توجس من مرشحة بايدن لمنصب السفيرة الأميركية في العراق
أثارت تعليقات المرشحة الجديدة لمنصب السفيرة الأميركية في العراق تريسي آن جاكوبسون، هواجس لدى الفصائل المسلحة العراقية، بعد هجومها عليها واعتبارها امتداداً للنفوذ الإيراني في المنطقة ككل. كما طرحت جاكوبسون في كلمة أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي قبل أيام خطتها للتعامل مع "الإرهاب"، ونفوذ المليشيات المتحالفة مع إيران والتي "تشكل خطراً على مستقبل العراق"، بحسب تعبيرها. وقلّل مراقبون من احتمالات تطبيق ما قالته المرشحة لمنصب السفيرة الأميركية في العراق في حال اعتمادها وتسلمها مهامها، لا سيما أن الولايات المتحدة لا تريد فتح جبهات مواجهة جديدة مع أي طرف من أطراف الشرق الأوسط.
جاكوبسون: إيران ممثل خبيث في العراق ومزعزع لاستقرار المنطقة
في يناير/كانون الثاني الماضي، رشح الرئيس الأميركي جو بايدن، تريسي آن جاكوبسون لمنصب السفيرة الأميركية في العراق بصفة "فوق العادة" ومفوضة الولايات المتحدة لدى العراق، بدلاً من ألينا رومانوسكي. وظهرت المرشحة الجديدة في منتصف يونيو/ حزيران الحالي أمام مجلس الشيوخ الأميركي، مشيرة إلى امتلاكها "خبرة تزيد عن 30 عاماً في وزارة الخارجية، وأنها ستعمل بشكل وثيق مع اللجنة لتعزيز المصالح الأميركية في العراق". وشدّدت على "أهمية تعزيز استقرار وأمن وسيادة العراق، وأن تنظيم داعش ما يزال يشكل تهديداً في المنطقة". وأشارت جاكوبسون (59 عاماً) إلى أن "وجود التنمية الاقتصادية، وحكومة قادرة على تقديم الخدمات لشعبها، يقلل من جذب الإرهاب ويقلل أيضاً من نفوذ المليشيات المتحالفة مع إيران، التي تشكل خطراً كبيراً على مستقبل البلاد". واعتبرت أن "إيران ممثل خبيث في العراق ومزعزع لاستقرار المنطقة وندرك أن التهديد الرئيسي للعراق هو المليشيات المتحالفة مع إيران، وأنها لن تسمح لإيران باستخدام الغاز المورد لتشغيل المحطات سلاحا ضد العراق". جاكوبسون، حاصلة على العديد من الجوائز في وزارة الخارجية الأميركية، منها جائزتان رئاسيتان، ووسام ابراهيم روكوفا للسلام والديمقراطية والإنسانية في كوسوفو، وهي عضو في الخدمة الخارجية الأميركية العليا، من فئة وزير محترف. وشغلت أخيراً منصب القائم بالأعمال المؤقت في سفارة الولايات المتحدة في أديس أبابا ـ إثيوبيا. وعلى مدار مسيرتها المهنية، كانت سفيرة الولايات المتحدة في طاجيكستان وتركمانستان وكوسوفو، ونائب رئيس البعثة في سفارة الولايات المتحدة في ريغا ـ لاتفيا.
وعقب تعليقات جاكوبسون، شنّ أعضاء من الفصائل المسلحة العراقية، وأحزاب عربية شيعية أخرى، هجوماً على المرشحة لمنصب السفيرة الأميركية في العراق واعتبروا أنها تحاول "جس نبض الوضع العراقي"، بالإضافة إلى الكشف عن نياتها تجاه العراق، فيما أكد آخرون أن هذه التعليقات تمثل "تنكيلاً" بالإرادة والسيادة العراقية، داعين وزارة الخارجية إلى الرد، لكن الأخيرة لم تفعل. في السياق، علّق رئيس المجلس السياسي لجماعة حركة النجباء، علي الأسدي، عبر منشور على منصة إكس (تويتر سابقاً) قائلاً: "لم نلحظ جديداً في لغة السفيرة الأميركية الجديدة، فهي تمارس منهج الوصاية على بلدنا. ولكن الجديد هو ما نريد تكراره للسياسيين العراقيين، وهو أنكم تتخبطون في حالة انجرار لا لبس فيها وراء المطامع والانتهاكات الأميركية، التي جعلتكم بين حالين لا ثالث لهما: إما أنكم تتغافلون عن أحقيتنا في الاستقلال وحماية السيادة، أو أنكم لا تواجهون حقيقة عدم قدرتكم على ردع الانتهاكات المستمرة للاحتلال المجرم". وأضاف الأسدي، أن "رؤية حركة النجباء لم ولن تتغير، وأن أميركا دولة احتلال ولا تحترم إلا لغة القوة"، فيما وجه رسالة إلى المرشحة لمنصب السفيرة الأميركية في العراق: "عليك أن تعي وتعلمي أن الأيام بيننا، ولن تكون صفعاتنا القادمة إلا على الأُنوف، وسترين لمن الكلمة الفصل". كما بدأ الإعلام المرتبط بالجماعات العراقية المسلحة، حملة إعلامية مهاجماً المرشحة لتولي منصب السفيرة الأميركية في العراق من خلال منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، حملت في بعضها تهديدات.
من جهته، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، عامر الفايز، إن التعليقات الحديثة للمرشحة لمنصب السفيرة الأميركية في العراق "ليست دبلوماسية، مع العلم أننا نعرف أن من حقها أن تطرح أفكارها وبرنامجها الدبلوماسية في العراق، لكن من غير الصحيح أن تكون بهذه اللهجة، لا سيما وأنها أشعرت أطرافا عراقية مهمة بعدم الاطمئنان، وكأنها تريد أن تفتعل مشاكل جديدة في البلاد". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "جاكوبسون مارست الاستفزاز في تعليقاتها الأخرى، ما اضطر بعض الجهات العراقية إلى الرد، وهناك حاجة فعلية لرد عراقي تجاه هذه التهديدات، لا سيما وأنها ربطت كل ما يجري في العراق بإيران، وهذا ليس صحيحاً".
عامر الفايز: التعليقات الحديثة للمرشحة لمنصب السفيرة الأميركية في العراق ليست دبلوماسية
بدوره، أشار المحلل السياسي غالب الدعمي إلى أن "التصعيد الأميركي ضد الفصائل المسلحة القريبة من إيران، من قبل الإدارة الأميركية لا ينتهي، وأن المرشحة لمنصب السفيرة الأميركية في العراق ربما تريد أن تقول إنها قوية في رسالة تحذير قبل وصولها إلى بغداد، لكن في الحقيقة، فإن العمل الدبلوماسي والشراكات والاتفاقات الأميركية العراقية مستمرة، ولا يمكن أن تستمر طريقة التهديد والوعيد من قبل الأميركيين". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "السفيرة الجديدة يبدو أنها أكثر أهمية من السفيرة الحالية (رومانوسكي)، كما يبدو أن لديها الخبرة الكافية للعمل في العراق، لكن الإبقاء على هذه النبرة قد يؤدي إلى صناعة أزمة في المستقبل، لكن لا أعتقد أنها ستبقى بهذه الحدة حين تمسك بمنصبها في بغداد، وأنها عبرت في تعليقاتها الأخيرة عن وجهة النظر الأميركية تجاه ما يحدث في العراق، وارتباطات طهران وبغداد بملفات عدة من بينها الطاقة وتحديداً الغاز". وبدا أن مسار المرشحة لمنصب السفيرة الأميركية في العراق مختلف كثيراً عن ألينا رومانوسكي، لا سيما في الملفات الكبرى وأبرزها الإرهاب المهدد للعراق، وفق الولايات المتحدة. وسبق أن أشارت رومانوسكي إلى أن "عمل التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن مع العراق لهزيمة التنظيم بشكل كامل لم ينتهِ بعد، وأن داعش نشاطه تراجع كثيراً، لكن العمل لم ينجز بشكل أساسي، وأن واشنطن تريد التأكد أن القوات العراقية يمكنها مواصلة هزيمة داعش".