نائب عراقي لـ"العربي الجديد": مفاوضات بغداد وواشنطن معلقة
كشف النائب المستقل في البرلمان العراقي ياسر الحسيني، أمس الأربعاء، لـ"العربي الجديد"، عن تعليق مفاوضات بغداد وواشنطن بشأن إنهاء مهام التحالف الدولي وانسحاب القوات الأميركية العاملة في العراق، وسط تهديد بعودة عمليات الفصائل المسلحة ضد المصالح والأهداف الأميركية، في حال إعلان فشل تلك المفاوضات. وفيما رفضت قيادات عسكرية وأوساط حكومية تواصلت معها "العربي الجديد" تأكيد هذه المعلومات أو نفيها، فإن وفداً عسكرياً أميركياً برئاسة نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، دانييل شابيرو، يواصل لقاءاته في بغداد مع مسؤولين عراقيين منذ الاثنين الماضي. وبحسب بيانات الحكومة العراقية، فإن الاجتماعات تركزت حتى أول من أمس الثلاثاء، على ملف إنهاء دور القوات الأميركية والتحالف الدولي في العراق.
وبدأت الجولة الأولى من المحادثات بين بغداد وواشنطن في يناير/كانون الثاني الماضي، فيما أفضت الجولة الأولى للحوار الثنائي الذي عُقد في بغداد إلى اتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف وإنهائها والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية، من دون الإعلان حتى الآن أي نتائج رسمية لعمل اللجنة. واستؤنفت مفاوضات بغداد وواشنطن في فبراير/شباط الماضي، مع اعتماد "خفض مدروس وتدريجي"، وصولاً إلى إنهاء مهمة قوات التحالف الدولي لمكافحة "داعش"، وفق البيانات الرسمية العراقية، لتتبعها جولتان أخريان في مارس/آذار وإبريل/نيسان الماضيين.
ورغم التصريحات الإيجابية للمسؤولين العراقيين، وأبرزهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بشأن مفاوضات بغداد وواشنطن ووضع جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية وإنهاء دور التحالف الدولي في البلاد، إلا أن مسؤولين في التحالف تحدثوا عن ملفات تعاون ثنائية بين البلدين في المجال العسكري، من دون التطرق إلى موضوع الانسحاب من العراق.
في موازاة ذلك، تصاعدت منذ أسابيع مطالبات أطراف سياسية وفصائل عراقية مسلحة حليفة لإيران بإنهاء وجود التحالف الدولي في البلاد، إذ أعلنت "تنسيقية المقاومة العراقية"، المنضوي فيها عدد من تلك الفصائل، عقب اجتماع الأسبوع الماضي، قدرتها على "إنهاء الحضور الأميركي في العراق بكل السبل"، في معرض تحذيرها للحكومة العراقية بشأن ما تعتبرها تراخي في هذا الملف.
في هذا الصدد، قال الحسيني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مفاوضات بغداد وواشنطن بشأن إنهاء مهام التحالف الدولي وإخراج القوات الأميركية، مُعلّقة فعلياً منذ أسابيع، ولا نعرف سبب ذلك، لكن كما هو واضح لدينا فهناك ضغوط أميركية على الحكومة العراقية للإبقاء على قواتها في العراق لفترة أطول، من دون أي انسحاب حقيقي".
وبيّن الحسيني أن "جولات الحوار السابقة المعلنة ما بين العراق وأميركا، كانت غامضة، وبيانات الجانب العراقي مختلفة تماماً عن بيانات وتصريحات المسؤولين الأميركيين، ما يؤكد عدم وجود أي جدية حقيقية لإخراج القوات الأجنبية من العراق"، معتبراً أن "المعطيات تؤكد على رغبة سياسية وحتى حكومية (العراق) في الإبقاء على تلك القوات". وأضاف أن "هناك أطرافا سياسية وكذلك حكومية مستعدة لفعل أي شيء وكل شيء من أجل الحفاظ على نفوذها السياسي والسيطرة على المشهد في العراق". وأوضح أن تلك الأطراف "لديها خشية من تأثير إخراج الأميركيين من العراق، عليها، ولهذا هي تماطل في هذا الملف، ولهذا فإن المفاوضات متوقفة".
ياسر الحسيني: سنعمل من خلال البرلمان على مساءلة المسؤولين عن ملف المفاوضات
وشدّد على أنه "مع بدء الفصل التشريعي الجديد لمجلس النواب، سنعمل على توجيه أسئلة برلمانية، وكذلك طلب استضافة للمسؤولين عن ملف مفاوضات بغداد وواشنطن، لمعرفة أين وصلت تلك المفاوضات وما أسباب التوقف وما أسباب كل هذا الغموض وعدم الشفافية في مصارحة الشعب العراقي بما يجري".
وفي السياق، اعتذرت قيادة العمليات العراقية المشتركة، وعبر المتحدث باسمها اللواء تحسين الخفاجي، عن الإدلاء بأي تصريحات تتعلق بملف مفاوضات بغداد وواشنطن. وشدّد على أن "العمليات المشتركة غير مخولة بالتحدث عن الملف، وهو من اختصاص الحكومة". كما اعتذر مستشار حكومي عراقي عن التعليق أيضاً، لكنه شدّد على "عدم وجود أي قرار أو توجه بتعليق أو إيقاف المفاوضات، سواء من الجانب العراقي أو الأميركي". وأضاف المتحدث لـ"العربي الجديد"، طالباً عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالتصريح، أن "لجاناً عسكرية من البلدين تواصل لقاءاتها بين وقت وآخر، وفقاً لبرنامج عمل متفق عليه".
من جهته، قال مقرر لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، ياسر وتوت، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "اللجان البرلمانية المختصة لا تعرف أي شيء عما يجري في مفاوضات إخراج القوات الأميركية، وهي تتابع الملف عبر التصريحات والبيانات الإعلامية". وأوضح أن "الحكومة لم تطلعنا حتى الآن على ما وصلت إليه بشأن المفاوضات". وأقرّ وتوت بأن عمل اللجان المشتركة التفاوضية "متوقفة منذ فترة من دون أن يكون هناك إعلان رسمي عن أي حوارات بين الجانبين ولا نعرف ما أسباب ذلك، ما إذا كان له علاقة بالانتخابات الرئاسية الأميركية (نوفمبر/تشرين الثاني المقبل)، أو أن هناك أسبابا أخرى، خصوصاً أن كل التصريحات الأميركية تؤكد على عدم الانسحاب، وإنما تغيير عنوان بقاء القوات الأجنبية فقط".
ياسر وتوت: التسويف في قضية إخراج القوات الأميركية قد يدفع الفصائل إلى العودة لاستهداف المصالح الأميركية
وحذّر من أن "استمرار التسويف في قضية إخراج القوات الأميركية، قد يدفع الفصائل العراقية المسلحة إلى العودة لاستهداف المصالح والأهداف الأميركية في العراق والمنطقة"، موضحاً أن "العمليات أوقفت بسبب تلك المفاوضات ولعدم التأثير عليها، فيما الإخفاق فيها بشكل معلن أو غير معلن ربما سيعيد تلك العمليات".
وتواصلت "العربي الجديد" مع كاظم الفرطوسي، المتحدث باسم "كتائب سيد الشهداء"، إحدى الفصائل العراقية المسلحة، والذي شدّد على أنهم "ينتظرون تعليقاً من الحكومة العراقية بشأن استفسارات قدمت لهم عن آخر ما توصلت إليه مفاوضات بغداد وواشنطن". وأضاف، في اتصال عبر الهاتف، أن "موقف تنسيقية المقاومة الإسلامية العراقية واضح ومعلن. الإخفاق في إخراج القوات الأميركية عبر التفاوض يعني أننا سنتحرك". وقال: "نحن منحنا الفرصة للحكومة العراقية، لكن في حال عدم حسم الملف سريعاً ووضع جدول زمني معلن للانسحاب، فإن الفصائل ستفرض طريقتها الخاصة لإخراج العسكريين الأميركيين".