العراق يواصل عمليات إعادة نازحي مخيم الهول السوري
قال مسؤولون عراقيون في العاصمة بغداد إن برنامج إعادة عراقيي مخيم الهول السوري، الذي يقع تحت إدارة مليشيات قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، لن يتغير، حيث يسعى العراق إلى تفكيك المخيم الواقع على مقربة من حدوده ضمن محافظة الحسكة الحدودية مع نينوى، شمالي العراق. وخلال الساعات الماضية، أعاد مراقبون طرح مستقبل التنسيق بين العراق وقوات "قسد" في ظل التطورات التي شهدتها سورية بعد إسقاط نظام بشار الأسد وسيطرة قوات المعارضة السورية على البلاد.
وزارة الهجرة العراقية أكدت أن ملف إعادة النازحين العراقيين من الهول أمر مرهون بقرار السلطات الأمنية العليا في العراق. وقال وكيل وزارة الهجرة العراقية كريم النوري في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "العراق ملتزم ببرنامج إعادة النازحين من مخيم الهول على دفعات"، موضحا أن وزارة الهجرة غير مسؤولة عن اتخاذ القرار بشأن تحديد الأعداد العائدة من المخيم أو موعدها، كونها جهة يقع على عاتقها استقبال العائدين وإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع مرة ثانية.
من جهته، قال سعيد الجياشي، المستشار في مستشارية الأمن القومي العراقي، لـ"العربي الجديد"، إن بلاده لن توقف عمليات إعادة النازحين من مخيم الهول السوري، وستواصل ذلك وفقا للجداول الزمنية التي تم وضعها مسبقا، وبالتنسيق بشأنها مع إدارة المخيم وقوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي، مضيفا أن "العراق حريص على إنهاء ملف مخيم الهول وتفكيكه وإعادة جميع النازحين العراقيين إلى بلادهم"، مبينا أن السلطات العراقية وجهت أكثر من دعوة للمجتمع الدولي ودول العالم للإسراع بإعادة رعاياها من المخيم السوري من أجل التمهيد لإغلاقه.
وأوضح المسؤول العراقي أن التطورات في الأراضي السورية تجري في شمال سورية وغربيها وهي بعيدة عن منطقة الهول الواقعة في محافظة الحسكة، شرقي سورية، فضلا عن أن المنطقة تخضع لسيطرة القوات الكردية والتي لغاية الآن ليست طرفا في الصراع الدائر، مشيرا إلى أن دفعات إعادة النازحين من الهول ستتواصل إلى العراق بعد إكمال عمليات التدقيق الأمني بشكل كامل، مشددا على أن جميع العائدين من الهول إلى العراق يتم تدقيقهم أمنيا ولا يوجد أي نازح تتم إعادته إلى مخيم الجدعة في العراق وتوجد عليه مؤشرات أمنية، مؤكدا أن عودة نازحي الهول لا تشكل أي خطر أو تهديد للوضع الأمني العراقي، بل على العكس إن بقاء المخيم هو التهديد الحقيقي للعراق.
وتواصل "العربي الجديد" مع نازحين من داخل مخيم الهول أكدوا أن هناك مخاوف من تأجيل عودتهم ضمن الدفعات المقررة مسبقا بسبب التطورات في سورية، وقال أحمد الخاتوني، وهو أحد سكان قضاء البعاج النازحين إلى مخيم الهول، إن النازحين ينتظرون شمول أسمائهم بدفعات العودة الجديدة إلى العراق، واليوم يخشون من تأجيل السلطات العراقية أو القوات الكردية لإعادتهم بسبب الأحداث الأخيرة، مشيرا إلى أن حراس المخيم التابعين لقوات سوريا الديمقراطية أبلغوا سكان المخيم بتوقف عمليات إعادة النازحين إلى العراق خلال الفترة الحالية لحين انتظار ما ستؤول إليه الأمور في سورية ولا سيما في الجهة الشرقية.
ويقول الناشط السياسي العراقي عبد القادر النايل لـ"العربي الجديد"، إن "الكثير من العراقيين الموجودين في مخيم الهول هم مواطنون مدنيون أبرياء نزحوا أثناء العمليات العسكرية من مناطق مختلفة سواء في القائم أو ربيعة أو غيرها وأجبرتهم قوات قسد بعد اعتقال الرجال على السكن في مخيم الهول، ولأنهم من العرب السنة أصبح تصنيفهم أنهم إرهابيون"، مشددا على أن النازحين العراقيين في مخيم الهول لن ولم يشكل وجودهم أي خطر على العراق وهم لديهم مناطق ومنازل خاصة يتوجب إعادتهم وتعويضهم عن كل ضرر لحق بهم، وأشار إلى أن على بعض الأطراف العراقية الكف عن التعامل مع نازحي مخيم الهول بنَفَس طائفي وإلصاق التهم بهم بغية التغيير الديموغرافي، لافتا إلى أن إعادة النازحين من المخيم السوري تصب في مصلحة الاستقرار في العراق، لأن بقاءهم في مخيم الهول ظلم واستهداف لن يساهم بزرع الثقة بين الحكومة والمجتمع، معربا عن استغرابه تعامل الحكومة العراقية مع نازحي الهول، حيث إنها من جهة تؤكد على حربها ضد داعش ولكنها في الوقت نفسه تترك الأطفال العراقيين في المخيم يعيشون مع عائلات داعش.
وفي نوفمبر / تشرين الثاني الماضي أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، محمد الحسّان، أن البعثة الأممية وضعت ملف إعادة العراقيين من مخيم الهول السوري من ضمن أولويات برنامجها. وبحسب الأمم المتحدة والسلطات العراقية، فإن أكثر من عشرة آلاف نازح عراقي عادوا من مخيم الهول منذ مايو/ أيار 2021، على دفعات آخرها في أكتوبر/ تشرين الاول الماضي. وتشير التقديرات إلى أن مخيم الهول يضم نحو 50 ألف شخص، بينهم أجانب ينتمون لما يقرب من 60 دولة، فضلا عن نازحين ولاجئين عراقيين يزيد عددهم عن 25 ألف نازح. وتعمل الحكومة العراقية على إعادة مئات العائلات العراقية الموجودة في مخيم الهول تدريجياً، فتنقل دفعات منها في محطات زمنية متقاربة إلى مخيم الجدعة الواقع في محافظة نينوى المجاور لمحافظة الحسكة السورية، ليتابع أفراد تلك العائلات هناك دورات تأهيل نفسي واجتماعي وتعليمي، قبل السماح لهم بالعودة إلى منازلهم في مدنهم الأصلية التي تركوها قبل احتلال تنظيم داعش في عام 2014.