملية المصادقة على تلك القوائم إلى حين حسم مراجعة جميع الملفات وتشريع قانون العفو العام".
وبموازاة تعطيل تمرير قانون العفو العام، تُنفّذ أحكام الإعدامات في العراق على فترات، فيما يحمّل ناشطون في مجال حقوق الإنسان رئاسة الجمهورية مسؤولية المصادقة على الأحكام. وقال الناشط الحقوقي يوسف العابدي إن "المسؤولية كبيرة على عاتق رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد. يجب ألا يتحمل مسؤولية المصادقة على تلك الأحكام، خاصة أن الطعون القضائية في كثير من الأحكام لم تستوف بعد"، مبينا لـ"العربي الجديد" أن "ملف السجناء والأحكام القضائية في البلاد ما زال مثار جدل، إذ فيه جانب سياسي يتوقف على الاتفاقات والتفاهمات التي شكلت الحكومة على أثرها".
وأضاف أن "ملف تنفيذ أحكام الإعدام غامض، وأن الكثير من الأحكام التي تنفذ تفتقر إلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان في المحاكمات"، مشيرا إلى أن "عدم الإعلان عن الأحكام بشكل رسمي، وعدم إشعار ذوي المحكومين بتنفيذ الأحكام إلا بعد التنفيذ لا ينسجمان أيضا مع حقوق الإنسان".
من جهته، ناشد والد أحد المحكومين بالإعدام وقف التنفيذ وإجراء مراجعة قانونية للملفات. وقال الحاج أبو عدنان العزاوي، لـ"العربي الجديد": "نناشد البرلمان والجهات الرقابية المسؤولة عن حقوق الإنسان متابعة الملف"، وهناك مطالبات بوقف الإعدامات في العراق وإعادة المحاكمات. وأوضح أن "السنوات السابقة شهدت ضغوطا بملفات التحقيق وأن الكثير من المحكومين انتزعت منهم اعترافات تحت التعذيب، وصدرت بحقهم أحكام بالإعدام، وهو ما يستدعي مراجعة ملفاتهم وعدم تنفيذ الأحكام بشكل سري". وأضاف: "لسنا مطمئنين، نتخوف من تنفيذ الأحكام بشكل مباغت. يجب على الجهات المسؤولة تحمل مسؤوليتها إزاء هذا الملف".
ويعتبر ملف السجناء العراقيين، خصوصاً المحكوم عليهم بالإعدام، والذين يتجاوز عددهم 17 ألف شخص، من أبرز القضايا التي شكّلت جدلاً سياسياً وشعبياً وإعلامياً واسعاً في البلاد خلال السنوات الماضية، إذ أدين معظمهم وفقاً لمعلومات "المخبر السري"، والاعترافات تحت الإكراه والتعذيب، بحسب منظمات حقوقية وإنسانية عراقية وأجنبية. وسبق أن وعدت القوى العربية السُّنية جمهورها، خلال الانتخابات الأخيرة، بالمضي في إقرار قانون العفو العام، الذي يتضمن توفير ظروف قانونية لإعادة محاكمة السجناء، لضمان العدالة القضائية، لكن هذا الوعد يواجه عراقيل كثيرة من قبل الأحزاب القريبة من إيران.