البرلمان العراقي يستأنف عمله وسط زحمة ملفات وأزمة اختيار رئيس جديد
أعلن البرلمان العراقي أمس الأحد بدء فصله التشريعي الأول من السنة الثالثة له، وسط زحمة ملفات ثقيلة أبرزها العملية المتعثرة لانتخاب رئيس جديد له خلفا لرئيسه المقال بقرار قضائي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي. ومع دخول البلاد بعطلة شهر مُحرّم التي تستمر عدة أيام لإحياء طقوس عاشوراء الدينية في مدن جنوب ووسط البلاد، حيث يتوافد ملايين الزائرين للعتبات الدينية في النجف وكربلاء في ظل استنفار أمني، فإن التوقعات ترجح عقد الجلسة الأولى للبرلمان في نهاية الأسبوع المقبل.
وتنتظر البرلمان قوانين العفو العام، والأحوال المدنية، ومكافحة العنف الأسري، عدا عن ملفات استدعاء عدد من الوزراء أبرزهم الكهرباء والصحة والدفاع، إلا أن مهمة اختيار رئيس جديد للبرلمان هو ما يتصدر الحدث الرئيسي في قبة مجلس النواب العراقي.
واليوم الاثنين، نقلت صحيفة "الصباح"، العراقية شبه الرسمية، عن عضو البرلمان العراقي، ضياء الهندي، تأكيده أن التحالف منح القوى السياسية السنية موعداً أخيراً للاتفاق على شخصية رئيس البرلمان العراقي الجديد، وفي حال عدم الاتفاق يصار إلى تصويت النواب على المرشحين للمنصب، (بشكل حر والأغلبية لمن يحصل على أعلى عدد أصوات). وقال الهندي للصحيفة إن "البرلمان سيبدأ أعماله عقب انتهاء زيارة العاشر من محرم"، متوقعاً أن "يتم حسم اختيار رئيس مجلس النواب الجديد في الجلسة الأولى أو الثانية من الفصل التشريعي".
وأشار إلى "صحة" الأخبار المتداولة بشأن نية رئيس البرلمان بالوكالة، محسن المندلاوي، تغيير النظام الداخلي للبرلمان، بما يسمح بفتح الباب أمام شخصيات جديدة للترشح من أجل شغل منصب رئيس البرلمان في حال عدم اتفاق المكون السني على أي من المرشحين المتنافسين (سالم العيساوي، ومحمود المشهداني). وأضاف الهندي أن "هناك اتفاقاً شبه كامل داخل المكون السني على اختيار العيساوي مرشحا لهذا المنصب"، موضحاً أن "كتلة شيعية كبيرة كانت تعارض ترشيح العيساوي قد غيرت موقفها، مما أسهم في تقريب وجهات النظر بشأنه".
وبهذا الصدد، يترقب العراقيون نتائج الجلسة المقبلة، والتي قد تشهد تغييرات مهمة في هيكلية البرلمان وقيادته، ما يعكس تطورات جديدة في المشهد السياسي العراقي. ورغم مرور ثمانية أشهر على إقالة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي بقرار من المحكمة الاتحادية العليا بتهمة التزوير، ما زالت الخلافات قائمة على اختيار بديله، بين القوى السياسية العراقية، رغم كل الوساطات التي أطلقتها أطراف مختلفة داخل البيت السياسي السني وضمن التحالف الحاكم في العراق "الإطار التنسيقي".
ووفقا لآلية المحاصصة الطائفية المتبعة في العملية السياسية بالعراق منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، فإن منصب رئيس البرلمان يكون للعرب السنة، ورئيس الحكومة للعرب الشيعة، بينما يمنح الكرد منصب رئاسة الجمهورية الذي يعتبر منصبا تشريفيا دون أي صلاحيات تنفيذية.
وقال القيادي في تحالف "الإطار التنسيقي"، الحاكم بالبلاد، والذي يجمع القوى السياسية الشيعية في البرلمان، عائد الهلالي إنه تم تحديد العشرين من يوليو/تموز الجاري موعداً لحسم تسمية رئيس جديد للبرلمان، مؤكداً أنه بعد هذا الموعد سيترك الأمر لأعضاء مجلس النواب ليختاروا بأنفسهم من يرونه مناسباً لهذا المنصب.
وأضاف الهلالي أنه "في حال عدم اتفاق القوى السياسية السنية فيما بينهم، فسيتم عقد جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب، بأولى جلسات الفصل التشريعي، ويترك الأمر للنواب وأي مرشح يحصل على أعلى الأصوات سيكون هو الرئيس الجديد"، مشدداً على أنه "لا تأجيل في ذلك، فقوى الإطار تريد حسم الملف سريعاً، كونه أثر سلباً في العمل التشريعي والرقابي".
وأخفق البرلمان العراقي لخمس مرات تباعا في حسم الملف، في ظل انقسام بين الأطراف السياسية في دعم أحد المرشحين للمنصب، وهما محمود المشهداني مرشح حزب تقدم، وسالم العيساوي مرشح الأطراف السنية (السيادة والعزم والحسم)، والذي حصل على أغلبية الأصوات خلال جلسة البرلمان العراقي الأخيرة.
وشهدت الجلسة الأخيرة لانتخاب رئيس البرلمان العراقي الجديد التي عقدت في نهاية مايو/أيار الماضي عراكاً بالأيدي، وأصيب أحد النواب بجرح في رأسه جراء مشاجرة بين نائبين ينتمي كل واحد منهما إلى حزبٍ يُنافس الآخر للظفر بالمنصب، فضلاً عن شتائم وسباب بين النواب والمندلاوي، الأمر الذي أفضى إلى تدخل قوات الأمن لفض الشجار، ومغادرة معظم النواب ورؤساء الكتل السياسية قاعة البرلمان، ورفع الجلسة حتى إشعار آخر.