بغداد تريد "حلاً سياسياً" مع أنقرة بشأن العمال الكردستاني
نفت وزارة الخارجية العراقية وجود أي اتفاق مع تركيا بشأن تحركاتها العسكرية الأخيرة ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية، وأكدت حرصها على "إيجاد حلول سياسية للملف بدلاً من الحل العسكري"، طارحة في الوقت نفسه إمكانية استنساخ تجربة "المعارضة الإيرانية في العراق" التي تمت باتفاق بين بغداد وطهران. ويواصل الجيش التركي عمليات القصف الجوي والبري لمناطق وجود مسلحي حزب العمال الكردستاني وتحركاتهم، وهو ما تسبب باندلاع حرائق كبيرة في مزارع الأهالي وتدمير مئات الدونمات الزراعية.
وتسبب توغل القوات التركية داخل العراق في تناقض تصريحات المسؤولين العراقيين بشأنها. وقال مستشار رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الصميدعي، قبل أيام، إن هناك تنسيقاً بين الحكومتين العراقية والتركية بخصوص العمليات العسكرية للجيش التركي في إقليم كردستان، وأكد أن حزب العمال الكردستاني يقوم بعمليات إجرامية، وأن "الحكومة العراقية صنفته منظمة إرهابية، والعمليات التركية تجري وفق تنسيق بين بغداد وأنقرة". وقال وزير الدفاع التركي يشار غولر، أمس الخميس، إن عمليات "المخلب - القفل" في شمال العراق ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني ستنتهي في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، قبل حلول الشتاء.
وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أمس الخميس، إنه "لا يوجد أي ضوء أخضر من الجانب العراقي للأتراك لشن عملية عسكرية شمالي العراق"، مبيناً، في تصريحات لقناة الحرة الأميركية، أن "الجيش التركي موجود داخل الأراضي العراقية منذ عام 1991 في بعض مناطق محافظة دهوك، وأن مسألة وجود الجيش التركي ستكون نقطة تتم مناقشتها خلال اجتماعات تعقد مع المسؤولين الأتراك قريباً"، وأضاف أن "الأتراك يربطون وجود قواتهم داخل الأراضي العراقي بوجود حزب العمال الكردستاني، وأن هذه المشكلة (العمال الكردستاني) هي مشكلة تركية، وحاليا أصبحت عراقية أيضا، وبالتالي يجب التعامل معها بالطريقة العراقية".
وأشار حسين إلى ما حدث مع طهران من قبل، قائلا: "توصلنا مع الجانب الإيراني لمجموعة من الاتفاقات في ما يتعلق بالأحزاب المسلحة المعارضة له في الإقليم، ويمكن استخدام النموذج نفسه مع تركيا وحزب العمال"، مشيراً إلى أنه "جرى تحويل بعض أعضاء هذه الأحزاب الإيرانية المعارضة إلى مخيمات اللجوء، وآخرين سافروا إلى خارج العراق". وكانت بغداد وطهران قد أعلنتا توقيع اتفاقية أمنية بين البلدين في منتصف العام الماضي 2023، تقضي بتفكيك معسكرات المعارضة الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان العراق، وقد أقدمت السلطات العراقية على إنشاء مخيمين لإيواء الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة بعد نزع سلاحها وإقصائها عن الحدود العراقية الإيرانية، وشغلت قوات عراقية وقوات البيشمركة المناطق الحدودية بعدما أبعدت عنها تلك الجماعات.
من جهتها، أعلنت منظمة السلام العالمي الأميركية (CPT)، أن الجيش التركي قصف إقليم كردستان 285 مرة خلال 27 يوماً. وقال مسؤول مكتب حقوق الإنسان في المنظمة كامران عثمان إنه "وفقاً لإحصائيات المنظمة، فإن الجيش التركي قصف إقليم كردستان 285 مرة خلال الفترة من 15 يونيو/حزيران إلى 11 يوليو/تموز الجاري، معظمها في حدود محافظة دهوك، ما تسبب بإخلاء ثماني قرى في قضاء العمادية بمحافظة دهوك بشكل كامل، وهناك 602 قرية معرضة لخطر الإخلاء". وأضاف عثمان، في تصريح لمحطة إخبارية كردية، اليوم الجمعة، أن "نحو 182 عائلة نزحت من القرى الحدودية التابعة لمحافظة دهوك خلال هذه الفترة، معظم أفرادها كانوا على حدود قرية نيسكا، وجرى إجلاء جميع السكان، أي 26 عائلة"، مؤكداً أن القصف تسبب "بإحراق 65 ألف دونم من الأراضي الزراعية في محافظة دهوك".
ويمثّل نشاط مسلحي حزب العمال الكردستاني داخل العراق واتخاذه منطلقاً لشن اعتداءات متكررة داخل تركيا العقدة الأبرز في المباحثات بين تركيا والعراق. لكن تقدماً واضحاً تحقق هذا العام بعد اعتبار العراق "العمال الكردستاني" منظمة محظورة، والتعهد بالعمل مع تركيا في هذا الإطار.