مدن سكنية ضخمة في العراق لمواجهة الاكتظاظ السكاني
تعمل حكومة العراق على إنشاء مدن سكنية ضخمة في مدن مختلفة من البلاد، ضمن خططها للتخفيف من أزمة السكن التي تعد واحدة من الأزمات المعقدة التي لم تكن للحكومات السابقة جدية بوضع الخطط المطلوبة للحد منها، وسط تفاؤل بنجاح الاستراتيجية الحكومية الجديدة وأن تكون خطوة للتخفيف من الاكتظاظ السكاني في البلاد.
وأطلقت الحكومة وعودا قبل عدة أشهر، ببناء مدن سكنية خارج مركز العاصمة بغداد، مؤكدة وضع حلول للأزمة، وقد وافق مجلس الوزراء في وقت سابق على إحالة مشاريع أربع مدن سكنية جديدة على شركات أجنبية ومحلية مختصة، هي الجواهري في بغداد، والغزلاني في نينوى، والجنائن في بابل، وضفاف في كربلاء، وقد تم بالفعل وضع حجر الأساس لهذه المدن التي تتخطى مجموع وحداتها السكنية مئات الآلاف. في هذا الإطار بدأت الحكومة الأسبوع الماضي، الأعمال التنفيذية في الطريق المؤدي إلى مدينة (علي الوردي) السكنية الجديدة، ضمن خططها الهادفة إلى بناء العديد من المدن السكنية الضخمة الجديدة.
وتمتد المدينة الجديدة، التي حملت اسم عالم الاجتماع والمفكر العراقي الراحل علي الوردي، على مساحة 61 مليون متر مربع إلى الجهة الجنوبية الشرقية من العاصمة بغداد، وستوفر 120 ألف وحدة سكنية متنوعة، فضلا عن المنشآت الحضرية والمساحات الخضراء ووسائل المدن الذكيّة التكنولوجية، مع مراعاة المعايير المتقدمة في الاستدامة والحفاظ على البيئة.
في تعليقه على هذه التطورات، أكد المهندس حيدر الخفاجي من هيئة تنفيذ المدن الجديدة بوزارة الإسكان العراقية، أن "مشاريع المدن السكنية ستقضي على نسبة كبيرة من أزمة السكن، خاصة في العاصمة بغداد"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "الدراسات والإحصائيات تؤشر الى أن الاكتظاظ في بغداد سيصل إلى نحو 11 مليون نسمة، وهو رقم خطير ما دفع الحكومة الى وضع الخطط اللازمة لتلافي تأثيراته".
وأضاف الخفاجي، أن "تراكمات إهمال ملف السكن من قبل الحكومات السابقة تسببت بهذا التضخم السكاني الكبير"، معتبرا أن "مدينتي علي الوردي والجواهري في أطراف بغداد ستكونان مدنا متكاملة الخدمات، وبتخطيط استراتيجي بعيد المدى، خاصة مع اختيار الموقع، الذي يخفف من الضغط السكاني على قلب العاصمة".
وأشار إلى أن "بغداد ستشهد إنشاء مدن محاذية لها في الأطراف ستتضمن نحو 200 ألف وحدة سكنية، ضمن الاستراتيجية الجديدة التي وضعتها الحكومة، التي تتضمن إنشاء 52 مدينة سكنية مستدامة في وسط وجنوبي البلاد، وهي تمثل الحلول الأنجح للاكتظاظ السكاني". وتؤكد الإحصائيات الحكومية الرسمية، أن 9% من سكان العراق يسكنون في عشوائيات "بيوت من صفيح شيدت بطرق غير نظامية على أراض مملوكة للدولة"، بسبب عدم قدرتهم على تأمين سكن مناسب. وكانت الحكومة السابقة قد أطلقت مشروع "داري" لمنح العاطلين من العمل قطع أراض سكنية ومن ثم دعمهم لبنائها، لكن المشروع لم ينفذ، على الرغم من أن آلاف العراقيين تقدموا له وبذلوا جهدا ووقتا ومراجعات للدوائر الحكومية للحصول على قطعة أرض.
الثلاثاء الماضي، أطلق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الأعمال التنفيذية في الطريق المؤدي إلى مدينة (علي الوردي) السكنية الجديدة، ووفقا لبيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء فإن "الأعمال التنفيذية للطريق تمتد من أطراف بغداد إلى مدينة علي الوردي السكنية الجديدة في ناحية النهروان جنوب شرق بغداد، ويتضمن العمل إنشاءَ طريق رابط للمدينة الجديدة، بمسار يحقق أفضل المتطلبات التصميمية، ويؤمن انسيابية المرور للمدينة الجديدة من خلال ربطه بالطرق الرئيسية والحلقية".
وأكد البيان أن المدن السكنية الجديدة تشكل بمجموعها أساساً للحلول التي تعتمدها الحكومة لمواجهة الزيادة السكانية، وتخفيف الضغط على الخدمات والكهرباء في مدينة بغداد، وضمن استهداف إحداث تطور في الحركة والنقل والتنمية في العاصمة".
وأوضح البيان أن "مدينة علي الوردي ليست مجمعا سكنيا، إنما مدينة جديدة كبرى متكاملة الخدمات والفعاليات، ستضم ما يقرب من 110 آلاف وحدة سكنية، وأنها ستمثل، مع ما يحيط بها، محورا أساسيا لما يمكن تسميته محافظة جديدة، من حيث سعة الاستيعاب، وستجاور بغداد وتكون مكملة لها، وأكد الشياع إكمال حزمة من الإجراءات المعقدة لتهيئة انطلاق العمل فيها، وفي مقدمتها تهيئة الطريق إليها أولاً".
وحسب دراسة ميدانية سابقة عن عدد العقارات والوحدات السكنية في العراق للجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط العراقية، يبلغ عدد العقارات 4 ملايين و520 ألف مبنى ووحدة سكنية، وتشكل الشقق في مباني العمارات السكنية نسبة (23.9%)، فيما تشكل مباني الدور السكنية نسبة (76.1%)، منها (70.2%) في المناطق الحضرية ومراكز المدن، بينما تقع نسبة (29.8%) من هذه المباني ضمن المناطق الريفية في عموم العراق.