تركيا تجهز لضرب مسارات إمدادات السلاح لـ"الكردستاني" شمالي العراق
يستعد الجيش التركي لاستهداف قوافل السلاح والمعدات المتجهة إلى مناطق نفوذ حزب العمال الكردستاني شمالي العراق، خصوصاً مع استمرار تدفقها إلى تلك المناطق، ومنها شحنات الطائرات بدون طيار والصواريخ التي تصل إليها بالتنسيق مع فصائل عراقية تتخادم بشكلٍ كبير، بالإضافة إلى التعاون الذي تؤكده أنقرة في كل مرة، بين القيادة الحالية لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني الحاكم في مدينة السليمانية، واستخدام مطار السليمانية الدولي لإيصال شحنات الأسلحة وإيواء قادة العمال الكردستاني، فيما يبدو أن تركيا جادة هذه المرة بتحقيق نتائج عملياتية جديدة ضد مسلحي العمال.
ووفق تقرير صحافي، نشرته صحيفة "يني شفق" التركية، المقرّبة من حزب العدالة والتنمية، فإن "حزب العمال الكردستاني حصل مؤخراً على منظومات دفاع جوي وطائرات مسيّرة عبر مطار السليمانية، كما حصل عناصر الحزب على تدريبات في المطار، وتمّ اتّخاذ قرار حاسم بالنسبة لمطار السليمانية الذي تحوّل إلى قاعدة لوجستية لحزب العمال، وفيما إذا اكتشفت تركيا شحنة جديدة، فإنها ستتصرف".
وقالت الصحيفة: "قامت قوات الأمن بتوثيق جميع الشحنات التي أرسلت لحزب العمال الكردستاني بعد أن تمّ التأكد من أن طائرة مدنية هبطت بالذخيرة في مطار السليمانية، وأن تركيا لن تبقى مكتوفة الأيدي باستمرار حيال هذه الشحنات المرسلة إلى المنظمة الإرهابية، وصدر أمر باستهداف كل شحنة مرسلة إلى حزب العمال الكردستاني، وتحديداً مليشيا وحدات حماية الشعب". وسبق أن أعربت تركيا عن قلقها بشأن علاقات الاتّحاد الوطني الكردستاني مع حزب العمال واستخدام مطار السليمانية من قبل الأخير.
وطالب المسؤولون الأتراك، قوباد طالباني، نائب رئيس حكومة إقليم كردستان والأخ الأصغر لبافل طالباني، زعيم حزب الاتحاد الوطني، بأن تتم السيطرة على مطار السليمانية، لكن وفق التعليقات التركية، فإن الاتحاد الوطني لم يف بوعوده، وجرّاء ذلك فقد مدّدت أنقرة حظر الرحلات الجوية من مطار السليمانية وإليه لمدة ستة أشهر أخرى (حتى ديسمبر/ كانون الأول من العام الجاري).
من جهته، حذر القيادي في حركة التغيير الكردية دلشاد رشيد، من تهديدات تركيا الأخيرة، معتبراً إياها "خطيرة"، داعياً إلى عدم التضحية بأرواح المدنيين من أجل حزب العمال. وقال رشيد تصريحٍ صحافي، إن "من المهم عدم الانقياد للعواطف، ووضع مصالح إقليم كردستان فوق كل الاعتبارات، لأن التهديدات خطيرة، لذا من الأفضل مراعاة المصالح الأمنية، وأن مطار السليمانية الدولي هو مكان يتواجد فيه المدنيون، ولا ينبغي السماح بتعرضهم للأذى، ومن الخطأ والخطير للغاية إثارة غضب تركيا، خاصة في هذا الوضع، لأنه لن تقبل أي دولة تهديد أمنها، ولا سيما من جار هو أقوى منه".
وخلال الفترة الماضية، تزايدت أنشطة "الكردستاني" في مناطق عدة خارج معاقله التقليدية الرئيسية (قنديل وسوران وسيدكان والزاب وزاخو) شمالي العراق، أبرزها كويسنجق، وآلتون كوبري في ضواحي مدينة كركوك، شمالي العراق، فيما اختلفت التفسيرات حول الإمكانات العسكرية للمسلحين ومصادر حصولهم على الأسلحة، لا سيما الطائرات المسيّرة المفخخة، لكن مراقبين ذهبوا إلى أنهم يحصلون على الطائرات بدون طيار، من خلال تسهيلات تقدم لهم من قبل جماعات عراقية مسلحة، بالإضافة إلى حزب كردي.
لكن القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث سورجي، اعتبر أن تركيا تريد "توريط جهات عراقية سياسية وأمنية، في سبيل خلق الحجج وضرب مناطق عراقية وفي إقليم كردستان، من ضمنها السليمانية التي تتهمها بدعم العمال الكردستاني"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن تركيا تسعى إلى ما وصفه بـ"إخضاع السليمانية، ومن واجب بغداد أن تضع حلاً لهذا التوتر"، على حد وصفه
وأكمل سورجي، أن "الاتحاد الوطني الكردستاني عبر عن موقفه ازاء العمال الكردستاني وخاطب تركيا في أكثر من مرة، كما أن قوباد طالباني زار أنقرة وتحدث مع المسؤولين هناك، لكن هناك إصرارا تركيا على ضرب مناطق في إقليم كردستان، وأخيراً تحدثت عن ضرب منابع التمويل للعمال الكردستاني"، مشيراً إلى أن "الحكومة العراقية لابد أن تكون على علم بأي إجراء تركي، خصوصاً بعد التفاهم الأخير بين بغداد وأنقرة، وهذه الأخيرة، تقع ضحية معلومات مغلوطة توفرها جهات كردية مع كل الأسف".
وفي زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى بغداد، في إبريل/ نيسان الماضي، وقع خلال الزيارة، وفق بيان الحكومة العراقية، "اتفاق الإطار الاستراتيجي الثنائي"، إلى جانب توقيع "26 مذكرة تفاهم مشتركة لمختلف المؤسسات بين البلدين". واعتبرت الحكومة أن ذلك "سينعكس على الشراكة الاقتصادية والتنموية". وجاء فيها بنود مهمة، من ضمنها حصول تركيا على تفويض لتنفيذ عملية عسكرية في إقليم كردستان شمالي العراق، وضمن عمق يزيد على 40 كيلومتراً، لضرب جيوب ومواقع مسلحي حزب العمال الكردستاني ضمن المناطق الخالية من السكان، وذلك خلال تفاهمات مع المسؤولين في بغداد وإربيل.
وقال مصدر سياسي قريب من الحكومة العراقية، لـ"العربي الجديد"، إن "العمال الكردستاني يمثل جدلاً واضحاً وعنصر قلق لاستقرار العمل السياسي في البلاد، وأن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، يقع تحت ضغطين كبيرين، الأول بالاتفاقات مع تركيا ورفد العراق بحصصه المائية فضلاً عن الاتفاقات السياسية، والثاني الجهات السياسية والمسلحة الشيعية التي تدعم العمال الكردستاني وعلى اتفاق معه، بأوامر إيرانية"، معتبراً أن "الاتفاق الأخير مع تركيا. وخلص إلى أن بغداد على علم بأي عملية عسكرية أو جوية تقدم عليها تركيا المناطق الحدودية والكردية شمالي العراق".
وتواصل القوات التركية، منذ منتصف يونيو/حزيران 2021، سلسلة من العمليات العسكرية الجوية والبرية في الشمال العراقي، ضمن نطاق نينوى وإقليم كردستان، تتركز في سنجار، وقنديل، وسيدكان، وسوران، والزاب، وزاخو. وتضمنت العمليات الأخيرة قصفاً جوياً واغتيالات طاولت قيادات بارزة في "الكردستاني".