اقتصاد العراق يعوّل على كابل الإنترنت البحري لتطوير اتصالاته
ثمة أهمية كبيرة يعلقها العراق على الكابل البحري 2Africa، بوصفه واحداً من أهمّ كابلات الإنترنت الاستراتيجية البحرية، ويمرّ على أكثر من 33 بلداً من خلال47 محطة إنزال بحرية، وفقاً لتأكيد المدير العام لدائرة العلاقات والإعلام في وزارة الاتصالات العراقية عمر العامري، الذي قال لـ"العربي الجديد" إن العديد من الشركات العالمية ستمرر سعتها عبر الكوابل البحرية والضوئية البرية، وهذا يساعد في تسهيل حركة الاتصالات الدولية، وسيربط دول أفريقيا وآسيا وأوروبا، مروراً بالعراق الذي سيكون محطة نقل ترانزيت معتمدة.
تصريحات العامري جاءت تعقيباً على توقيع الشركة العامة للاتصالات والمعلوماتية التابعة للوزارة عقد إنزال كابل 2Africa اللؤلؤ البحري مع شركة "الخليج للكابلات البحرية" المملوكة لشركة الاتصالات السعودية (STC) لنقل سعات الإنترنت من العالم عبر دول الخليج العربي، ومنها إلى العراق، وصولاً إلى أوروبا من خلال 47 محطة إنزال، مروراً بـ 33 بلداً عبر عدد من البحار حول العالم. وقد بيّن العامري أن هذا المشروع سيسهم في تعظيم الإيرادات وتحسين خدمة الإنترنت وتخفيض أسعارها بالشكل الذي يتلاءم مع مستوى دخل الفرد في العراق، وتحقيق أعلى مستويات الجودة والكفاءة، لأن العراق سيكون محطة تمرّ من خلالها خدمات الاتصال الدولية.
وعن إنجاز المشروع والعمل عليه، أوضح العامري أن تنفيذ مشروع الكابل البحري سيشهد عدة مراحل، تبدأ قريباً من مرحلة المسح الميداني، ومن ثم عمليات البحث والتنظيف، لأن المنطقة يمكن أن تكون مكتظة بالمخلفات الحربية وركام السفن، وبعدها يُدفن الكابل على عمق 200 متر تحت الماء.
وأكد العامري أن المشروع سيُنجَز خلال النصف الأول من العام المقبل، وهذا يعتمد على سرعة العمل ومواصلة الجهود من دون عوائق أو مشاكل فنية يمكن أن تؤخر فترة الإنجاز. وأضاف أن العراق لن يتحمل أي تكلفة مالية للمشروع، لأن الشركات المالكة للكابل هي التي ستتولى عمليات التمويل والإنجاز، وسيقدم العراق الدعم اللوجستي والإداري لإنجاز مراحل المشروع، وهناك أموال محصّلة لصالح العراق استُلِم مليون دولار منها مع توقيع العقد، وذلك في دفعة مقدمة.
ومشروع الكابل الأخير هو الثالث الذي وقّعته وزارة الاتصالات العراقية، ليشكل العراق من خلاله نقطة انطلاق لخدمة الإنترنت من البحر، مروراً بالأراضي العراقية باتجاه تركيا ودول وأوروبا.
ويعاني العراق من ضعف شبكة الإنترنت وضعف الشركات المجهزة للخدمة، وغياب الرؤية الفنية طوال السنوات الماضية في تحسين جودة الخدمة والتقليل من أسعارها، ذلك أن الإنترنت في العراق من بين الأغلى والأقل جودة عالمياً، وكان هذا البلد يخسر أربعين مليون دولار يومياً نتيجة ضعف خدمة الإنترنت أو انقطاعها.
وتحاول وزارة الاتصالات العراقية تحسين خدمة الإنترنت ورفع سرعتها وكفاءة الباقات المقدمة إلى الزبائن من خلال عدة إجراءات، ابتدأت من إطلاق خدمة الاشتراك المدعوم والحد من التلاعب في كميات الإنترنت المجهزة من قبل الوكلاء، من خلال مشاركة أكثر من مشترك في حزمة إنترنت واحدة، وانتهاءً بتوقيع عقود مشروع الكابل البحري.
وقد أكدت وزيرة الاتصالات هيام الياسري، أن هذا المشروع سيساهم في تعزيز موقع العراق، لكونه الممر الآمن بالمنطقة لتمرير وتسويق سعات الإنترنت والاتصالات الدولية الداخلة والخارجة من العراق، بالاشتراك مع الشركات العالمية المساهمة في المشروع، وهي شركة الاتصالات السعودية وفودافون و"إم تي إن" وفيسبوك وشركة الاتصالات الصينية.
وقالت الياسري إن هذا العقد هو الثالث من نوعه الذي توقعه الحكومة العراقية الحالية، وستبدأ إجراءات الإنزال المتمثلة بمسح الموقع للمياه وتحريك السفن اللازمة لذلك، وبعدها إنزال الكابل في محطة الفاو، ليُستفاد منه في تسويق سعات الإنترنت وزيادة سعات الإنترنت الداخلة للعراق. وأضافت أن الكثير من الشركات العالمية ستمرر سعاتها عبر الكوابل البحرية والضوئية البرية، وهذا يساعد في تسهيل حركة الاتصالات الدولية ويربط دول أفريقيا وآسيا بأوروبا، مروراً بالعراق.
وأفادت بأن هذا المشروع سيكون له مردود اقتصادي وجدوى مالية تساهم في تحقيق إيراد مالي عالٍ يسهم في تفعيل واستثمار الموقع الجغرافي ويكرس نجاحه في الاتصالات الدولية (الترانزيت).
ويرى مختصون أن استثمار العراق لموقعه الجغرافي الاستراتيجي في مثل هذه المشاريع يأتي بعوائد ومردودات اقتصادية يستفيد منها في جوانب عديدة، على صعيد الاستثمار والجودة والكفاءة التقنية. وفي هذا الصدد، قال الباحث الاقتصادي علي عواد، إن مشروع الكابل البحري في محطة العراق ستكون له أهمية جذب استثماري لبقية الشركات التكنولوجية وشركات الاتصالات الدولية، وسيخلق نوعاً من المنافسة بين هذه الشركات.
وأوضح عواد لـ"العربي الجديد" أن المواطن العراقي يعاني من سوء الخدمة المقدمة طوال السنوات الماضية، بسبب الاحتكار والهيمنة التي تفرضها شركات الاتصالات المدعومة من تيارات وجهات متنفذة في الدولة، والعمل على جذب الاستثمارات يخلق المنافسة لتقديم أفضل خدمة ممكنة للزبائن.
وأضاف أن مشكلة الإنترنت في العراق تبدأ من تمسك الوكلاء وأصحاب أبراج خدمة الـ WiFi المرتبطين بالشركات الكلاسيكية التي تقدم خدمة بدائية للزبائن طوال العقدين الماضيين، وما زالت تمارس أعمالها وتحصّل اموالاً طائلة من جيوب المواطنين وتقدم لهم خدمة رديئة. وشدد على أهمية تقديم خدمة الألياف الضوئية وخدمة النطاق العريض، بالإضافة إلى خدمة الإنترنت التي ستأتي بواسطة الكابل البحري، لأنها ستوفر خدمة ذات كفاءة عالية وأسعار منخفضة قياساً بما كانت تقدمه الشركات القديمة العاملة في العراق.
وأشار إلى أن مشاريع خدمة الكابل البحري تعمل على تعظيم الإيرادات، وتتوافر بحدود ثلاثة إلى أربعة مليارات دولار محتملة سنوياً، إذا ما استُثمِرَت بالشكل الأمثل، كذلك ستساهم في تحقيق إيرادات مالية عالية تدخل إلى خزينة الدولة من أجور الخدمة ورسوم الترانزيت. وبيّن أن ما يتحقق أيضاً، زيادة فرص التوظيف وتشغيل الفنيين والتقنيين العراقيين على نطاق واسع، نتيجة لتعدد الشركات واتساع مساحة العمل التكنولوجي من موظفين وفرق ربط الخدمة والصيانة وخدمة الزبائن والنقل وحركة التدفق النقدي.